الحديث الرابع عشر
عن أبي مسعود . قال : قال رسول الله صلّى الله عليه و سلّم : ( لا يحل دم امرىء مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاث : الثيب الزاني ، والنفس بالنفس ، والتارك لدينه المفارق للجماعة ) .
---------------------------------------------------------
معاني الكلمات :
لا يحل : أي يحرم .
الثيب : هو المحصن وهو الذي جامع وهو حر مكلف في نكاح سواء كان رجلاً أو امرأة .
النفس بالنفس : المراد به القصاص ، أي إذا قتل إنسان إنساناً عمداً قتل به بالشروط المعروفة .
التارك لدينه : المراد المرتد .
الفوائد :
1- تحريم قتل المسلم بغير حق ، وقد جاءت نصوص كثيرة في تحريم ذلك .
أولاً : لعنه الله وغضب عليه وله عذاب أليم .
قال تعالى : ] ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم خالداً فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذاباً عظيماً [ .
ثانياً : القتل من الموبقات .
قال رسول الله صلّى الله عليه و سلّم : ( اجتنبوا السبع الموبقات : .. وذكر منها : وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق ) .
ثالثاً : أن من قتل نفساً بغير حق فكأنما قتل جميع الناس .
قال تعالى : ] ومن قتل نفساً بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً [ .
رابعاً : هو أعظم ذنب بعد الشرك .
وقد سئل النبي الحديث الثالث عشر أي الذنب أعظم ؟ فقال : ( أن تجعل لله نداً وهو خلقك ، قال : ثم أي ؟ قال : أن تقتل ولدك خشية أن يطعم معك ) متفق عليه .
خامساً : أن قتل المؤمن أعظم عند الله من زوال الدنيا .
قال e : ( لقتل مؤمن أعظم عند الله من زوال الدنيا ) رواه النسائي .
2- يقتل المسلم في إحدى هذه الأمور الثلاثة :
أولاً : الزاني المتزوج بنكاح صحيح .
وطريقة قتله : الرجم حتى الموت كما ثبت بذلك الأحاديث الكثيرة .
فقد رجم النبي صلّى الله عليه و سلّم الغامدية لما زنت .
ورجم ماعز لما اعترف بالزنا .
وقال صلّى الله عليه و سلّم : ( واغْد يا أنيْس إلى امرأة هذا ، فإن اعترفت فارجمهــا ) .
ثانياً : قتل العمد .
فقد أجمع المسلمون على أن من قتل مسلماً عمداً استحق القتل .
لقوله تعالى : ] وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس [ .
وقال تعالى : ] ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب [ .
ويقتل قاتل العمد سواء كان القاتل أو المقتول ذكراً أم أنثى .
يسقط القصاص إذا عفا أولياء المقتول .
يستثنى من القصاص :
أولاً : الوالد إذا قتل ولده ، فإنه لا يقتل به عند جمهور العلماء .
لقوله e : ( لا يقتل والد بولده ) رواه الترمذي .
ثانياً : المسلم إذا قتل كافراً .
لقوله e : ( لا يقتـــل مسلم بكافــر ) متفق عليه .
ثالثاً : الحر إذا قتل عبداً فإنه لا يقتل ، عند جمهور العلماء .
المرتد يقتل .
لحديث الباب .
ولقوله صلّى الله عليه و سلّم : ( من بدل دينــه فاقتلــوه ) رواه البخاري .
- يستتاب فإن تاب وإلا قتـــل .
- لا فرق بين الرجل والمرأة ، فإذا ارتدت المرأة وجب قتلها .
3- يقتل المسلم في غير هذه الأمور الثلاثة :
كاللوطي على قول بعض العلماء – والساحــر – وتارك الصلاة على قول بعض العلماء .
4- تحريم هذه الأشياء الثلاثة ، وهي : الزنا – والقتل – والردة .
5- أن قتل القاتل والزاني بعد إحصانه والمرتد فيه مصالح عامة ، من حفظ النفوس والأنساب والأديان .
6- أن من أتى بالشهادتين وأتى بما تقتضيانه وابتعد عما يناقضهما فهو المسلم ، محرّم الدم والمال والعرض ، له ما للمسلمين وعليه ما عليهم .
7- لا بد في صحة إسلام المرء من النطق بالشهادتين .
8- قوله : ( الثيب الزاني ) دليل على أن البكر ليس حده الرجم ، فقد جاء النص أن حده الجلد والتغريب .