أوقات وأحوال إجابة الدعاء

أوقات وأحوال إجابة الدعاءالحمد لله حمدا يوافي نعمه، ويدفع نقمه، وأشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له ، من دعاه أكرمه، ومن أعرض عنه حرمه، وأشهد أنّ محمّدا عبده ورسوله، خير الخصال والكلام ألهمه، وجوامع الدّعاء علّمه، صلّى الله عليه وسلّم وعلى آله وصحبه وكلّ من اتّبعه وعظّمه، أمّـا بعد: فهذه معظم الأوقات والأحوال التي جاء النّص فيها على أنّه من أدركها وهو ملتجأ إلى الله بدعائه إلاّ أجابه الله، وهي تصل إلى خمس عشرة حالة، سنذكرها -إن شاء الله تعالى- بأدلتهـا:
1. حـــالة السّجــود :
عن أبي هريرة قال: أنّ رسول الله قـال: « أَقرَبُ مَا يَكونُ العَبدُ مِن رَبِّهِ وَهُوَ سَاجِدٌ، فأَكثِرُوا الدُعَاءَ ». [رواه مسلم]
2. جــوف اللّيل الآخــر:
عن أبي هريرة أنّ النبيّ قـال:« يَنزِلُ رَبُنَا كُلَ لَيلةٍ إِلَى السَّمَاء الدُّنيَا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيلِ الآخِر، فَيَقُول: مَن يَدْعُوني فَأَستَجِيبَ لَهُ، مَنْ يَسأَلُني فَأُعْطِيَهُ، مَنْ يَسْتَغفِرُني فَأَغْفِرَ لَهُ». [متفق عليه]
وفي رواية لمسلم فال:« إِذَا مَضَى شَطْرُ اللَّيْلِ أَوْ ثُلُثَاهُ يَنْزِلُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا فَيَقُولُ هَلْ مِنْ سَائِلٍ يُعْطَى هَلْ مِنْ دَاعٍ يُسْتَجَابُ لَهُ هَلْ مِنْ مُسْتَغْفِرٍ يُغْفَرُ لَهُ حَتَّى يَنْفَجِرَ الصُّبْحُ ».
3. دبر الصلوات المكتوبة:
عن أبي أُمـامة قـال: يا رسول الله! أَيُّ الدُّعَـاءِ أَسْمَع ؟ قـال :« جَوفُ اللَّيلِ الآخِر، وَدُبُرُ الصَّلَوَاتِ المَكتُوبَات ». [رواه الترمذي]
أَسْمَع: أي مجاب.
4. بين الأذان والإقامة:
عن أنس عن النّبي قـال:« لا يُرَدُ الدُّعَـاءُ بَينَ الأَذَان والإقَامَةِ ». [رواه أبو داود وصححه الألباني في تحقيقه سنن أبي داود ]
وروى الإمام أحمد عن جابر بن عبد الله عن النّبي قال: « إِذَا ثُوِّبَ بالصَّلاَةِ فُتِحَت أَبْوابُ السَّماَءِ وأُجِيبَ الدُّعَاءُ ».
5. عند الصّف للقتال في سبيل اللّه:
عن سهل بن سعد السّاعدي عن النّبي قـال: « ثِنْتَـانِ لاَ تُـرَدَانِ -وفي رواية-: قَلَّمَا تُرَدَّان، الدُّعَاء عِندَ النّدَاء، وَعِندَ البَأْسِ حِينَ يُلْحِمُ بَعْضُهُم بَعضاً». [رواه أبو داود]
6. آخر ساعة من يوم الجمعة:
عن جابر بن عبد الله عن رسول الله قال:« يَومُ الجُمُعَة اثْنَتَا عَشْرَةَ سَاعَةً لاَ يُوجَدُ فِيهَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ يَسْأَلُ اللهَ شَيْئاً إِلاَّ آتَاهُ إِيَّاهُ، فَالتَمِسُوهَا آخِرَ سَاعةٍ بَعْدَ العَصْرِ ».[ رواه أبو داود والنسائي واللفظ له]
وروى الشيخان عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه و سلم ذكر يوم الجمعة فقال فِيهِ سَاعَةٌ لاَ يُوَافِقُهَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي يَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى شَيْئًا إِلاّ أَعْطَاهُ إِيَّاهُ وَأَشَارَ بِيَدِهِ يُقَلِّلُهَا ).
وروى ابن ماجه عن عبد الله بن سلام قال: قلت ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس إنا لنجد في كتاب الله في يوم الجمعة ساعة لا يوافقها عبد مؤمن يصلي يسأل الله فيها شيئا إلا قضى له حاجته قال عبد الله فأشار إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:" بَعْضُ سَاعَةٍ ". فقلت صدقت أو بعض ساعة قلت أي ساعة هي قال :" آخِرُ سَاعَاتِ النَّهَارِ" قلت إنها ليست ساعة صلاة. قال :" بَلْ إِنَّ الْعَبْدَ الْمُؤْمِنَ إِذَا صَلَّى، ثُمَّ جَلَسَ لَمْ يَحْبِسْهُ إِلا الصَّلاةُ، فَهُوَ فِي صَلاةٍ ".
وفي سنن الترمذي عن أنس عن النبّي قال: « اِلتَمِسُوا السَّاعَةَ الَّتي تُرْجَى في يَومِ الجُمُعَة بَعدَ العَصْرِ إِلَى غَيْبُوبَةِ الشَّمْسِ ».
7. حــالة السّفر.
8. دعــاء الوالــد.
9. وقـــوع الظّلم.
روى أبو داود عن أبي هريرة أن النبّي قال:« ثَلاَثَةُ دَعَوَات مُسْتَجَابَات لاَشَكَ فِيهِنَّ، دَعوَةُ الوَالِدِ، وَدَعْوَةُ المَسَافِرِ، ودَعوَةُ المَظْلُومِ ».
10. عند نــزول المـطر:
روى الحاكم وصححه الألباني في المشكاة عن سهل بن سعد قـال: قال رسول الله :« ثِنتَانِ مَا تُرَدَان: الدُّعَاء عِندَ النِّدَاءِ وَتحْتَ المَطَرِ ».
11. حالة الاضطرار (الضُّـر):
قال تعالى:﴿ أَمَّن يُجِيبُ المُضطَرَ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السَّوءَ ﴾.[ النمل:62]
12. عند حضور الملائكة:
عن أبي هريرة أن النبّي قال:« إِذَا سَمِعْتُم صِيَاحَ الدِّيَكَةِ فَاسْأَلُوا اللهَ مِن فَضْلِهِ، فَإِنَّهَا رَأَتْ مَلَكاً». [ رواه البخاري ومسلم]
قال القاضي عياض-رحمه الله-: كأن السبب فيه رجَاء تأمين الملائكة على دعائه، واستغفارهم له، وشهادتهم له بالإخلاص.
13. عند إفطار الصّائم:
عن أبي هريرة قـال: قـال رسـول الله :« ثَـلاَثةٌ لاَ تُرَدُ دَعْوَتُهُمْ: ..-وذكر منها-: وَالصَّـائِمُ حَتَّى يُفْطِرَ ». [رواه الترمذي وصححه الألباني في تحقيقه سنن الترمذي ]
تنبيـه: ذكر الإمام العادل في هذا الحديث ضعيفة
14. بعض الأماكن الفاضلة:
كالمساجد والحرم، وعند الصفا والمروة، وعند المشعر الحرام، وفي يوم عرفة كما قال النبيّ :« خَيْرُ الدُّعَاء دُعَاءُ يَوم عَرَفَة ». [رواه الترمذي]
وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما:" أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا في مسجد الفتح(قباء) ثلاثا يوم الاثنين ويوم الثلاثاء ويوم الأربعاء فاستجيب له يوم الأربعاء بين الصلاتين فعرف البشر في وجهه "
قال جابر: فلم ينزل بـي أمر مهم غليظ إلا توخيت تلك الساعة فأدعو فيها فأعرف الإجابة. [رواه أحمد]
15. بعد الاستيقاظ من النّوم ذاكراً اللَّه:
عن عبـادة بن الصَّـامت أن النبّي قـال: « مَنْ تَعَارَ مِنَ اللَّيلِ فَقَال: لاَ إِلَه إِلاَّ الله وَحْدَهُ لا َشَريكَ لَهُ، له المُلكُ وَلَهُ الحَمد وَهُو عَلى كُلِ شَيءٍ قَدير، الحَمْدُ للهِ، وسُبحَانَ الله، وَلا َإِله إِلاَّ الله، والله أكبَر، وَلا َحَول ولا َقُوةَ إلاَّ بالله، ثُم قـال: اللَّهُم اغفِر لِي-أو دعا- اسْتُجيبَ لَهُ، فَإِن تَوضَأَ قُبِلَت صَلاَتهُ ». [رواه البخاري]
وأخيراً نسأل الله تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى، أن يتقبل دعاءنا، وأن يجعل أعمالنا خالصة لوجهه الكريم، إنّه وليّ ذلك والقادر عليه.
والله أعلى وأعلم وهو الموفق لكل خير والهادي إلى سواء السبيل وسبحانك الّلهمّ وبحمدك أشهد ألا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك.
[الأحاديث التي لم أشير إلى تصحيحها انظرها في صحيح الترغيب والترهيب للشيخ الألباني-رحمه الله