منتديات امة الحبيب

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

نحن امه اجتمعت علي حب النبي صلي الله عليه وسلم


    ملخص السيـرة النبـوية 3 جمعها الشيخ عبد الحليم الجزائري حفظه الله

    hichou78
    hichou78
    عضو ماسي
    عضو ماسي


    تاريخ التسجيل : 04/02/2010

    ملخص السيـرة النبـوية  3  جمعها  الشيخ  عبد الحليم  الجزائري  حفظه الله Empty ملخص السيـرة النبـوية 3 جمعها الشيخ عبد الحليم الجزائري حفظه الله

    مُساهمة من طرف hichou78 الثلاثاء فبراير 09, 2010 7:13 pm

    مرحلـة الدّعـوة الـجهرية: وبعد أن قضى رسول الله صلّى الله عليه و سلّم ثلاث سنوات في سبيل الدّعوة الفردية، ووجد لـها آذاناً صاغية، ورجالا صالحين من صميم قريش وتـمهّدت لـها السّبل، وتـهيّأ لظهوره الـجوّ، أنزل الله تعالى على رسوله صلّى الله عليه و سلّم ]وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ(215) فَإِنْ عَصَوْكَ فَقُلْ إِنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تَعْمَلُونَ(216)[ [الشعراء]. فجمع رسول الله عشيرته الأقربين، وهم بنو هاشم، ومعهم نفر من بنـي الـمطّلب، فقال بعد الحمد وشهادة التوحيد: إنّ الرّائد لا يكذب أهله، والله لو كذبت النّاس جـميعا ما كذبتكم، ولو غررت النّاس ما غررتكم، والله الّذي لا إله إلاّ هو إنّـي لرسول الله إليكم خاصّة وإلى النّاس كافّة، والله لتموتنّ كما تنامون، ولتبعثنّ كما تستيقظون، ولتحاسبنّ بـما تعملون، ولتجزون بالإحسان إحسانا وبالسّوء سوءا. وإنّها للجنّة أبدا أو النّار أبدا.

    فتكلّم القوم كلاما ليّنا غير أبي لـهب. فإنّه قال: يا بني عبد الـمطّلب هذه والله السّوءة خذوا على يديه قبل أن يأخذ على يديه غيركم فإن أسلمتموه حينئذ ذللتم وإن منعتموه قتلتم.

    فقال أبو طالب: والله لنمنعنّه ما بقينا، وقال أيضاً: امض لـما أمرت به فوالله لا أزال أحوطك وأمنعك، غير أنـي لا أجد نفسي لا تطاوعنـي إلى فراق دين عبد الـمطّلب.

    وفي غضون ذلك نزل قوله تعالى:]فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ[ [الحجر :94].

    فصعد رسول الله صلّى الله عليه و سلّم ذات يوم على الصّفا، فعلا أعلاها حجرا، ثـمّ هتف يَا صَبَاحَاهْ ». فقالوا:من هذا، الّذي يهتف ؟ قالوا: محمّد، فاجتمعوا إليه، فقال: « أرأيتكم لو أخبرتكم أنّ خيلاً بالوادي تريد أن تغير عليكم أكنتم مصدّقيَّ ؟ قالوا: نعم ما جرّبنا عليك إلا صدقا. قال: فإنّـي نذير لكم بين يدي عذاب شديد ! ومثلـي ومثلكم كمثل رجل رأى العدّو فانطلق يربأُ أهله فخشي أن يسبقوه فجعل يهتف يا صباحاه ».

    ثـمّ دعاهم إلى شهادة أن لا إله إلاّ الله وأنَّ محمّدا رسول الله. وبيّن لـهم أن هذه الكلمة هي ملاك الدّنيا ونـجاة الآخرة. ثـمّ حذّر وأنذرهم عذاب الله إن بقوا على شركهم، ولـم يؤمنوا بـما جاء به من عند الله، وإنّه مع كونه رسول لا ينقذهم من العذاب ولا يغنيهم من الله شيئاً.

    وعمّ هذا الإنذار وخصّ فقال:« يا معشر قريش أنقذوا أنفسكم من النّار، فإنّـي لا أُغنـي عنكم من الله شيئا، يا بنـي عبد مناف أنقذوا أنفسكم من النّار فإنّـي لا أُغنـي عنكم من الله شيئا، يا بنـي عبد شـمس أنقذوا أنفسكم من النّار فإنّـي لا أُغنـي عنكم من الله شيئا، يا بنـي كعب بن لـؤي أنقذوا أنفسكم من النّار فإنّـي لا أُغنـي عنكم من الله شيئا، يا عبّاس عمّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أنقذ نفسك من النّار فإنّـي لا أُغنـي عنك من الله شيئا، يا صفية عمّة محمّد، ويا فاطمة بنت محمّد أنقذا أنفسكما من النّار فإنّـي لا أملك لكما من الله شيئا، غير أنّ لكما رحـما سأبلها ببلالـها، إنّـي لكم نذير بين يدي عذاب شديد ».

    ولـمّا أتـمّ هذا الإنذار انقض النّاس وتفرّقوا، ولا يذكر عنهم أنّهم أبدوا أيّ معارضة أو تأييدا لـما سـمعوه، سوى ما ورد عن أبي لـهب أنّه واجه النّبيّ صلّى الله عليه و سلّم بالسّوء، فقال: تبّا لك سائر اليوم، ألِهذا جمعتنا ؟، ثـمّ قام. فنزلت:] تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ (1) مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ (2) سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ (3) وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ (4) فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ (5)[.[المسد]

    أذى الـمشركين للرّسول الكريـم صلّى الله عليه و سلّم: لاشكّ أنّ الاستجابة للأمر الإلـهيّ بإعلان الدّعوة اقتضى من الـمسلمين مواجهة الـمشركين بـحقائق التّوحيد وبفساد الشّرك، مـمّا جعل الـمشركين يُلحقون الأذى بالرّسول صلّى الله عليه و سلّم.

    وحيث أن رسول الله صلّى الله عليه و سلّم كان معزّزاً مـحتشما محترما، فقد تولّـى إذاءه كبراء قريش ورؤساؤهم، ولـم يـجترئ على ذلك أذنابـهم وعامتهم.

    وكان النّفر الّذين يؤذونه في بيته أبا لـهب. والحكم بن أبـي العاص بن أمية، وعقبة بن أبـي معيط، وعدي بن حـمراء الثقفي، وابن الصّداء الـهذلـي- وكانوا جيرانه r فكان أحدهم يطرح عليه رحم الشّاة وهو يصلِّي.

    وكان أمية بن خلف إذا رآه هـمزه ولـمزه.

    أما أبو لـهب فقد عاد وآذاه من أوّل يوم ظهرت فيه الدّعوة إلى الله.

    وكانت زوجته –أم جـميل- عدوّة لدودة لرسول الله صلّى الله عليه و سلّم ودعوته، فكانت تأتـي بالأغصان وفيها الشّوك، في طريق رسول الله صلّى الله عليه و سلّم.

    وسـمعت بنزول]تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ[ -فجاءت وفي يدها فهر- أي ملء الكف من الـحجار – وهي تبحث عن رسول الله صلّى الله عليه و سلّم وهو جالس مع أبـي بكر عند الكعبة فأخذ الله ببصرها، فلم تكن ترى إلاّ أبا بكر، فقالت: أين صاحبك؟ قد بلغنـي أنّه يهجونـي، والله لو وجهته لضربت بـهذا الفهر فاه، أما والله إنـي لشاعرة، ثـمّ قالت: مذمّـما عصينا ... وأمره أبينا ... ودينه قلينا

    ثـمّ انصرفت فقال أبو بكر: يا رسول الله أما تراها رأتك ؟ فقال :« ما رأتنـي ، لقد أخذ الله ببصرها عنـي ».

    واستمر النّبـيّ صلّى الله عليه و سلّم في دعوته وبدأ يـجهر بـها في نواديهم ومـجامعهم، يتلو عليهم كتاب الله، ويدعوهم إلى ما دعت إليه الرّسل: ] فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ [. [هود]. وبدأ يعبد الله أمام أعينهم، فكان يصلّي بفناء الكعبة نـهارا جهاراً وعلى رؤوس الأشهاد.وقد نالت دعوته بعض القبول، ودخل عدد من النّاس في دين الله واحد بعد واحد.

    تعذيب الـمسلمين: أمّا تعذيبهم الـمسلمين فقد أتوا فيه بألوان تقشعرّ لـها الجلود وتتفطّر منها القلوب. كان بلال بن رباح مـملوكا لأميّة بن خلف الـجمحي، فكان أميّة يجعل في عنقه حبلا، ويدفعه إلى الصّبيان.

    وكان يـخرج به في وقت الظّهيرة، فيطرحه على ظهره في الرّمضاء ثـمّ يأمر بالصّخرة العظيمة فتوضع على صدره وهو يقول: أحد أحد.

    ومرّ به أبو بكر رضي الله عنه يوما وهو يعذّب فاشتراه وأعتقه لله.

    وكان عامر بن فهيرة يُعذّب حتى يفقد وعيه، ولا يدري ما يقول

    وكان عمّار بن ياسر وأباه ياسرا وأخاه عبد الله بن ياسر وسـميّة بنت عمّار كانوا يعذّبون في الله فمرّ بـهم رسول الله صلّى الله عليه و سلّم فقال:« صبرا آل ياسر فإنّ موعدكم الـجنّة ».

    فمات ياسر في العذاب وأغلظت سـميّة لأبـي جهل فطعنها في قلبها فماتت رضوان الله عليها.وهي أوّل شهيدة في الإسلام.

    وعذّب مصعب بن عمير، كان من أنعم النّاس عيشاً، فلـما دخل في الإسلام منعته أمه الطّعام والشّراب، وأخرجته من البيت.

    هذه صورة مصغّرة لـما كان يعانيه رسول الله صلّى الله عليه و سلّم والـمسلون من قريش بعد إعلان الدّعوة والـجهر بـها.

    وقد اتّخذ رسول الله صلّى الله عليه و سلّم خطوتين إزاء هذا الـموقف الـمتأزّم.

    الـخطوة الأولـى: أنّه جعل دار الأرقم بن الأرقم الـمخزومي مركز الدّعوة والعبادة ومقرّ التّربية.

    الـخطوة الثانية: أنّه أشار على الـمسلمين أن يهاجروا إلى الحبشة، بعد أن تأكّد أنّ النّجاشي ملك لا يظلم عنده أحد.

    وفي رجب سنة خمس من النّبوّة، هاجرت أوّل دفعة من الـمسلمين، وكانوا اثنـي عشر رجلا وأربع نسوة، رئيسهم عثمان بن عفّان رضي الله عنه ومعه زوجته رقيّة بنت رسول الله صلّى الله عليه و سلّم وهـما أوّل بيت هاجر في سبيل الله بعد لوط وإبراهيم عليهما السّلام.

    موافقة الـمشركين للمسلمين وسجودهم في سورة النّجم: وفي رمضان سنة خمس من النّبوّة أي بعد هجرة الـمسلين بـحوالي شهرين خرج رسول الله صلّى الله عليه و سلّم إلى الـمسجد الـحرام وحول الكعبة جـمع كبير من قريش، فيهم ساداتـهم وكبراؤهم، وكانت قد نزلت عليه صلّى الله عليه و سلّم سورة النّجم، فقام فيهم، وأخذ يتلوها عليهم، وحتّى إذا تلا في خواتم السّورة زواجر وقوارع طارت لـها القلوب، وتلا في الأخير ]فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا[.[النجم]، وخرّ ساجدا وسجد الجميع، ولـم يـملكوا أنفسهم.

    روى البخاري عن ابن مسعود رضي الله عنه أنّ النّبـيّ صلّى الله عليه و سلّم قرأ سورة النّجم فسجد، فما بقي أحد من القوم إلاّ سجد، إلاّ رجل واحد أخذ كفّا من حصى فوضعه على جبهته، وقال: يكفينـي هذا. قال عبد الله: فلقد رأيته بعد قتل كافرا، وهو أمية بن خلف قتل يوم بدر.

    عودة الـمهاجرين إلى مكّـة: وصل هذا الخبر إلى الحبشة، ولكن في صورة تـختلف عن الواقع، فقد بلغهم أن قريشا أسلموا، فرجعوا فرحين مستبشرين إلى مكّة، فلـما كانوا دون مكّة ساعة من نـهار عرفوا جليّة الأمر، فمنهم من رجع إلى الحبشة، ومنهم من دخل مكّة سرًّا أو في جوار أحد من قريش.

    الـهجرة الثانية إلـى الـحبشة: واشتدّ البلاء على الـمسلمين من قريش ندما منهم على ما فرّط منهم من السجود مع الـمسلمين، وانتقاما لـما بلغهم عن النجاشي من حسن جواره للمهاجرين، ونظراً إلى هذه الظّروف القاسية أشار رسول الله صلّى الله عليه و سلّم على أصحابه رضي الله عنهم بالـهجرة إلى الحبشة مرّة أخرى. فهاجر اثنان أو ثلاثة وثـمانون رجلا وثـماني عشرة امرأة.

    وكانت هذه الـهجرة الثّانية أشقّ من الأولـى، لأن الـمشركين كانوا متيقّظين يتابعون حركة الـمسلمين، إلاّ أنّ الـمسلمين كانوا أكثر منهم تيقّظاً، وأحسن منهم حكمة، وأحكم منهم خطوة، فقد فا توهم إلى الحبشة رغم كلّ الـجهود.

    فشقّ على الـمشركون أن أفلت منهم الـمسلون، ووصلوا إلى مأمن يأمنون فيه على أنفسهم وإيـمانهم، فأرسلوا رجلين ، وهـما: عمرو بن العاص، وعبد الله بن ربيعة، وكان إذ ذاك على الشّرك.

    ونزل الرّجلان بالحبشة تحت خطّة مدبّرة، فاتصلا أوّلاً بالبطارقة، وساقا إليهم الـهدايا، وذكرا إليهم الـهدف، ولقّناهم الـحجّة، حتـىّ وافقهما، ثـمّ حضرا إلى النجاشي، فقدّما إليه الـهدايا، ثـمّ كلّـماه فقال:أيّها الـملك، إنّه قد ضوى إلى بلدك غلـمان منّا سفهاء، فارقوا دين قومهم ولـم يدخلوا في دينك، وجاءوا بدين ابتدعوه، لا نعرفه نـحن ولا أنت.

    وقد بعثنا إليك فيهم أشراف قومهم من آبائهم وأعمامهم وعشائرهم لتردّهم إليهم، فهم أبصر بـهم وأعلم بـما عابوا عليهم وعاتبوهم فيه.

    ولكنّ النّجاشـي احتاط في الأمر. ورأى أن يسمع القصّة من الطرفين حتـىّ يتضح له الحـقّ.فدعا الـمسلمين، وسألـهم: ما هذا الدّين الّذي فارقتم فيه قومكم، ولم تدخلوا في دينـى ولا في دين أحد من هذه الـملل ؟

    فتكلّم عنهم جعفر بن أبـي طالب، وقال: أيّها الـملك، كنّا قوما أهل جاهلية، نعبد الأصنام ونأكل الـميتة، ونأتـي الفواحش، ونقطع الأرحام، ونسيء الجوار، ويأكل القويّ منا الضّعيف، فكنّا على ذلك حتـىّ بعث الله إلينا رسولا منّا نعرف نسبه وصدقه وأمانته وعفافه.

    فدعانا إلى الله لنوحّده ونعبده ونخلع ما كنا نعبد نـحن وآباؤنا من دونه من الـحجارة والأوثان، وأمرنا بصدق الحديث وأداء الأمانة وصلة الرّحم وحسن الجـوار والكفّ عن الـمحارم والدّماء، ونـهانا عن الفواحش وقول الزّور وأكل مال اليتيم وقذف الـمحصنات، وأمرنا أن نعبد الله وحده لا نشرك به شيئا، وأمرنا بالصّلاة والزّكاة والصّيام.

    فصدّقناه وآمنّا به واتّبعناه على ما جاء به من الله، فعبدنا الله وحده فلم نشرك به شيئا، وحرّمنا ما حرّم علينا وأحللنا ما أحلّ لنا.

    فعدا علينا قومنا فعذّبونا وفتنونا عن ديننا ليردّونا إلى عبادة الأوثان وأن نستحل ما كنّا نستحلّ من الخبائث.

    فلـمّا قهرونا وظلمونا وضيّقوا علينا وحالوا بيننا وبين ديننا، خرجنا إلى بلادك واخترناك على من سواك ورغبنا في جوارك، ورجونا أن لا نظلم عندك أيها الملك.

    فلـما سـمع النّجاشـي هذا، طلب من جعفر قراءة شيء من القرآن فقرأ عليه آيات من سورة مريـم، فبكى النّجاشـي حتـىّ أخضلّت –أي ابتلّت- لحيته، وبكى الأساقفة حتىّ أخضلّوا-أي بلّوا- مصاحفهم، ثـمّ قال النّجاشي موجّها خطابه إلى وافدي قريش: إنّ هذا، الّذي سـمعت، والّذي جاء به عيسى ليخرج من مشكاة واحدة. انطلقا، فلا والله لا أسلّمهم إليكما ولا يُكادون فخرجا.

    وفي اليوم الثّانـي احتال عمر بن العاص حيلة أخرى فقال للنّجاشـي: أي الـمسلمين-يقولون في عيسى بن مريـم قولا عظيماً.

    فدعاهم النّجاشـي وسألـهم عن ذلك، فقال جعفر: نقول فيه الّذي جاءنا به النّبـيّ صلّى الله عليه و سلّم هو عبد الله ورسوله وروحه وكلمته ألقاها إلى مريـم العذراء البتول.

    فمدّ النّجاشـي يده فالتقط عودا من الأرض، ثـمّ قال: والله ما عدا –أي ما جاوز- عيسى بن مريـم ما قلت هذا العود.اذهبوا فأنتم آمنون بأرضي، من سبّكم غرم، وما أحبّ أن لـي جبلا من ذهب وأنـي آذيت رجلا منكم.

    ثـمّ أمر بردّ الـهدايا على مندوبـي قريش فخرجا مقبوحين، وأقام المسلمون بخير دار مع خير جار.

    إسلام حـمزة رضي الله عنه: وأثناء هذه الظّروف الّتـي كان يـمرّ بـها الرّسول صلّى الله عليه و سلّم والـمسلمون حدث ما أفضى إلى إسلام حـمزة بن عبد الـمطّلب رضي الله عنه عمّ رسول الله صلّى الله عليه و سلّم.

    وكان إسلامه أنفة، ثـمّ شرح الله صدره للإسلام، وكان أعزّ فـتى في قريش، وأقواهم شكيمة، حتـىّ سـمّي أسد الله، أسلم في ذي الـحجّة سنة ستٍّ من النّبوّة.

    إسلام عمـر رضي الله عنه: وبعد ثلاثة أيام من إسلام حمزة رضي الله عنه أسلم عمر بن الخطّاب رضي الله عنه وكان من أشدّ النّاس قسوة على المسلمين قبل إسلامه، فكان إسلامه نصراً هزّ مكّة بأكملها.

    عـزّة الإسلام والـمسلمين بإسلام عمـر: أمّا الـمسلمون فقد وجدوا عزّة وقوّة كبيرة بإسلام عمر رضي الله عنه ، فقد كانوا قبل ذلك يصلّون سرّاً، فلـما أسلم عمر قال: يا رسول الله ألسنا على الـحقّ وإن متنا وإن حيينا؟ قالبلى». قال: ففيم الاختفاء؟ والّذي بعثك بالحقّ لنخرجنّ، فخرجوا به في صفّين، حـمزة في أحدهـما وعمر في الآخر، حتى دخلوا الـمسجد الحرام، فلـما نظر إليه قريش أصابتهم كآبة لـم تصبهم مثلها.

    قال عبد الله ابن مسعود رضي الله عنه: ما زلنا أعزّة منذ أسلم عمر.

    وقال رضي الله عنه: والله ما استطعنا أن نصلّي عند الكعبة ظاهرين حتىّ أسلم عمر.

    وقال صهيب: لـما أسلم عمر ظهر الإسلام، ودعـى إليه علانية، وجلسنا حول البيت حلقاً، وطفنا بالبيت، وانتصفنا مـمن غلظ علينا، ورددنا بعض ما يأتـي به.

    الـمقاطعـة العّامـة وفرض الـحصار: زادت حيرة الـمشركين إذ نفدت بـهم الـحيل، ووجدوا بنـي هاشم وبنـي المطّلب مصمّمين على حفظ النّبـيّ صلّى الله عليه و سلّم والقيام دونه كائنا من كان، فاجتمعوا في خيف بنـي كنانة ليدرسوا الـموقف الرّاهن، ويقضوا فيه، فاستشاروا ثـمّ استشاروا حتّى وصلوا إلى حلٍّ غاشم تـحالفوا عليه. وهو أنـهم لا يناكحون بني هاشم وبني الـمطّلب، ولا يبايعونهم، ولا يـجالسونـهم ولا يـخالطونـهم، ولا يقبلون منهم صلحا أبداً، حتّى يسلِّموا لـهم رسول الله صلّى الله عليه و سلّم للقتل.

    تـحالفوا على هذا القرار، وكتبوا بذلك صحيفة علّقوها في جوف الكعبة.

    نقض الصّحيفـة وفكّ الحصار: وبعد ثلاث سنوات قدّر الله أن ينتهي هذا العدوان، فألقى في قلوب خـمسة من أشراف قريش أن يقوموا بنقض الصّحيفة وفكّ الـحصار، وأرسل الأرضة، فأكلت كلّ ما فـي الصّحيفة من القطيعة والجـور، ولـم تترك إلى ذكر الله سبحانه وتعالى.

    وفاة أبـي طالب: أمّا مرض أبي طالب فلم يزل يشتد به حتىّ حضرته الوفاة.

    ودخل عليه رسول الله صلّى الله عليه و سلّم وعنده أبو جهل وعبد الله بن أبي أميّة فقال رسول الله r أي عمّ، قل لا إله إلاّ الله، كلمة أحاجّ لك بـها عند الله ».

    فقال أبو جهل وعبد الله بن أبـى أمية: يا أبا طالب أترغب عن ملّة عبد الـمطّلب ؟ ! فلم يزالا يكلـمانه حتىّ قال آخر ما كلّمهم به: على ملّة عبد الـمطّلب.

    فقال النّبـيّ صلّى الله عليه و سلّم:« لاستغفرنّ لك ما لـم أنه عنك ».

    فنزلت: ] مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَن يَسْتَغْفِرُواْ لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُواْ أُوْلِي قُرْبَى مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ [ [التوبة:113 ]. ونزلت]إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ [ [القصص:56 ]

    وفاة خديـجة رضي الله عنها: ولـم يندمل جرح رسول الله صلّى الله عليه و سلّم على وفاة أبي طالب حتىّ توفّت خديجة أم الـمؤمنين رضي الله عنها وذلك من نفس السّنة العاشرة بعد وفاة أبـي طالب بنحو شهرين. وكانت وزيرة صدق لرسول الله صلّى الله عليه و سلّم على الإسلام آزرته على إبلاغ الرّسالة، وآسته بنفسها ومالـها، وقاسـمته الأذى والـهموم.

    قال صلّى الله عليه و سلّم آمنت بـي إذ كفر النّاس، وصدّقتنـي إذ كذّبنـي النّاس، وواستنـي في مالـها إذ حرمنـي النّاس، ورزقنـي الله منها أولادا إذ حرمنـي أولاد النّساء ».

    زواجه رضي الله عليه و سلّم بسودة بنت زمعة ثـمّ عائشة: وفي خضمّ هذه الأحداث حدث له أن تزوّج بسودة بنت زمعة رضي الله عنها.

    أمّا زواجه بعائشة رضي الله عنها فكان أيضاً في شهر شوّال ولكن بعد سودة بسنة، تزوّجها بـمكّة وهي بنت ستّ سنين، ودخل بها في الـمدينة في شهر شوّال في السّنة الأولـى من الـهجرة وهي بنت تسع سنين، وكانت أحبّ أزواجه صلّى الله عليه و سلّم إليه، وأفقه نساء الأمّة.

    الرّسول صلّى الله عليه و سلّم في الطّائف: وفي هذه الأحـوال القاسية قصد رسول الله صلّى الله عليه و سلّم الطّائف رجاء أن يستجيبوا لدعوته، أو يؤووه وينصروه، فخرج إليهم ماشيا على قدميه، ومعه مولاه زيد بن حارثة t وكان كلّـما مرّ على قبيلة في الطّريق دعاهم إلـى الإسلام حتّى بلغ الطّائف، ونزل على ثلاثة إخوان من رؤوس ثقيف، فدعاهم إلى الإسلام وإلـى نصرته على تبليغه، فلم يستجيبوا له، بل ردّوا عليه أسوء ردّ، فتركهم وقصد الآخرين، ودعاهم إلى قبول الإسلام ونصرته، ولـم يزل ينتقل من رئيس إلى رئيس، فلم يترك أحدا من أشرافهم إلاّ وكلّمه، وقضى في ذلك عشرة أيّام، لكن لـم يجب له أحد، بل قالوا له أخرج من بلدنا، وأغروا به صبيانـهم وسفهاءهم وعبيدهم، فلـمّا تـهيّأ وخرج وقفوا له في صفّين، وأخذوا يسبّونه ويشتمونه ويرمونه بالـحجارة حتى أدموا عقيبيه وقدميه صلّى الله عليه و سلّم .

    حادثة شق القمر:اجتمع الـمشركون إلى رسول الله صلّى الله عليه و سلّم ،وقالوا له هل من آية نعرف بـها أنّك رسول الله؟

    فسأل رسول الله صلّى الله عليه و سلّم ربّه أن يريهم آية. فأراهم القمر قد انشق فرقتين.

    روى الشيخان عن عبد الله بن مسعودرضي الله عنه قال:" بينما نحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بـمنى إذا انفلق القمر فلقتين فكانت فلقة وراء الجبل وفلقة دونه. فقال لنا رسول الله صلّى الله عليه و سلّم:« اشهدوا »

      الوقت/التاريخ الآن هو الأحد أبريل 28, 2024 2:51 pm