الحديث السابع والعشرون
عن النواس بن سمعان عن النبي صلّى الله عليه و سلّم قال ( البر حسن الخلق ، والإثم ما حاك في نفسك وكرهت أن يطلع عليه الناس ) رواه مسلم
وعن وابصة بن معبد قال ( أتيت رسول الله صلّى الله عليه و سلّم فقال : أجئت تسأل عن البر والإثم ؟ قلت : نعم ، قال : استفت قلبك ، البر ما اطمأنت إليه النفس ، واطمأن إليه القلب ، والإثم ما حاك في النفس وتردد في الصدر وإن أفتاك الناس وأفتوك ) .رواه أحمد والدارمي .
---------------------------------------------------------
معاني الكلمات :
البر : اسم جامع للخير .
حسن الخلق : التحلي بالفضائل وترك الرذائل .
الإثم : الذنب .
ما حاك في نفسك : أي لم يسكن إليــه القلب .
الفوائد :
1- الحث على حسن الخلق ، وأنه من أعظم خصال البر .
2- في الحديث بعض علامات الإثــم :
أولاً : قلق القلب واضطرابه ، لقوله ( والإثم ما حاك في صدرك ) .
ثانياً : كراهة اطلاع الناس عليه ، لقوله ( وكرهت أن يطلع عليه الناس ) .
قال ابن رجب : في قوله ( الإثم ما حاك في .... ) :
” إشارة إلى أن الإثم ما أثر في الصدر حرجاً وضيقاً وقلقاً واضطراباً فلم ينشرح له الصدر ، ومع هذا فهو عند الناس مستنكر بحيث ينكرونه عند اطلاعهــم عليه ، وهذا أعلى مراتب معرفــة الإثم عند الاشتباه ، وهو ما استنكر الناس فاعله وغير فاعله “ .
3- أن صاحب القلب السليم ، يضطرب قلبه ويخاف عند فعل الحرام أو الشك به .
قال ابن رجب : ” فدل حديث وابصة وما في معناه على الرجــوع إلى القلوب عند الاشتباه مما سكن إليه القلب ، وانشرح إليه الصدر ، فهو البر والحلال ، وما كان خلاف ذلك فهو الإثم والحرام “ .
4- أن الله فطر عباده على معرفة الحق والسكــون إليه .
5- أن ما حاك في صدر الإنسان فهو إثــم وإن أفتـــاه غيره بأنه ليس بإثــم .
قال ابن رجب رحمه الله : ” وهـــذه مرتبة ثانية ، وهو أن يكون الشيء مستنكراً عند فاعله دون غيره وقد جعله أيضاً إثماً ، وهذا إنما يكون إذا كان صاحبه ممن شرح صدره للإيمــان ، وكان المفتي يفتي له بمجرد ظن أو ميل إلى هوى من غير دليل شرعي ، أما إذا كان فتوى المفتي تستند إلى دليل شرعي فيجب على المرء أن يتقيد بها وإن لم يطمئن قلبه ، قال تعالى } فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليماً { “ .
6- معجزة الرسول صلّى الله عليه و سلّم ، حيث أخبر وابصة بما في نفسه قبل أن يتكلم به .
7- أن الدين وازع ومراقب داخلي .
8- أن الدين يمنع من اقتراف الإثــم .
9- طمأنينة القلب السليم للخير .
10- نفور القلب السليم من الشر .بلاغة النبي صلّى الله عليه و سلّم