الحديث السادس عشر
عن أبي هريرة رضي الله عنه. ( أن رجلاً قال للنبي صلّى الله عليه و سلّم أوصني ، قال : لا تغضب ، فردد مراراً ، قال : لا تغضب ) رواه البخاري .
---------------------------------------------------------
معاني الكلمات :
أوصني : أي اعهد لي بوصية جامعة .
لا تغضب : الغضب جمرة يلقيها الشيطان في قلب ابن آدم فيغلي القلب .
الفوائد :
1- حرص الصحابة على السؤال والفائدة .
2- التحذير من الغضب .
3- علاج الغضب يكون بأمــــــــور :
أولاً : الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم .
عن ســــليمان بن صرد قال ( استب رجلان عند النبي صلّى الله عليه و سلّم فجعل أحدهما تحمر عيناه وتنتفخ أوداجــه ، فقال رســــول الله صلّى الله عليه و سلّم : إني لأعلم كلمة لو قالها لذهب عنه الذي يجـــد ، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ) متفق عليه .
ثانياً : تغيير الهيئة .
عن أبي ذر . قال : قال رسول الله e : ( إذا غضب أحدكم وهو قائم فليجلس ، فإن ذهب عنه الغضب وإلا فليضطجــع ) رواه أبو داود .
ثالثاً : الوضوء .
قال صلّى الله عليه و سلّم : ( إن الغضب من الشيطان ، وإن الشيطان خلق من النار ، وإنما تطفأ النار بالماء ، فإذا غضب أحدكم فليتوضأ ) رواه أبو داود .
رابعاً : السكوت .
عن ابن عباس . قال : قال صلّى الله عليه و سلّم : ( علموا وبشرو ا ، وإذا غضبت فاسكت ، وإذا غضبت فاسكت ، وإذا غضبت فاسكـــت ) رواه أحمد .
خامساً : من كتم غضبه فله الجنة .
فقد جاء في رواية عند الطبراني لهذا الحديث ( ... لا تغضب ولك الجنــة ) .
سادساً : معرفة فضل من كتم غيظه .
قال تعالى : ] ... والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين [ .
وقال صلّى الله عليه و سلّم : ( ليس الشديد بالصرعة ، ولكن الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب ) متفق عليه .
وقال صلّى الله عليه و سلّم : ( ما تجرع عبد جرعة أفضل عند الله من جرعة غيظ يكظمها ابتغاء وجه الله تبارك وتعالى ) رواه ابن ماجه
4- الغضب ينقسم إلى قسمين :
القسم الأول : مذموم ، وهو الغضب الدنيوي الذي حذرنا منه النبي صلّى الله عليه و سلّم كما في حديث الباب .
القسم الثاني : وهو محمود ، ما كان لله وللحق .
قالت عائشة ( وما انتقم رسول الله صلّى الله عليه و سلّم لنفسه إلا أن تنتهك حرمات الله ) متفق عليه .
5- قال الشيخ السعدي رحمه الله : ” قوله : لا تغضب يتضمن أمرين :
أحدهما : الأمر بفعل الأسباب والتمرن على حسن الخلق والحلم والصبر .
الثاني : الأمر _ بعد الغضب _ أن لا ينفذ غضبـــه ، فإن الغضب غالباً لا يتمكن الإنسان من دفعه ورده ، ولكنه يتمكن من عدم تنفيــــذه “ .
6- نماذج من كتم الغيظ وعدم الغضب :
- حكي أن جارية تصب الماء لعلي بن الحسين ، فسقط الإبريق من يدها على وجهه فشجه ، أي جرحه ، فرفع رأسه إليها ، فقالت له : إن الله يقول : } والكاظمين الغيظ { فقال لها : قد كظمت غيظي ، قالت : } والعافين عن الناس { قال لها : قد عفوت عنك ، قالت : } والله يحب المحسنين ، قال : اذهبي فأنت حرة لوجه الله .
- روي أن رجلاً قال لعمر : إنك لا تقضي بالعدل ، ولا تعطي الحق . فغضب واحمر وجهه ، قيل له : يا أمير المؤمنين ، ألم تسمع أن الله يقول : } خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين { وهذا جاهل ، فقال : صدقت ، فكأنما كان ناراً فأطفئت .
- وحكي أن الفضيل بن عياض كان إذا قيل له : إن فلاناً يقع في عرضك ، يقول : والله لأغيظن من أمره ، يعني : إبليس ، ثم يقول : اللهم إن كان صادقاً فاغفر لي ، وإن كان كاذباً فاغفر له .