الحديث التاسع والثلاثون
عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلّى الله عليه و سلّم قال ( إن الله تجـــاوز لي عن أمتي الخطأ والنسيــان ، وما استكرهــوا عليه ) حديث حسن رواه ابن ماجه والبيهقي وغيرهما .
-----------------------------------------------------
معاني الكلمات :
تجاوز : عفا .
أمتي : أمة الإجابــة .
الخطأ : وهو ضد العمد وهو أن يفعل الشيء يظن صوابه فيتبين ضد قصده .
والنسيان : الذهول عن الشيء .
وما استكرهوا عليه : الإكراه : هو إلزام الشخص بما لا يريد .
الفوائد :
1- سعة رحمة الله بعباده ، حيث رفع الإثم عنهم إذا صدرت المخالفة نسياناً أو خطأ أو إكراهاً .
2- أن جميع المحرمات إذا فعلها الإنسان جاهلاً أو ناسياً أو مكرهاً فلا شيء عليه فيما يتعلق بحق الله ، أما حق الآدمي فلا يعفى عنه من حيث الضمان .
أمثلة :
- رجل قص شعره وهو محرم جاهلاً ، فلا شيء عليه .
- رجل تكلم بالصلاة ناسياً ، فصلاته صحيحة ولا شيء عليه .
- رجل قتل شخص آخر عمداً ، فلا إثم عليه ، وإن كان هذا لا يعفيه من المطالبة بالدية والكفارة .
- رجل أكره على الأكل والشرب في نهار رمضان ، فصومه صحيح ولا شيء عليه .
- رجل أكل في نهار رمضان ناسياً ، فصومه صحيح ولا شيء عليه .
- رجل نسي صلاة ، فلا إثم عليه ويقضيها .
3- أن هذه الأمور الثلاثة : الخطأ ، والنسيان ، والإكراه سبب للتخفيف ومنع التكليف :
الأول : النسيان :
وهو ذهول القلب عن الشيء وعدم تذكره .
والدليل على أنه سبب للتخيف ومانع من موانع التكليف .
قوله تعالى } ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا { ، قال الله تعالى كما في صحيح مسلم ( قد فعلت ) .
ولحديث الباب .
الثاني : الخطأ .
وهو ضد العمــد .
والدليل على أنه سبب للتخفيف ومانع من موانع التكليف .
قوله تعالى } ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا { .
وقوله تعالى } ولا جناح عليكم فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم { .
حديث الباب .
الثالث : الإكراه .
وهو : حمل الغير على أمر لا يرضاه لو خلي ونفسه ، بارتكاب النهي أو ترك الأمر .
والدليل على أنه سبب للتخفيف ومانع من موانع التكليف .
قوله تعالى } إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمــان { .
ولحديث الباب .
فمن أكره على طلاق زوجته ، فإنها لا تطلق .
من أكره على الكفر ، وقلبه مطمئن بالإيمان ، فلا شيء عليه .
شروط الإكراه ليكون سبباً للتخفيف :
أولاً : أن يكون المكرِه قادر على إيقاع ما هدد به .
ثانياً : أن يكون المكرَه عاجزاً عن دفع هذا المكرِه .
ثالثاً : أن يكون هذا الإكراه مما يشق على المكرِه تحمله .
رابعاً : أن يظن أو يعلم المكرَه أن المكرِه سيوقع ما هدد به .
4- هذه الموانــع سبب للتخفيف في حقوق الله ، لأنه مبني على العفو والرحمة ، وأما في حقوق الآدميين فلا تمنع من ضمان ما يجب ضمانه إذا لم يرض صاحب الحق بسقوطــه .
فائدة :
لا يكون الإكراه سبباً للتخفيف في حالة واحدة ، وهي إذا أكره على قتل شخص ، فليس له أن يقتله حتى لو أدى إلى قتله ، وحكى بعض العلماء الإجماع على ذلك ، لأن قتله له افتــــداء لنفسه فيكون باختياره .
5- بيان رحمة الله ، حيث لا يكلف نفساً إلا وسعها . أي إلا طاقتها .
6- شرف هذه الأمــة على غيرهــا .
7- النسيان من صفات الإنسان .