منتديات امة الحبيب

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

نحن امه اجتمعت علي حب النبي صلي الله عليه وسلم


    هدي النبي صلّى الله عليه و سلّم في عيادة المريض

    hichou78
    hichou78
    عضو ماسي
    عضو ماسي


    تاريخ التسجيل : 04/02/2010

    هدي النبي صلّى الله عليه و سلّم في عيادة المريض Empty هدي النبي صلّى الله عليه و سلّم في عيادة المريض

    مُساهمة من طرف hichou78 الثلاثاء فبراير 09, 2010 6:38 pm

    هدي النبي صلّى الله عليه و سلّم في عيادة المريض


    الحمد لله وكفى والصّلاة والسّلام على النّبيّ المجتبى. أما بعد: فإنّه لما كان هديه في شأنه كله خير الهدي وأحسنه وأكمله، وقد أمرنا الله تعالى باتباعه فقال ] وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا [ (الحشر: من الآية7) ورغبنا وحثنا على امتثال هديه فقال ] لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ [ (الأحزاب: من الآية21) كان لازما على كل محب له الاقتداء به في ذلك كله. ولا يتيَسر له ذلك إلا بالعلم والاحفاء والتنقيب عن سنته ثم بعد ذلك يتأسى ويقتدي به.

    وسنحاول بإذن الله في هذه الكلمات ذكر بعض هديه صلّى الله عليه و سلّم في عيادة المريض

    أولاً: حكم عيادة المريض

    عيادة المريض سنة على الأعيان فرض على الكفاية. والأحاديث في مشروعيتها مشهورة ثابتة، فقد جعلها الشارع من حقوق المسلم على المسلم. فعن أبي هريرة t قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلّى الله عليه و سلّم يَقُولُ: (( حَقُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ خَمْسٌ: رَدُّ السَّلَامِ، وَعِيَادَةُ الْمَرِيضِ، وَاتِّبَاعُ الْجَنَائِزِ، وَإِجَابَةُ الدَّعْوَةِ، وَتَشْمِيتُ الْعَاطِسِ )) ( رواه البخاري ومسلم )

    وفي رواية لمسلم (( خَمْسٌ تَجِبُ لِلْمُسْلِمِ عَلَى أَخِيهِ: رَدُّ السَّلَامِ، وَتَشْمِيتُ الْعَاطِسِ، وَإِجَابَةُ الدَّعْوَةِ، وَعِيَادَةُ الْمَرِيضِ، وَاتِّبَاعُ الْجَنَائِزِ ))

    وعند البخاري عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صلّى الله عليه و سلّم قَالَ (( أَطْعِمُوا الْجَائِعَ، وَعُودُوا الْمَرِيضَ، وَفُكُّوا الْعَانِيَ ))

    وهذا كله لا ينافي من كونها سنة على الأعيان لأنّ معنى كونها حق ووصفها بالايجاب والأمر بها على معنى أنها فرض على الكفاية، وفروض الكفايات مندوبات في حق الأعيان كما قرره الشاطبي في الموافقات ( 1/252)

    وهذا هو اختيار شيخ الاسلام ابن تيمية كما في الاختيارات ص (85)، والحافظ في الفتح (3/113)، ونقل النووي الاجماع على عدم الوجوب

    وقال القاضي عياض في الإكمال ج(7/ 46): < وأما عيادة المريض فمندوب إليه إلا فيمن لا قائم عليه، فعلى المسلمين فرض على الكفاية القيام عليه وتمريضه لئلا يضيع ويموت جوعا وعطشا، وذلك

    أصل سنة عيادة المريض لتفقد الحال المرضى والقيام عليهم، ولفظة حق لا تقتضي الوجوب حيث وقعت. >

    وأما وصفها بالايجاب فكما قال الخطابي في المعالم (1/90) في كلامه على حديث (( غسل الجمعة واجب على كل محتلم )) قال: < قوله "واجب" معناه وجوب الاختيار والاستحباب دون وجوب الفرض، كما يقول الرجل لصاحبه: حقك واجب عليّ وأنا أوجب حقك، وليس بمعنى اللزوم الذي لا يسع غيره.. )) اهـ

    ويشهد لصحة هذا التأويل ما أخرجه مسلم في صحيحه عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: (( كُنَّا جُلُوسًا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلّى الله عليه و سلّم إِذْ جَاءَهُ رَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ ثُمَّ أَدْبَرَ الْأَنْصَارِيُّ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه و سلّم: يَا أَخَا الْأَنْصَارِ كَيْفَ أَخِي سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ؟ فَقَال:َ صَالِحٌ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه و سلّم : مَنْ يَعُودُهُ مِنْكُمْ؟ فَقَامَ وَقُمْنَا مَعَهُ وَنَحْنُ بِضْعَةَ عَشَرَ مَا عَلَيْنَا نِعَالٌ وَلَا خِفَافٌ وَلَا قَلَانِسُ وَلَا قُمُصٌ نَمْشِي فِي تِلْكَ السِّبَاخِ، حَتَّى جِئْنَاهُ فَاسْتَأْخَرَ قَوْمُهُ مِنْ حَوْلِهِ حَتَّى دَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه و سلّم وَأَصْحَابُهُ الَّذِينَ مَعَهُ. ))

    ثانيـاً: فضل عيادة المريض

    عيادة المريض من الطاعات المرغب فيها، العظيمة الأجر، وقد ثبت في فضلها أحاديث كثيرة منها:

    - روى مسلم عَنْ ثَوْبَانَ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صلّى الله عليه و سلّم قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه و سلّم (( مَنْ عَادَ مَرِيضًا لَمْ يَزَلْ فِي خُرْفَةِ الْجَنَّةِ حَتَّى يَرْجِعَ ))

    والخُرْفَة بضم الخاء وتسكين الراء هو ما يجتبى من نخلها

    - وروى أحمد عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه و سلّم (( مَنْ عَادَ مَرِيضًا لَمْ يَزَلْ يَخُوضُ فِي الرَّحْمَةِ حَتَّى يَجْلِسَ فَإِذَا جَلَسَ اغْتَمَسَ فِيهَا ))

    وروى أحمد وأبو داود والترمذي عن عَلِي بن أبي طالب رضي الله عنه قال سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلّى الله عليه و سلّم يَقُولُ (( مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَعُودُ مُسْلِمًا غُدْوَةً إِلَّا صَلَّى عَلَيْهِ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ حَتَّى يُمْسِيَ، وَإِنْ عَادَهُ عَشِيَّةً إِلَّا صَلَّى عَلَيْهِ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ حَتَّى يُصْبِحَ وَكَانَ لَهُ خَرِيفٌ فِي الْجَنَّةِ. ))

    ثالثـاً: وقت عيادة المريض

    قال ابن القيم: < لم هديه صلّى الله عليه و سلّم أن يخصّ يوما من الأيام لعيادة المريض، ولا وقتا من الأوقات، بل شرع لأمته عيادة المريض ليلا ونهارا وفي سائر الأوقات >.

    ويدل عليه ما رواه الامام أحمد عن (( مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَعُودُ مُسْلِمًا إِلَّا ابْتَعَثَ اللَّهُ سَبْعِينَ أَلْفَ مَلَكٍ يُصَلُّونَ عَلَيْهِ أَيَّ سَاعَةٍ مِنْ النَّهَارِ كَانَتْ حَتَّى يُمْسِيَ وَأَيَّ سَاعَةٍ مِنْ اللَّيْلِ كَانَتْ حَتَّى يُصْبِحَ ))

    وخاصة بالنسبة لأقارب المريض وأصدقائه ونحوهم ممن يأنس بهم أو يشق عليهم إذا لم يروه كل يوم

    ويشهد لهذا كذلك حديث البخاري عن عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ (( أُصِيبَ سَعْدٌ يَوْمَ الْخَنْدَقِ.. فَضَرَبَ النَّبِيُّ صلّى الله عليه و سلّم خَيْمَةً فِي الْمَسْجِدِ لِيَعُودَهُ مِنْ قَرِيبٍ ))

    وقد بوّب أبو داود على هذا الحديث فقال: (( باب في العيادة مرارا ))، وسار على هذا النووي فبوّب على هذا الحديث في كتابه الخلاصة (( باب تكرير العيادة ))

    وهذا ما لم يعلم أن المريض أو أهله يتأذوا من ذلك لقوله صلّى الله عليه و سلّم (( لا ضرر ولا ضرار ))

    قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: < أما بالنسبة للزمن المناسب فيختلف بحسب ما تقتضيه حالة المريض ومصلحته، ولا نقيدها بأنها بكرة أو عشية كما قيّدها بعض العلماء، بل نقول هذه ترجع لأحوال الناس، وهي تختلف بحسب حال المريض فإذا قدّرنا أنّ المريض جعل له وقتا يجلس فيه للناس فليس من المناسب أن تعوده في غير هذا الوقت لأنّ تخصيصه لزمن يعوده فيه الناس يدل على أنّه لا يرغب غير هذا وإلا لجعل الباب مفتوحا. >

    وأفاد أيضا فقال: < مسألة: هل يتأخر عند المريض ويتحدث إليه أو يعوده ثم ينصرف بسرعة؟

    هذه أيضا لا ينبغي أن تقيّد، فالصحيح في ذلك أنّه يرجع إلى ما تقتضيه الحال والمصلحة، فقد يكون المريض يحب من يعوده سواء محبة عامة أو يحب خاصة لشخص معين ويرغب أن يبقى عنده ويتحدث إليه ولا سيما إذا أنس بك المريض ورأيت أنه يحب أن تتحدث إليه مثل أن يسألك عن أحوال الناس أو أشياء يحب أن يطلع عليها فهنا ينبغي أن تمكث عنده. أما إذا علمت من حاله أنّه لا يرغب أن تبقى كثيرا مثل أن تراه يتململ وأنّ صدره ضائق فهنا تخرج ولا تبقى لأنّك تعلم أنّه لا يريد أن تبقى عنده والناس يختلفون. >

    رابعـاً: كيفية عيادة المريض

    أ ـ العيادة جماعة

    ذكر النووي أنه من السنة العيادة جماعة، واستدل بحديث مسلم عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ كُنَّا جُلُوسًا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلّى الله عليه و سلّم إِذْ جَاءَهُ رَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ ثُمَّ أَدْبَرَ الْأَنْصَارِيُّ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه و سلّم : يَا أَخَا الْأَنْصَارِ كَيْفَ أَخِي سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ؟ فَقَال:َ صَالِحٌ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه و سلّم : مَنْ يَعُودُهُ مِنْكُمْ؟ فَقَامَ وَقُمْنَا مَعَهُ وَنَحْنُ بِضْعَةَ عَشَرَ مَا عَلَيْنَا نِعَالٌ وَلَا خِفَافٌ وَلَا قَلَانِسُ وَلَا قُمُصٌ نَمْشِي فِي تِلْكَ السِّبَاخِ، حَتَّى جِئْنَاهُ فَاسْتَأْخَرَ قَوْمُهُ مِنْ حَوْلِهِ حَتَّى دَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه و سلّم وَأَصْحَابُهُ الَّذِينَ مَعَهُ. ))

    - ويشرع عند زيارة المريض إذا حضرت الصلاة أن يصلي المريض بعواده جماعة. والدليل هو ما رواه البخاري عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ النَّبِيَّ صلّى الله عليه و سلّم دَخَلَ عَلَيْهِ نَاسٌ يَعُودُونَهُ فِي مَرَضِهِ فَصَلَّى بِهِمْ جَالِسًا فَجَعَلُوا يُصَلُّونَ قِيَامًا، فَأَشَارَ إِلَيْهِمْ اجْلِسُوا فَلَمَّا فَرَغَ قَالَ (( إِنَّ الْإِمَامَ لَيُؤْتَمُّ بِهِ، فَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا، وَإِذَا رَفَعَ فَارْفَعُوا، وَإِنْ صَلَّى جَالِسًا فَصَلُّوا جُلُوسًا ))

    وقد احتج البخاري بالحديث على ذلك

    وفي رواية لأبي داود عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ (( رَكِبَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه و سلّم فَرَسًا بِالْمَدِينَةِ فَصَرَعَهُ عَلَى جِذْمِ نَخْلَةٍ فَانْفَكَّتْ قَدَمُهُ فَأَتَيْنَاهُ نَعُودُهُ فَوَجَدْنَاهُ فِي مَشْرُبَةٍ لِعَائِشَةَ يُسَبِّحُ جَالِسًا. قَالَ: فَقُمْنَا خَلْفَهُ فَسَكَتَ عَنَّا ثُمَّ أَتَيْنَاهُ مَرَّةً أُخْرَى نَعُودُهُ فَصَلَّى الْمَكْتُوبَةَ جَالِسًا فَقُمْنَا خَلْفَهُ فَأَشَارَ إِلَيْنَا فَقَعَدْنَا. قَالَ فَلَمَّا قَضَى الصَّلَاةَ قَالَ: إِذَا صَلَّى الْإِمَامُ جَالِسًا فَصَلُّوا جُلُوسًا، وَإِذَا صَلَّى الْإِمَامُ قَائِمًا فَصَلُّوا قِيَامًا، وَلَا تَفْعَلُوا كَمَا يَفْعَلُ أَهْلُ فَارِسَ بِعُظَمَائِهَا ))

    قال الحافظ ابن حجر منكتا على قوله " في مشربه" أي التي في حجرة عائشة كما بيّنه أبو سفيان عن جابر، وهو دال على أنّ تلك الصلاة لم تكن في المسجد، وكأنّه عجز عن الصلاة بالناس في المسجد فكان يصلي في بيته بمن حضرة ))

    ب ـ الجلوس عند رأس المريض

    ويدل عليه حديث ـ وإسناده حسن ـ عن ابن عباس (( أنّ النبي صلّى الله عليه و سلّم كان اذا عاد مريضا جلس عند رأسه ))

    وقد ذكر البخاري هذا الحديث في الأدب المفرد تحت باب: أين يقعد العائد؟ مشيرا إلى هذه السنة ثم ثنى بعمل السلف بهذا الأدب فساق بسند صحيح عن الربيع بن عبد الله قال: ذهبت مع الحسن إلى قتادة نعوده فقعد عند رأسه فسأله ثم دعا له فقال: اللهم اشف قلبه، واشف سقمه ))

    ويشهد له ما رواه البخاري عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ (( كَانَ غُلَامٌ يَهُودِيٌّ يَخْدُمُ النَّبِيَّ صلّى الله عليه و سلّم فَمَرِضَ فَأَتَاهُ النَّبِيُّ صلّى الله عليه و سلّم يَعُودُهُ فَقَعَدَ عِنْدَ رَأْسِهِ .. ))

    ج ـ الدعاء له

    روى أبو داود عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ النَّبِيِّ صلّى الله عليه و سلّم قَالَ مَنْ عَادَ مَرِيضًا لَمْ يَحْضُرْ أَجَلُهُ فَقَالَ عِنْدَهُ سَبْعَ مِرَارٍ: أَسْأَلُ اللَّهَ الْعَظِيمَ رَبَّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ أَنْ يَشْفِيَكَ. إِلَّا عَافَاهُ اللَّهُ مِنْ ذَلِكَ الْمَرَضِ ))

    وروى أحمد عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِي رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلّى الله عليه و سلّم قَالَ (( إِذَا جَاءَ الرَّجُلُ يَعُودُ مَرِيضًا قَالَ اللَّهُمَّ اشْفِ عَبْدَكَ يَنْكَأُ لَكَ عَدُوًّا، وَيَمْشِي لَكَ إِلَى الصَّلَاةِ ))

    عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قال كَانَ النَّبِيُّ صلّى الله عليه و سلّم إِذَا دَخَلَ عَلَى مَرِيضٍ يَعُودُهُ قَالَ (( لَا بَأْسَ طَهُورٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ ..))

    د ـ مسحه باليمنى مع الدعاء له

    - روى البخاري ومسلم عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ النَّبِيَّ صلّى الله عليه و سلّم كَانَ يُعَوِّذُ بَعْضَ أَهْلِهِ يَمْسَحُ بِيَدِهِ الْيُمْنَى وَيَقُولُ (( اللَّهُمَّ رَبَّ النَّاسِ أَذْهِبْ الْبَاسَ اشْفِهِ وَأَنْتَ الشَّافِي لَا شِفَاءَ إِلَّا شِفَاؤُكَ شِفَاءً لَا يُغَادِرُ سَقَمًا. ))

    قال ابن حجر في الفتح ج(10/207): يمسح بيمينه أي على الوجع. وقال الطبري: هو على طريق التفاؤل لزوال ذلك الوجع.

    - وروى أبو داود عن سَعْد بن أبي وقاص صلّى الله عليه و سلّم قَالَ (( اشْتَكَيْتُ بِمَكَّةَ فَجَاءَنِي النَّبِيُّ صلّى الله عليه و سلّم يَعُودُنِي وَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى جَبْهَتِي ثُمَّ مَسَحَ صَدْرِي وَبَطْنِي ثُمَّ قَالَ اللَّهُمَّ اشْفِ سَعْدًا وَأَتْمِمْ لَهُ هِجْرَتَهُ ))

    قال ابن بطال: في وضع اليد على المريض تأنيس له وتعرف لشدة مرضه ليدعو له بالعافية على حسب ما يبدو له منه، وربما رقاه بيده ومسح على ألمه بما ينتفع به العليل إذا كان العائد صالحا.

    قال ابن حجر: وقد يكون العائد عارفا بالعلاج فيعرف العلة فيصف له ما يناسبه

    وينبغي للعائد أن يبادر إلى نفع المريض بما تقدم ولا ينتظره لأن يطلب ذلك فيوقعه في الحرج لما جاء في حديث السبعين ألفا الذين يدخلون الجنة بغير حساب (( وأنهم لا يسترقون ))

    قال ابن القيم: وذلك لأنّ هؤلاء دخلوا الجنة غير حساب لكمال توحيدهم، ولهذا نفى عنهم الإسترقاء وهو سؤال الناس أن يرقوهم، ولهذا قال "وعلى ربهم يتوكلون" فلكمال توكلهم على ربهم وسكونهم إليه وثقتهم به ورضاهم عنه وإنزال حوائجهم به لا يسألون الناس شيئا لا رقية ولا غيرها.. والراقي متصدق محسن والمسترقي سائل والنبي صلّى الله عليه و سلّم رقى ولم يسترق وقال من استطاع منكم أن ينفع أخاه فلينفعه ))

    كذلك ينبغي أن يذكره بقوله صلّى الله عليه و سلّم (( عَجَبًا لِأَمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ وَلَيْسَ ذَاكَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلْمُؤْمِنِ، إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ ))

    ويذكره بما ينفعه ويأمره بالصب لئلا يتسخط على قدر الله ويسليه عن ألمه، بل يغبطه بسقمه إلى غير ذلك من جبر خاطره وخاطر أهله.

    خامسـاً: عيادة المشرك

    وهي تشرع إذا رجي من ذلك أن يجيب إلى الدخول في الإسلام أو أن يقع بعيادته مصلحة أخرى

    فقد روى البخاري عَنْ أَنَسٍ t قَالَ (( كَانَ غُلَامٌ يَهُودِيٌّ يَخْدُمُ النَّبِيَّ صلّى الله عليه و سلّم فَمَرِضَ فَأَتَاهُ النَّبِيُّ صلّى الله عليه و سلّم يَعُودُهُ فَقَعَدَ عِنْدَ رَأْسِهِ ))

    وروى البخاري عن سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِيهِ قال لَمَّا حَضَرَتْ أَبَا طَالِبٍ الْوَفَاةُ جَاءَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه و سلّم فَوَجَدَ عِنْدَهُ أَبَا جَهْلِ بْنَ هِشَامٍ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي أُمَيَّةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه و سلّم لِأَبِي طَالِبٍ: يَا عَمِّ قُلْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ كَلِمَةً أَشْهَدُ لَكَ بِهَا عِنْدَ اللَّهِ، فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ يَا أَبَا طَالِبٍ أَتَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ. فَلَمْ يَزَلْ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه و سلّم يَعْرِضُهَا عَلَيْهِ وَيَعُودَانِ بِتِلْكَ الْمَقَالَةِ حَتَّى قَالَ أَبُو طَالِبٍ آخِرَ مَا كَلَّمَهُمْ هُوَ عَلَى مِلَّةِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَأَبَى أَنْ يَقُولَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه و سلّم: أَمَا وَاللَّهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ مَا لَمْ أُنْهَ عَنْكَ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِ مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ الْآيَةَ.. ))

    سادسـاً: عيادة النساء الرجال والرجال النساء ولو كانوا أجانب

    وهذا بشرط التستر والأمن من الفتنة والابتعاد عن الخلوة المحرمة. والدليل ما رواه البخاري عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه و سلّم الْمَدِينَةَ وُعِكَ أَبُو بَكْرٍ وَبِلَالٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا. قَالَتْ فَدَخَلْتُ عَلَيْهِمَا قُلْتُ: يَا أَبَتِ كَيْفَ تَجِدُكَ؟ وَيَا بِلَالُ كَيْفَ تَجِدُكَ؟ قَالَت: وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ إِذَا أَخَذَتْهُ الْحُمَّى يَقُولُ: كُلُّ امْرِئٍ مُصَبَّحٌ فِي أَهْلِهِ وَالْمَوْتُ أَدْنَى مِنْ شِرَاكِ نَعْلِهِ. وَكَانَ بِلَالٌ إِذَا أَقْلَعَتْ عَنْهُ يَقُولُ: أَلَا لَيْتَ شِعْرِي هَلْ أَبِيتَنَّ لَيْلَةً بِوَادٍ وَحَوْلِي إِذْخِرٌ وَجَلِيلُ، وَهَلْ أَرِدَنْ يَوْمًا مِيَاهَ مِجَنَّةٍ وَهَلْ تَبْدُوَنْ لِي شَامَةٌ وَطَفِيلُ. قَالَتْ عَائِشَةُ فَجِئْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلّى الله عليه و سلّم فَأَخْبَرْتُهُ فَقَالَ: اللَّهُمَّ حَبِّبْ إِلَيْنَا الْمَدِينَةَ كَحُبِّنَا مَكَّةَ أَوْ أَشَدَّ اللَّهُمَّ وَصَحِّحْهَا وَبَارِكْ لَنَا فِي مُدِّهَا وَصَاعِهَا وَانْقُلْ حُمَّاهَا فَاجْعَلْهَا بِالْجُحْفَةِ ))

    وهذا الحديث احتج به البخاري في صحيحه على عيادة النساء الرجال. وقد اعترض عليه بأنّ ذلك كان قبل الحجاب فقد ورد في بعض طرقه (( وذلك قبل الحجاب )) وأجاب الحافظ على هذا فقال: وأجيب بأن ذلك لا يضره فيما ترجم له من عيادة المرأة الرجل، فإنّه يجوز بشرط التستر والذي يجمع بين الأمرين ما قبل الحجاب وما بعده الأمن من الفتنة. ))

    وفي صحيح مسلم عن جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلّى الله عليه و سلّم دَخَلَ عَلَى أُمِّ السَّائِبِ فَقَالَ: مَا لَكِ يَا أُمَّ السَّائِبِ تُزَفْزِفِينَ قَالَتْ الْحُمَّى لَا بَارَكَ اللَّهُ فِيهَا. فَقَالَ: لَا تَسُبِّي الْحُمَّى فَإِنَّهَا تُذْهِبُ خَطَايَا بَنِي آدَمَ كَمَا يُذْهِبُ الْكِيرُ خَبَثَ الْحَدِيدِ. )).



    والله الموفق وحده لا ربّ سواه

      الوقت/التاريخ الآن هو الجمعة أبريل 19, 2024 3:16 pm