منتديات امة الحبيب

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

نحن امه اجتمعت علي حب النبي صلي الله عليه وسلم


    شرح الأربعين النّوويّة الحديث الأربعون

    hichou78
    hichou78
    عضو ماسي
    عضو ماسي


    تاريخ التسجيل : 04/02/2010

    شرح الأربعين النّوويّة الحديث الأربعون Empty شرح الأربعين النّوويّة الحديث الأربعون

    مُساهمة من طرف hichou78 الإثنين مارس 29, 2010 8:43 pm

    الحديث الأربعون


    عن ابن عمر رضي الله عنه . قال : ( أخذ رسول الله صلّى الله عليه و سلّم بمنكبيّ فقال : كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل ) .

    وكان ابن عمر يقول : إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح ، وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء ، وخذ من صحتك لمرضك ، ومن حياتك لموتك . رواه البخاري .
    -----------------------------------------------------


    معاني الكلمات :

    أخذ : أمسك .

    بمنكبي ّ : المنكب : مجتمع رأس العضد والكتف .

    كأنك غريب : أي مثل الغريب ، والغريب هو البعيد عن وطنه .

    أو عابر سبيل : قيل : أو للتخير والأحسن ، وقيل بمعنى : بل .



    الفوائد :

    1- قال النووي في شرح الحديث : معناه : لا تركن إلى الدنيا ولا تتخــذها وطناً ، ولا تحدث نفسك بطول البقاء فيها ، ولا بالاعتنــاء بها ، ولا تتعلــق منها إلا بماء يتعلق به الغريب في غير وطنه ، ولا تشتغل فيها بما لا يشتغل به الغريب الذي يريد الذهاب إلى أهله .

    2- التزهيد في الدنيا ، وأنه لا ينبغي للإنســان أن يتخذها وطناً يركن إليها ، وهــذا الحديث أصل في قصر الأمل في الدنيا ، وأن المـــــؤمن ينبغي أن يكون فيها كأنه على جناح سفر .

    قال صلّى الله عليه و سلّم ( ما مثلي ومثل الدنيا إلا كراكب استظل تحت شجرة ثم راح وتركها ) رواه الترمذي .

    - قال بعض العلماء : فتأمل هذا المثال ، ومطابقته للواقع سواء ، فإنها في خضرتها كشجرة ، وفي سرعة انقضائها وقبضها شيئاً فشيئاً كالظل ، والعبد مسافر إلى ربه ، والمسافر إذا رأى شجرة في يوم صائف لا يحسن به أن يبني تحتها داراً ، ولا يتخذها قراراً ، بل يستظل بها بقدر الحاجـــة ، ومتى زاد على ذلك انقطع عن الرفاق .

    - وقال تعالى } اعلموا أنما الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة وتفاخر بينكم وتكاثر في الأموال والأولاد كمثل غيث أعجب الكفار نباته ثم يهيج فتراه مصفراً ثم يكون حطاماً وفي الآخرة عذاب شديد ومغفرة من الله ورضوان وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور { .

    بين الله تعالى في هذه الآية حال الدنيا التي افتتن الناس بها الذين قصر نظرهم ، وبيّن أنها من محقرات الأمور التي لا يركن إليها العقلاء ، فضلاً عن الافتتان بها والانهماك في طلبها وقتل الوقت في تحصيلها بأنها لعب لا ثمرة فيه سوى التعب ، ولهو تشغل صاحبها وتلهيه عما ينفعــه في آخرته ، وزينة لا تفيد المفتون بها شرفاً ذاتياً ، ثم أشار سبحانه وتعالى إلى أنها مع ذلك سريعــة الزوال ، قريبة الاضمحلال ، كمثل غيث راقَ الزراع نباته الناشيء به ، ثم يهيج ويتحرك وينمو ، فسرعان ما تراه مصفراً متغيراً ذابلاً بعدما رأيتــه أخضر ناضراً ، ثم يصير من اليبس هشيماً متكسراً .

    من أقوال السلف :

    - قال عيسى ابن مريم : من ذا الذي يبني على موج البحار داراً ، تلكم الدنيا فلا تتخذوها قراراً .

    - وقال موسى عليه الصلاة والسلام : اعبروهــا ولا تعمروهـــا .

    - وقال أبو الدرداء لأهل الشام : يا أهل الشام ! ما لي أراكم تبنون ما لا تسكنون ، وتجمعون ما لا تأكلـــون ، وتًؤمّلون ما لا تدركــون ، إن الذين قبلكم بنوا مشيداً وأملوا بعيداً وجمعوا عتيداً ، فأصبح أملهم غروراً ، ومساكنهم قبوراً .

    - قال عمر بن عبد العزيز : ألا إن الدنيا بقاؤها قليل ، وعزيزها ذليل ، وغنيها فقير ، وشابها يهرم ، وحيها يموت ، فلا يغرنكم إقبالها مع معرفتكم بسرعة إدبارها ، فالمغرور من اغتر بها .

    وقال علي : ارتحلت الدنيا مدبرة ، وارتحلت الآخرة مقبلة ، ولكل واحد منهما بنون ، فكونوا من أبناء الآخرة ولا تكــونـــوا من أبناء الدنيا ، فإن اليوم عمل ولا حساب وغداً حساب ولا عمل .

    وقال ابن السماك : إن الموتى لم يبكوا من الموت ، ولكنهم يبكون من حسرة الفوات ، فاتتهـــم والله دار لم يتزودوا منها ، ودخلوا داراً لم يتزودوا لها .

    وقال بعض العلماء : أيها الإنسان إنما أنت نازل من الدنيا في منزل تعمره أيام عمرك ، ثم تخليـــه عند موتك لمن ينزله بعدك .

    قال الشاعر :

    إن لله عبـــــــــــاداً فــطــنـــا طلقوا الدنيـــا وخافـــوا الفتــنـــا

    نظروا إليهــــا فلما علموا أنــــها ليســــــــــت لحـــي وطنــــــا

    جعلوهــا لجـــة واتخــــذوا صــــــــالح الأعمـــال فيها سفنــا

    أحسن علاج للزهد في الدنيا وعدم الركون إليها هو قصر الأمل .

    قال ابن القيم : قصر الأمل : هو العلم بقرب الرحيل ، وسرعــة انقضاء مدة الحياة ، وهو من أنفع الأمور للقلب ، فإنه يبعثـــه على معافصة الأيام ، وانتهاز الفرص التي تمر مر السحاب ، ومبادرة طيء صحائف الأعمال ، ويثير ساكن عزماته إلى دار البقاء ، ويحثــــه على قضاء جهاز سفره ، وتدارك الفارط ، ويزهده في الدنيا ، ويرغبــــه في الآخـــرة ، فيقوم بقلبه _ إذا داوم مطالعة قصر الأمل _ شاهد من شواهد اليقين ، يريـــه فناء الدنيا ، وسرعة انقضائها ، وقلة ما بقي منها ، وأنها قد ترحلت مدبرة ، ولم يبق منها إلا صبابة كصبابة الإناء يتصابها صاحبها ، وأنها لم يبق منها إلا كما بقي من يوم صارت شمســــه على روؤس الجبال ، ويريه بقاء الآخرة ودوامــهــا ، وأنها قد ترحلت مقبلة ، وقد جاء أشراطها وعــــلاماتها ، وأنها مع لقائها كمســـــافر قد خــرج صاحبه يتلقاه ، فكل منهما يسير إلى الآخر ، فيوشك أن يلتقيا سريعاً .

    إلى أن قال رحمه الله :

    ويكفي في قصر الأمل :

    قوله تعالى } أفرأيت إن متعناهم سنين ثم جاءهم ما كانوا يوعدون ما أغنى عنهم ما كانوا يمتعون { .

    وقوله تعالى } ويوم يحشرهم كأن لم يلبثــــوا إلا ساعة من النهار يتعارفون بينهم { .

    وقوله تعالى } كأنهم يوم يرونها لم يلبثوا إلا عشية أو ضحاها { .

    وقوله تعالى } قالوا لبثنا يوماً أو بعض يوم فاسأل العادين قال إن لبثتم إلا قليلاً لو أنكم كنتم تعلمون { .

    وقوله تعالى } كأنهم يوم يرون ما يوعدون لم يلبثوا إلا ساعة من نهار بلاغ فهل يهلك إلا القوم الفاسقون { .

    وخطب النبي e أصحابه يوماً والشمس على روؤس الجبال فقال : إنه لم يبق من الدنيا فيما مضى منها إلا كما بقي من يومكم هذا فيما مضى منه .

    ثم قال رحمه الله :

    وقصر الأمل بناؤه على أمريـــن :

    تيقن زوال الدنيا ومفارقتهـــا .

    وتيقن لقاء الآخــرة وبقائها ودوامها .

    - كان علي رضي الله عنه ، يشتد خوفه من اثنتين : طول الأمل ، واتباع الهوى ، قال : فأما طول الأمل فينسي الآخـــرة ، وأما اتباع الهوى فيصد عن الحق .

    - وحكي في قصر الأمل أن امرأة حبيب أبي محمد قالت : كان يقول لي – تعني أبا محمد – إن مت اليوم فأرسلي إلى فلان يغسلني ويفعل كذا وكذا ، واصنعي كذا ، فقيل لها : أرى رؤيا ؟ قالت : هكذا يقول كل يوم .

    - وعن إبراهيم بن سبط قال : قال لي أبو زرعة : لأقولن لك قولاً ما قلتـــه لأحد سواك : ما خرجت من المسجد منذ عشرين سنة ، فحدثتني نفسي أن أرجـــع من ذلك .

    3- ينبغي على المسلم أن يبادر بالأعمال الصالحات قبل هجوم هاذم اللذات ، فإنه لا يدري متى يأتيـــه .

    فكل أحد سيموت .

    قال تعالى } كل نفس ذائقة الموت { .

    وقال تعالى } أينما تكونوا يدركــم الموت { .

    ولا يعرف أحد متى سيموت .

    قال تعالى } وما تدري نفس ماذا تكسب غداً وما تدري نفس بأي أرض تموت { .

    ويستحب الإكثار من ذكر الموت .

    قال e ( أكثروا ذكر هاذم اللذات ) رواه الترمذي .

    فوائد ذكر الموت :

    يردع عن المعاصي _ ويلين القلب القاسي _ ويذهب السرور بالدنيا _ ويزهد فيها _ ويهــــون المصـــائب _ ويبعث على الجد والاجتهــاد في العمل للآخــرة .

    فالمقصود الأعظم من ذكر الموت الاستعداد له بالعمل الصالح .

    قال تعالى } حتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب ارجعون لعلي أعمل صالحاً فيما تركت كلا إنها كلمة هو قائلها ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثـــون { .

    وقال تعالى } وأنفقوا مما رزقناكم من قبل أن يأتي أحدكم الموت فيقول رب لولا أخرتني إلى أجل قريب فأصدق وأكن من الصالحين ولن يؤخر الله نفساً إذا جاء أجلها والله خبير بما تعملون { .

    بالموت ينقطع عمل الإنسان .

    قال e ( إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث .... ) رواه مسلم .

    من أقوال السلف :

    قال الحسن : فضح الموت الدنيا فلم يترك لذي عقل عقلاً .

    وقال بعض العلماء : من ذكر الموت هانت عليه مصائب الدنيا .

    وقال آخر يوصي أخاً له : يا أخي احذر الموت في هذه الدار من قبل أن تصير إلى دار تتمنى بها الموت فلا تجده .

    وقال شميط بن عجلان : من جعل الموت نصب عينيه لم يبال بضيق الدنيا ولا بسعتها .

    وقال أبو الدرداء : إذا ذكر الموتى فعد نفسك كأحدهم .

    4- أن الإنسان ينبغي أن يستغل عمره في طاعة الله قبل حلول الآفات ، ولهذا قال ابن عمر : خذ من صحتك لمرضك ، ومن حياتك لموتك ، يعني : اغتنم الأعمال الصالحــة ، قبل أن يحول بينك وبينها السقم ، وفي الحياة قبل أن يحول بينك وبينها الموت .

    وقد جاءت نصوص في الحث على العمل والمبادرة إليه :

    ففي صحيح البخاري عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلّى الله عليه و سلّم ( نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس : الصحة والفراغ ) رواه البخاري .

    وقال e ( اغتنم خمساً قبل خمس : شبابك قبل هرمك ، وصحتك قبل سقمك ، وغناك قبل فقرك ، وفراغك قبل شغلك ، وحياتك قبل موتك ) رواه الحاكم .

    قال ابن رجب رحمه الله : والمراد من هذا أن هذه الأشياء كلها تعوق عن الأعمال ، فبعضها يشغل عنه ، إما في خاصة الإنسان ، كفقره ، وغناه ، ومرضه ، وهرمه ، وموته ، وبعضها عام كقيام الساعة وخروج الدجال ، وكذلك الفتن المزعجــة ، كما جاء في الحديث : بادروا بالأعمال فتناً كقطع الليل المظلم .

    وقال عمر : التؤدة في كل شيء خير إلا ما كان من أمر الآخــــرة .

    وكان الحسن يقول : عجباً لقوم أمروا بالزاد ، ونودي فيهم بالرحيل ، وحبس أولهم على آخرهم ، وهم قعود يلعبــــــون .

    وقال أبو حازم : إن بضاعة الآخرة كاسدة ، يوشك أن تنفق فلا يوصل منها إلى قليل ولا كثير .

    وكانوا يبادرون بالأعمال غاية ما يمكن :

    فكان ابن عمر يقوم في الليل فيتوضأ ويصلي ، ثم يغفي إغفاء الطير ، ثم يقوم فيتوضأ ويصلي ، ثم يغفي إغفاء الطير ، ثم يقوم يصلي ، يفعل ذلك مراراً .

    وكان عمير بن هانى يسبح كل يوم مائة ألف تسبيحة .

    وقال أبو بكر بن عياش : ختمت القرآن في هذه الزاوية ثمانية عشر ألف ختمة .

    5- إن الإنسان إذا لم يستغل حياته وصحته فإنه يندم حين لا ينفع الدم ، ويتمنى الرجوع فلا يستطيع .

    قال تعالى } أن تقول نفس يا حسرتى على ما فرطت في جنب الله وإن كنت لمن الساخرين أو تقول لو أن الله هداني لكنت من المتقين أو تقول حين ترى العذاب لو أن لي كرة فأكون من المحسنين { .

    وقال تعالى } حتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب ارجعون لعلي أعمل صالحاً فيما تركت كلا إنها كلمة هو قائلها ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون { .

    قال سعيد بن جبير : كل يوم يعيشه المؤمن غنيمــة .

    6- امتثل ابن عمر وصية رسول الله صلّى الله عليه و سلّم قولاً وعملاُ .

    أما قولاً ، فإنه كان يقول : إذا أصبحت فلا تنتظر المساء ، وإذا أمسيت فلا تنتظر الصباح ، وخذ من صحتك لمرضك ومن حياتك لموتك .

    وأما في الفعل : فقد كان t على جانب كبير من الزهد فيها والقناعــة منها باليسير الذي يقيم صلبه ويستر بدنه ، وما سوى ذلك يقدمه لغده .

    قال جابر بن عبد الله : ما رأينا أحداً إلا قد مالت به الدنيا أو مال بها إلا عبد الله بن عمر .

    وقالت عاشة : ما رأيت أحداً ألـــزم للأمر الأول من ابن عمر .

      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس مارس 28, 2024 11:25 am