منتديات امة الحبيب

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

نحن امه اجتمعت علي حب النبي صلي الله عليه وسلم


    شرح الأربعين النّوويّة الحديث الثّامن و العشرون

    hichou78
    hichou78
    عضو ماسي
    عضو ماسي


    تاريخ التسجيل : 04/02/2010

    شرح الأربعين النّوويّة الحديث الثّامن و العشرون Empty شرح الأربعين النّوويّة الحديث الثّامن و العشرون

    مُساهمة من طرف hichou78 الجمعة مارس 26, 2010 11:32 am

    الحديث الثامن والعشرون


    عن أبي نجيح العرباض بن سارية قال ( وعظنا رسول الله صلّى الله عليه و سلّم موعظة وجلت منها القلوب ، وذرفت منها العيون ، فقلنا : يا رسول الله ! كأنها موعظة مودع فأوصنــا . قال : أوصيكم بتقوى الله عز وجل ، والسمع والطاعة ، وإن تأمر عليكم عبد ، فإنه من يعش منكم فسيرى اختلافاً كثيراً ، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي ، عضوا عليها بالنواجذ ، وإياكم ومحدثات الأمور ، فإن كل بدعة ضلالة ) رواه أبو داود والترمذي .
    -----------------------------------------------------


    معاني الكلمات :

    وعظنا : الموعظة التذكير المقرون بالتخويف .

    وجلت : خافت .

    وذرفت : سالت .

    بالنواجذ : أقصى الأضراس .



    الفوائد :

    1- مشروعيـــة الموعظـــة . والموعظة فيها مباحث :

    أولاً : مشروعيتها .

    لقوله تعالى } وعظهم وقل لهم في أنفسهم قولاً بليغاً { .

    وقوله تعالى } ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظــة الحسنــة { .

    ولحديث الباب ( وعظنا رسول الله صلّى الله عليه و سلّم ) .

    وعن جابر قال ( شهدت مع رسول الله صلّى الله عليه و سلّم العيد ، فبدأ بالصلاة قبل الخطبة ، ثم قام متوكئاً على بلال ، فأمر بتقوى الله ، وأمر بطاعته ، ووعظ الناس وذكرهــم ) متفق عليه .

    ثانياً : أن لا يديم الموعظة بل يتخولهم .

    عن ابن مسعود قال ( كان النبي e يتخولنا بالموعظــة في الأيام مخافة السآمة علينا ) رواه البخاري .

    يتخولنا : يتعاهدنا .

    والمعنى : كان يراعي الأوقات في تذكيرنا ، ولا يفعل ذلك كل يوم لئلا نمل .

    ثالثاً : أن لا يطيل في الموعظة .

    قال صلّى الله عليه و سلّم ( إن طول صلاة الرجل وقصر خطبته مئنة من فقهه ) رواه مسلم .

    وعند أبي داود ( كان رسول الله e لا يطيل الموعظــة يوم الجمعة ، إنما هي كلمات يسيرات ) .

    مئنة : دليل وعلامة .

    رابعاً : أن تكون بليغــة .

    لقوله في الحديث ( وعظنا موعظة بليغــة .. ) .

    قال ابن رجب : والبلاغة هي التوصل إلى إفهام المعاني المقصودة ، واتصالها إلى قلوب السامعين بأحسن صورة من الألفاظ الدالة عليها وأفصحها وأحلاها للأسماع وأوقعها في القلوب .

    2- أن من صفات المؤمنين عند سماع المواعظ ، البكاء والخوف .

    قال ابن رجب رحمه الله : هذان الوصفان بهما مدح الله المؤمنين عند سماع الذكر .

    كما قال تعالى } إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهــم وإذا تليت عليهم آياتــه زادتهم إيماناً { .

    وقال سبحانه } ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق { .

    وقال تعالى } الله نزل أحسن الحديث كتاباً متشابهاً مثاني تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهــم وقلوبهم إلى ذكر الله { .

    وقال تعالى } وإذا سمعوا ما أنزل إلى الرســــــول ترى أعينهــم تفيض من الدمــع مما عرفـــوا من الحق { .

    3- فضل البكاء من خشية الله . وللبكاء من خشية الله فضائل :

    أولاً : سبب للنجاة من النار .

    قال صلّى الله عليه و سلّم ( لن يلج النار رجل بكى من خشية الله حتى يعود اللبن في الضرع ) رواه الترمذي .

    وقال صلّى الله عليه و سلّم ( عينان لا تمسهما النار : عين بكت من خشية الله ، وعين باتت تحرس في سبيل الله ) رواه الترمذي .

    ثانياً : البكاء مع الذكر سبب لإظلال الله للعبد .

    قال صلّى الله عليه و سلّم ( سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله : .. ورجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه ) متفق عليه .

    ثالثاً : أن البكاء من خشية الله سمة من سمات الصحابة .

    كما في حديث الباب .

    ولحديث أنس قال : قال رسول الله e ( لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيراً ، قال : فغطى أصحاب رسول الله صلّى الله عليه و سلّم وجوههم ولهم خنين ) متفق عليه .

    أمثلة على بكاء الصحابة :

    ثبت في ترجمة عمر بن الخطاب أنه كان في وجهه خطان أسودان .

    وكان عثمان إذا وقف على قبر يبكي حتى تبتل لحيته من البكاء .

    ثبت عن ابن عمر أنه ما قرأ قول الله } ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله { إلا بكى حتى يغلبـــه البكاء

    فائدة .

    قال أبو سليمان الداراني : لكل شيء علم ، وعلم الخذلان ترك البكاء من خشية الله .

    4- تأثر الصحابة بالموعظة وشدة خوفهم من الله .

    5- أن وصية المودع غالباً تكون أبلــغ .

    قال ابن رجب رحمه الله : فإن المودِّع يستقصي ما لم يستقص غيره في القول والفعل ، ولذلك أمر النبي e أن يصلي صلاة مودع ، لأنه من استشعر أنه مودِع بصلاته أتقنها على أكمل وجوهها .

    6- أن أهم وصية يوصي بها الإنسان هي تقوى الله ، لأنه هي سبب سعادة الدنيا والآخرة .

    والتقوى هي وصية الله للأولين والآخرين كما قال تعالى } ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم وإياكم أن اتقوا الله { .

    وقال صلّى الله عليه و سلّم لمعاذ ( اتق الله حيثما كنت ) . [ وقد سبقت فضائل التقوى في حديث : 18 ] .

    7- وجوب السمع والطاعة لولي الأمر ما لم يأمروا بمعصية ، وهذا واجب بالكتاب والسنة والإجماع .

    قال تعالى } يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم { .

    وقال e ( من أطاعني فقد أطاع الله ، ومن عصاني فقد عصى الله ، ومن أطاع أميري فقد أطاعني ، ومن عصا أميري فقد عصاني ) رواه البخاري .

    وعن أبي ذر قال ( إن خليلي أوصاني أن أسمع وأطيع وإن كان عبداً حبشياً مجدع الأطراف ) متفق عليه .

    وفي الصحيحين قال صلّى الله عليه و سلّم ( على المرء المسلم السمع والطاعــة فيما أحب وكره ، إلا أن يؤمر بمعصيــة ، فإن أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعــة ) .

    وقال صلّى الله عليه و سلّم ( من رأى من أميره شيئاً يكرهه فليصبر ، فإنه من فارق الجماعــة شبراً فمات ، فميتــة جاهليــة ) .

    قال شارح الطحاوية : أما لزوم طاعتهم وإن جاروا ، فلأنــه يترتب على الخروج عن طاعتهم من المفاســـد أضعاف ما يحصل من جورهــم ، بل في الصبر على جورهم تكفير السيئات ، ومضاعفة الأجور ، فإن الله تعالى ما سلطهــم علينا إلا لفساد أعمالنا ، والجزاء من جنس العمل .

    وقال ابن رجب : وأما الســمع والطاعة لولاة أمور المسلمين ، ففيها سعادة الدنيا ، وبها تنتظــم مصالح العباد في معاشهم ، وبها يستعينون على إظهار دينهم وطاعة ربهم .

    8- معجزة للنبي صلّى الله عليه و سلّم حيث وقع ما أخبر به من الاختلاف والفرقــة .

    وهذا مصداق لقوله صلّى الله عليه و سلّم ( ستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة ) رواه أبو داود .

    9- العلاج عند الاختلاف ، وهو التمسك بالسنـة لقوله ( فعليكم بسنتي ) .

    10- قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : أنه يجب على الإنسان أن يتعلــم سنة النبي صلّى الله عليه و سلّم ، وجه ذلك : أنه لا يمكن لزومها إلا بعد علمها وإلا فلا يمكن .

    11- أن للخلفاء الراشدين سنة متبعــة .

    لقوله ( وسنة الخلفاء الراشدين ) .

    ولقوله صلّى الله عليه و سلّم أيضاً ( اقتدوا بالذين من بعدي أبي بكر وعمر ) رواه الترمذي .

    والخلفاء الراشدون الذين أمرنا بالاقتداء بهم هم : أبو بكر ، وعمر ، وعثمان ، وعلي .

    قال ابن رجب : وإنما وصف الخلفاء بالراشدين لأنهم عرفوا الحق وقضــــوا به .

    12- التحذير من البدع . ( وقد سبق ما يتعلق بالبدع في الحديث رقم : 5 ) .

    13- أن جميع البدع ضلالة .

    قال ابن رجب رحمه الله : هذا من جوامع الكلم ، لا يخرج عنه شيء ، وهو أصل عظيم من أصول الدين ، وهو شبيه بقوله صلّى الله عليه و سلّم ( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ) ، فكل من أحدث شيئاً ونسبه إلى الدين ولم يكن له أصل من الدين يرجع إليه فهو ضلالة والدين برىء منه ، وسواء في ذلك مسائل الاعتقادات ، أو الأعمال ، أو الأقوال الظاهرة والباطنة .

      الوقت/التاريخ الآن هو الإثنين أبريل 29, 2024 3:03 pm