الحديث الحادي والأربعون
عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما . قال : قال رسول الله صلّى الله عليه و سلّم ( لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعاً لما جئت به ) حديث صحيح رويناه في كتاب الحجة بإسناد صحيح .
-----------------------------------------------------
معاني الكلمات :
لا يؤمن أحدكم : أي الإيمان الكامل .
هواه : ما يهواه ويقصده ويحبه ، وسمي الهوى هوى لأنه يهوي بصاحبه .
تبعاً : أي تابعاً .
لما جئت به : أي من الشريعة .
الفوائد :
1- لا يكمل إيمان أحد حتى يكون هواه وميله إلى الشريعة وتحكيمها .
2- أن من كان هواه وميله لما جاءت به الشريعة فهو كامل الإيمان .
3- التحذير من اتباع الهوى .
وقد حذر الله من اتباع الهوى .
فقال تعالى } يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبــع الهوى فيضلك عن سبيل الله {
واتباع الهوى هو منشأ المعاصي .
قال تعالى } فإن لم يستجيبوا لك فاعلم أنما يتبعون أهواءهــم ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله { .
ومتبع الهوى ليس أهلاً أن يطاع .
قال تعالى } بل اتبع الذين ظلموا أهواءهــم بغير علم { .
واتباع الهوى من المهلكات .
قال صلّى الله عليه و سلّم ( ثلاث منجيات وثلاث مهلكات : فأما المهلكات : فهوى متبع ، وشح مطاع ، وإعجاب المرء بنفســه ) .
الهوى حظار جهنم المحيط بها ، فمن وقع فيه وقع .
قال صلّى الله عليه و سلّم ( حفت الجنة بالمكاره ، وحفت النار بالشهـــوات ) متفق عليه .
أن الله سبحانه جعل متبع الهوى بمنزلة عابد الوثن .
قال تعالى } أرءيت من اتخـــذ إلهــه هواه { .
4- كيفيــة التخلص من الهــوى المذموم :
أولاً : جرعة صبر يصبر نفسه على مرارتها تلك الساعــة .
ثانياً : فرحــه بغلبــة عدوه وقهره له ورده خاسئاً بغيظه وغمه وهمه حيث لم ينل منه أمنيته .
ثالثاً : أن مخالفة الهوى تورث قوة في بدنه وقلبه ولسانه .
قال بعض السلف : الغالب لهواه أشد من الذي يفتح المدينة وحده .
وفي الحديث ( ليس الشديد بالصرعة ، ولكن الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب ) متفق عليه .
رابعاً : أن جهاد الهوى من أعظم الجهاد .
قال ابن القيم : ” سمعت شيخنا يقول : جهاد النفس والهوى أصل جهاد الكفار والمنافقين ، فإنه لا يقدر على جهادهم حتى يجاهد نفسه وهواه أولاً حتى يخرج إليهم “ .
5- وجوب الاستسلام والانقياد لأوامر الله تعالى .
قال تعالى } فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهــم { .
6- أن الشريعــة كاملة .
7- الإيمان يزيد وينقص لقوله ( لا يؤمن أحدكم .. ) أي الإيمان الكامل .
وعقيدة أهل السنة والجماعة أن الإيمان يزيد وينقص ، يزيد بالطاعات وينقص بالعصيان .
قال تعالى } وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيماناً { .
وقال تعالى } ليزدادوا إيماناً { .
وقال تعالى } ويزداد الذين آمنوا إيماناً { .
وقال تعالى } ليزدادوا لإيماناً مع إيمانهــم { .
ووصف النبي صلّى الله عليه و سلّم النساء بنقصــان العقل والدين .
وكان عمر يقول : ” هلمــوا نزدد إيماناً “ .
وكان ابن مسعود يقول : ” اللهم زدنا إيماناً ويقيناً وفقهاً “ .وكان معاذ بن جبل يقول لرجل : ” اجلس بنا نؤمن ساعــة “