دواء العشق وعلاج لوعة الحب
1- التوبة النصوح وصدق اللجوء إلي الله تعالي للتخلص من داء العشق:
فإن النار المندلعة في صدر العشاق لا تطفأ إلا بصدق اللجوء إلي الله والإخلاص له فإنه لا ملجأ إلي أحد سواه تعالي، فالعاشق يتوجه بجوارحه إلي ربه ويطلب منه أن يخلصه من هذا الداء العضال ويلح عليه، فهو سبحانه الذي يزيل هذا الداء ويعين علي الطاعة وليس هناك دواء لهذا العشق أنفع من الإخلاص لله ، وهو الدواء الذي ذكره الله في كتابه حيث قال:
{ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ} ( سورة يوسف: 24)
فأخبر سبحانه أنه صرف عنه السوء من العشق والفحشاء من الفعل بإخلاصه، فإن في القلب شعث لا يلمه إلا الإقبال علي الله، وفي القلب وحشة لا يزيلها إلا الأنس به (جل وعلا) وفي القلب حزن لا يذهبه إلا السرور بالقرب منه (سبحانه) وصدق الأوبة إليه رجاء النجاة، وفي القلب قلق لا يسكنه إلا الاجتماع عليه ، وفي القلب فاقة وفقر وحاجة لا يسدها إلا محبته والإنابة إليه ودوام ذكره( سبحانه وتعالي) وصدق الإخلاص له في القلب نار وحسرات لا يطفئها إلا الرضا بأمره ونهيه وقضائه وقدره ومعانقة الصبر علي ذلك إلي وقت لقائه وعند اللقاء يكون العوض وأي عوض إنها الجنة.
2- تعمد البعد عن المحبوب:
فكما أن الحب ولد بالتعود فإنه سيموت بالتعود كما قيل: الحب يولد ويموت بالتعود
فإن المحب إذا تاب إلي الله تعالى والتزم بأوامر دينه فإنه يمتنع عن التلاقي والنظر والتخاطب مع الحبيب ويشغل نفسه بطاعة الله فهو العصمة من الانشغال بهذا الحب الوهمي والسقوط في الرذيلة.
فإن الفرار وقسوة الفراق لعدة أيام خير ألف مرة من السقوط في الرذيلة والانقياد لأوهام الشيطان.
3- تذكر مساوئ المحبوب وعيوبه:
يقول ابن مسعود " إذا أعجبت أحدكم امرأة فليتذكر مناتنها"
4- تقديم محبة الله فوق كل محاب:
فقد أخرج البخاري ومسلم من حديث أنس أن النبي صلى الله عليه و سلم قال:
" ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما ...."
لكن هناك من يخالف ذلك فيقدم محبة الحبيب فوق محبة رب العالمين فيعذبه الله به وهذه سنة ربانية أنه من أحب شيئاً أكثر من الله عذبه الله به، فمن وقعت صريعة الهوى فسرعان ما تجعل حبيبها صنماً تعكف عليه وتراه في منامها ويقظتها وفي خيالها وفي صفحات كتابها بل تفكر فيه وهي في صلاتها فيضيع خشوعها ويأتيها طيفه أثناء محاضرة العلم وفي الطريق العام فيملأعليها نفسها وحياتها فتكون في حالة ذكر دائم له بالقلب وباللسان .
والسؤال لماذا كل هذا:
ماذا أعطي هذا الشاب هذه الفتاة حتى أنساها ذكر الله ، فهي تذكره أكثر من ذكرها لله. فهل أعطاها هذا الشاب الشمس ودفئها؟ أم الليل لتسكن فيه أهو الذي وهبها الجمال؟ أم هو الذي منحها نظم دقات القلب؟
أم هو الذي أسبغ عليها نعمة النظر وجمال العينين؟ ماذا أعطاها وماذا يملك أن يعطيها؟
فلنعلم جميعاً أن الله يغار عندما يعطي العبد كل هذه النعم التي لا تعد ولا تحصي ثم ينصرف العبد عن شكره وذكره إلي ذكر عبد من عباده وتقديم محابه فوق محاب الله.
وأخيراً نصيحتي إلي الضحية الأولي في الحب الزائف:
إلي كل فتاة وقعت في شباك وفخاخ هذا الحب الزائف:
أعلمي أن هذا الحب الزائف ما هو إلا جوع جنسي، فهل يصدق الجائع إذا حلف بأغلظ الأيمان أنه لا يريد من المائدة الشهية إلا أن ينظر إليها ويشم ريحها فقط فهل هذا يعقل؟
- أعلمي يا من رضيت بالحديث مع الشاب فإنه لا يكتفي بذلك فقط بل سيطلب المقابلة ولم يكتف بذلك بل يحاول لمس يدك فإذا سلمت لم يكتف بذلك بل سيكون له مطالب أخرى حتى تقعي فريسة سهلة بين يديه فينهش في لحمك ثم يتركك هذا الذئب كالضحية بعدما يتمكن منك، ويذهب هو خفيفاً نظيفاً، وتحملي أنت ثمرة الإثم في أحشائك ثم يتوب هو فينسي المجتمع جريمته وتتوبي أنت فلا يقبل لك المجتمع توبة أبداً
- وإذا أراد هذا الشاب الزواج أعرض عن تلك الفتاة التي أفسدها مترفعاً عنها ومدعياً أنه لا يتزوج البنات الفاسدات مترفعاً عنها ولسان حاله يقول أميطوا هذا الأذى عن الطريق فإنه من شعب الإيمان.
فأين ما أخذه علي نفسه من وعود؟ أين ما قطعه من عهود؟
كتبت إحداهن وكانت سليلة مجد ومن بيت عز تستعطف الذئب بعد أن سلبها عذريتها فقالت:
" لو كان بي أن أكتب إليك لأجدد عهداً دارساً أو وداً قديماً ما كتبت سطراً ، ولا خططت حرفاً، لأني لا أعتقد أن عهداً مثل عهدك الغادر، ووداً مثل ودك الكاذب، يستحق أن أحفل به فأذكره، أو آسف عليه فأطلب تجديده، إنك عرفت حين تركتني أن بين جنبي ناراً تضطرم، وجنيناً يضطرب، تلك للأسف علي الماضي، وذاك للخوف من المستقبل، فلم تبل بذلك، وفررت مني حتى لا تحمل نفسك مئونة النظر إلي شقاء أنت صاحبه، ولا تكلف يدك مسح دموع أنت مرسلها فهل أستطيع بعد ذلك أن أتصور أنك رجل شريف!لا بل لا أستطيع أن أتصور أنك إنسان، لأنك ما تركت خلة من الخلال المتفرقة في نفوس العجماوات والوحوش الضارية إلا جمعتها في نفسك، وظهرت بها جميعها في مظهر واحد، وكذبت علي في دعواك أنك تحبني وما كنت تحب إلا نفسك،وكل ما في الأمر أنك رأيتني السبيل إلي إرضاء نفسك، فممرت بي في طريقك إليها، ولولا ذلك ما طرقت لي باباً، ولا رأيت لي وجهاً، خنتني إذ عاهدتني علي الزواج، فأخلفت وعدك ذهاباً بنفسك أن تتزوج امرأة مجرمة ساقطة، وما هذه الجريمة ولا تلك السقطة إلا صورة نفسك ، وصنعة يدك، ولولاك ما كنت مجرمة ولا ساقطة، فقد دفعتك – جهدي- حتى عييت بأمرك، فسقطت بين يديك سقوط الطفل الصغير بين يدي الجبار الكبير، سرقت عفتي، فأصبحت ذليلة النفس حزينة القلب، استثقل الحياة واستبطئ الأجل، وأي لذة في العيش لامرأة لا تستطيع أن تكون زوجة لرجل ولا أماً لولد! بل لا تستطيع أن تعيش في مجتمع من هذه المجتمعات البشرية إلا وهي خافضة رأسها، ترتعد أوصالها، وتذوب أحشاؤها، خوفاً من تهكم المتهكمين، سلبتني راحتي لأني أصبحت مضطرة بعد تلك الحادثة إلي الفرار من ذلك القصر.. وتلك النعمة الواسعة وذلك العيش الراغد إلي منزل لا يعرفني فيه أحد.. قتلت أبي وأمي، فقد علمت أنهما ماتاً، وما أحسب موتهما إلا حزناً لفقدي، ويأساً من لقائي، قتلتني لأن ذلك العيش المر الذي شربته من كأسك، وذلك الهم الذي عالجته بسببك، قد بلغا مبلغهما من جسمي ونفسي فأصبحت في فراش الموت كالزبالة المحترقة. فأنت كاذب خادع ولص قاتل، ولا أحسب أن الله تاركك بدون أن يأخذ لي بحقي منك" ن أتوأن
( النظرات للمنفلوطي)
ذئب آخر.." كان من شباب الخلاعة واللهو، علم أن المنزل الذي يجاور منزله يشتمل علي فتاة حسناء من ذوات الثراء والنعمة والرفاهية والرغد، فرنا إليها النظرة الأولى فتعلقها، فكررها أخرى ، فبلغت منه، فتراسلا، ثم تزاورا، ثم افترقا، وقد ختمت روايتهما بما تختتم به كل رواية غرامية يمثلها أبناء آدم وحواء علي مسرح هذا الوجود، عادت الفتاة تحمل بين جانبيها هما يضطرم في فؤادها، وجنيناً يضطرب في أحشائها، وقد يكون لها إلي كتمان الأول سبيل، أما الثاني فسر مذاع وحديث مشاع ، إن اتسعت له الصدور، فلا تتسع له البطون، وإن ضن به اليوم فلا يضن به الغد.. فلما أسهر الهم ليلها، وأقض مضجعها، لم تر لها بداً من الفرار بنفسها، والنجاة بحياتها، فعمدت إلي ليلة من الليالي الداجية فلبستها وتلفعت بردائها، ثم رمت بنفسها في بحرها الأسود، فمازالت أمواجها تتلقفها وتترامى بها حتى قذفت بها إلي شاطئ الفجر، فإذا هي في غرفة مهجورة في إحدي المنازل البالية، في بعض الأحياء الخاملة وإذا هي وحيدة في غرفتها لا مؤنس لها إ ذلك الهم المضطرم.
وتدور عجلة الزمان دورتها، تلك العجلة التي لا حيلة لنا في إيقافها فماذا كان؟ يغفر المجتمع لهذا الذئب، ويقبل توبته، وينسي زلته ، ويعين قاضياً، وتضع المسكينة طفلتها في تلكم الغرفة المتهالكة، باعت جميع ما تملك يدها وما يحمل بدنها وما تشتمل عليه غرفتها من حلي وثياب وأثاث، حتى إذا طار غراب الليل عن مجثمه أسدلت برقعها علي وجهها وائتزرت بمئزرها، وأنشأت تطوف شوارع المدينة وتقطع طرقها، لا تبغي مقصداً ولا ترى غاية سوى الفرار بنفسها من همها لا يزال يسايرها ويترسم مواقع أقدامها.. وفي إحدى الليالي سيق ليها رجل، كان ينقم عليها شأناً من شئون شهواته ولذاته، فزعم أنها سرقت كيس دراهمه...ورفع أمرها إلي القضاء . وجاء يوم الفصل ...فسيقت إلي المحكمة، وفي يدها فتاتها، وقد بلغت السابعة من عمرها فأخذ القاضي ينظر في القضايا ويحكم فيها حتى أتي دور الفتاة، فما وقع بصره عليها حتى شدهت عن نفسها وألم بها من الاضطراب والحيرة ما كاد يذهب برشدها، وذلك أنها عرفته وعرفت أنه ذلك الفتي الذي كان سبب شقائها، وعلة بلائها، فنظرت إليه نظرة شزراء، ثم صرخت صرخة دوي بها المكان دوياً وقالت: " رويدك أيها القاضي، ليس لك أن تكون حكماً في قضيتي فكلانا سارق، وكلانا خائن، والخائن لا يقضي علي الخائن ، واللص لا يصلح أن يكون قاضياً بين اللصوص" فعجب القاضي والحاضرون لهذا المنظر الغريب.. وهم أن يدعو الشرطي لإخراجها، فحسرت قناعها عن وجهها، فنظر إليها نظرة ألم فيها بكل شيء .. وعادت الفتاة إلي إتمام حديثها فقالت: أنا سارقة المال، وأنت سارق العرض، والعرض أثمن من المال، فأنت أكبر مني جناية،وأعظم جرماً وإن الرجل الذي سرقت ماله ليستطيع أن يعزي نفسه باسترداده أو الاعتياض عنه، أما الفتاة التي سرقت عرضها فلا عزاء لها، لأن العرض الذاهب لا يعود، لولاك لما سرقت، ولا وصلت إلي ما إليه وصلت، فاترك كرسيك لغيرك، وقف بجانبي ليحاكمنا القضاء العادل علي جريمة واحدة، أنت مدبرها وأنا المسخرة فيها.. رأيتك حين دخلت هذا المكان وسمعت الحاجب يصرخ لمقدمك، ويستنهض الصفوف للقيام لك، ورأيت نفسي حين دخلت والعيون تتخطاني والقلوب تقتحمني، فقلت يا للعجب، كم تكذب العناوين، وكم تخدع الألقاب.. أتيت بي إلي هنا، لتحكم علي بالسجن كأن لم يكفك ما أسلفت إلي من الشقاء حتى أردت أن تجئ بلا حق لذلك السابق.. ألم تك إنساناً، فترثي لشقائي وبلائي؟ إن لم تكن عندي وسيلة أمت بها إليك، فوسيلتي إليك ابنتك هذه فهي الصلة الباقية بيني وبينك.
وهنا رفع " الذئب" – عفواً- رفع القاضي رأسه، ونظر إلي ابنته الصغيرة وأعلن أن المرأة قد طاف بها طائف من الجنون،وأن لابد من إحالتها علي الطبيب فصدق الناس قوله، ثم قام من مجلسه..
فيا الله ؟!!!!!!
فيا أختاه:
كوني أكبر من أن تقعي فريسة لذئب بشري يأخذ منك أعز ما تملكين ولا تظفري منه بأدني شيء.
فهيا أختاه أغلق باب كل فتنة وسدي باب كل شبهة وتذكري أن الفتاة الأمينة ثمينة فإذا خانت هانت.
حديثه .
أختاه :
أحذري الذين صوروا لك الحياة حباً في حب، وغراماً في غرام وعشقاً في عشق، فلا تسير ولا تصح الحياة بدون هذا لحب الذي يزعمون وبه يتشدقون قالوا: لابد من الحب الشريف بين الشاب والفتاة
والله يقول:
{ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا * وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} ( سورة الأحزاب: 32-33)
فأي حب هذا الذي يزعمون وأي شرف هذا الذي يتشدقون{ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ } ( سورة المنافقون: 4) فما الحب الشريف كما يزعمون إلا شهوة لم تفض ورغبة لم تتحقق وما دون ذلك وهم وضلال وكذب وتدليس علي النفس
إن الحب بين شاب وفتاة خرافة لا تروج سوقه إلا علي المجانين والمراهقين وأهل الديانة والخنسا.
وختاماً أختاه:
ضعي عفتك وكرامتك وشرف أهلك بين عينيك، تعرفين جيداً كيف تردين أي شيطان، فإن أفسق الرجال وأجرأهم علي الشر ، يخنس ويبلس ويتواري إن رأى أمامه فتاة متسترة، مرفوعة الهامة، ثابتة النظر، تمشي بجد وقوة وحزم، لا تلتفت تلفت الخائف ولا تضطرب اضطراب الخجل، حينئذ يطرح الذئب عن جلده فروة السباع وينزل من علي الجدار، تائباً مستغفراً ليطرق الباب في الحلال، رجلاً وسط أهله وعشيرته، بل ويستشفع بأهل الخير والصلاح ليشفعوا له عند أبيك، كي يمدحوه بالدين والخلق، فكفي بالدين والخلق مدحاً أنه ينسب إليهما كل أحد، وكفي بالرذيلة والخديعة مذمة أن يتبرأ منهما كل أحد.
هنالك تزفين وسط قبلات الأهل ، ودموع الأم وحنان الأب، مرفوعة هامتك، عزيز جانبك، إلي بيت الشرف والكرامة وأسأل الله – تعالي- لك أيتها الدرة المصونة والجوهرة المكنونة أن يحسن الله فرجك ويطهر قلبك ويعزك الله– تعالي- بطاعته.
"سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك "
1- التوبة النصوح وصدق اللجوء إلي الله تعالي للتخلص من داء العشق:
فإن النار المندلعة في صدر العشاق لا تطفأ إلا بصدق اللجوء إلي الله والإخلاص له فإنه لا ملجأ إلي أحد سواه تعالي، فالعاشق يتوجه بجوارحه إلي ربه ويطلب منه أن يخلصه من هذا الداء العضال ويلح عليه، فهو سبحانه الذي يزيل هذا الداء ويعين علي الطاعة وليس هناك دواء لهذا العشق أنفع من الإخلاص لله ، وهو الدواء الذي ذكره الله في كتابه حيث قال:
{ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ} ( سورة يوسف: 24)
فأخبر سبحانه أنه صرف عنه السوء من العشق والفحشاء من الفعل بإخلاصه، فإن في القلب شعث لا يلمه إلا الإقبال علي الله، وفي القلب وحشة لا يزيلها إلا الأنس به (جل وعلا) وفي القلب حزن لا يذهبه إلا السرور بالقرب منه (سبحانه) وصدق الأوبة إليه رجاء النجاة، وفي القلب قلق لا يسكنه إلا الاجتماع عليه ، وفي القلب فاقة وفقر وحاجة لا يسدها إلا محبته والإنابة إليه ودوام ذكره( سبحانه وتعالي) وصدق الإخلاص له في القلب نار وحسرات لا يطفئها إلا الرضا بأمره ونهيه وقضائه وقدره ومعانقة الصبر علي ذلك إلي وقت لقائه وعند اللقاء يكون العوض وأي عوض إنها الجنة.
2- تعمد البعد عن المحبوب:
فكما أن الحب ولد بالتعود فإنه سيموت بالتعود كما قيل: الحب يولد ويموت بالتعود
فإن المحب إذا تاب إلي الله تعالى والتزم بأوامر دينه فإنه يمتنع عن التلاقي والنظر والتخاطب مع الحبيب ويشغل نفسه بطاعة الله فهو العصمة من الانشغال بهذا الحب الوهمي والسقوط في الرذيلة.
فإن الفرار وقسوة الفراق لعدة أيام خير ألف مرة من السقوط في الرذيلة والانقياد لأوهام الشيطان.
3- تذكر مساوئ المحبوب وعيوبه:
يقول ابن مسعود " إذا أعجبت أحدكم امرأة فليتذكر مناتنها"
4- تقديم محبة الله فوق كل محاب:
فقد أخرج البخاري ومسلم من حديث أنس أن النبي صلى الله عليه و سلم قال:
" ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما ...."
لكن هناك من يخالف ذلك فيقدم محبة الحبيب فوق محبة رب العالمين فيعذبه الله به وهذه سنة ربانية أنه من أحب شيئاً أكثر من الله عذبه الله به، فمن وقعت صريعة الهوى فسرعان ما تجعل حبيبها صنماً تعكف عليه وتراه في منامها ويقظتها وفي خيالها وفي صفحات كتابها بل تفكر فيه وهي في صلاتها فيضيع خشوعها ويأتيها طيفه أثناء محاضرة العلم وفي الطريق العام فيملأعليها نفسها وحياتها فتكون في حالة ذكر دائم له بالقلب وباللسان .
والسؤال لماذا كل هذا:
ماذا أعطي هذا الشاب هذه الفتاة حتى أنساها ذكر الله ، فهي تذكره أكثر من ذكرها لله. فهل أعطاها هذا الشاب الشمس ودفئها؟ أم الليل لتسكن فيه أهو الذي وهبها الجمال؟ أم هو الذي منحها نظم دقات القلب؟
أم هو الذي أسبغ عليها نعمة النظر وجمال العينين؟ ماذا أعطاها وماذا يملك أن يعطيها؟
فلنعلم جميعاً أن الله يغار عندما يعطي العبد كل هذه النعم التي لا تعد ولا تحصي ثم ينصرف العبد عن شكره وذكره إلي ذكر عبد من عباده وتقديم محابه فوق محاب الله.
وأخيراً نصيحتي إلي الضحية الأولي في الحب الزائف:
إلي كل فتاة وقعت في شباك وفخاخ هذا الحب الزائف:
أعلمي أن هذا الحب الزائف ما هو إلا جوع جنسي، فهل يصدق الجائع إذا حلف بأغلظ الأيمان أنه لا يريد من المائدة الشهية إلا أن ينظر إليها ويشم ريحها فقط فهل هذا يعقل؟
- أعلمي يا من رضيت بالحديث مع الشاب فإنه لا يكتفي بذلك فقط بل سيطلب المقابلة ولم يكتف بذلك بل يحاول لمس يدك فإذا سلمت لم يكتف بذلك بل سيكون له مطالب أخرى حتى تقعي فريسة سهلة بين يديه فينهش في لحمك ثم يتركك هذا الذئب كالضحية بعدما يتمكن منك، ويذهب هو خفيفاً نظيفاً، وتحملي أنت ثمرة الإثم في أحشائك ثم يتوب هو فينسي المجتمع جريمته وتتوبي أنت فلا يقبل لك المجتمع توبة أبداً
- وإذا أراد هذا الشاب الزواج أعرض عن تلك الفتاة التي أفسدها مترفعاً عنها ومدعياً أنه لا يتزوج البنات الفاسدات مترفعاً عنها ولسان حاله يقول أميطوا هذا الأذى عن الطريق فإنه من شعب الإيمان.
ذئب تراه مصلياً | فإذا مررت به ركع |
يدعو وكل دعائه | ما للفريسة لا تقع؟ |
فإذا الفريسة وقعت | ذهب التنسك والورع |
فأين ما أخذه علي نفسه من وعود؟ أين ما قطعه من عهود؟
إن المخادع ذئب يغري الفتاة بحيله | يقول تعال إلي الحياة الجميلة | |
لكل بنت صديق وللخليل خليلة | يذيقها الكأس حلواً في ذي الحياة المليلة | |
ألا ترين فلانة ألا ترين الزميلة | وإن أردت سبيلاً فالعرس خير وسيلة | |
وانقادت الفتاة للذئب علي نفس ذليلة | فيا لفحش أتته ويا فعال وبيلة | |
حتى إذا الذئب أروي من الفتاة غليله | قال اللئيم وداعاً ففي النبات بديلة | |
قالت ألما وقعنا، أين الوعود الطويلة؟ | قال الخبيث وقد كشر عن مكر وحيلة | |
كيف الوثوق بفر وكيف أرضي سبيله | من خانت العرض يوماً عهودها مستحيلة | |
بكت عذاباُ وقهراً علي المخازي الوبيلة | عار ونار وخزي كذا حياة ذليلة | |
من طاوع الذئب يوماً أورده الموت غيلة |
كتبت إحداهن وكانت سليلة مجد ومن بيت عز تستعطف الذئب بعد أن سلبها عذريتها فقالت:
" لو كان بي أن أكتب إليك لأجدد عهداً دارساً أو وداً قديماً ما كتبت سطراً ، ولا خططت حرفاً، لأني لا أعتقد أن عهداً مثل عهدك الغادر، ووداً مثل ودك الكاذب، يستحق أن أحفل به فأذكره، أو آسف عليه فأطلب تجديده، إنك عرفت حين تركتني أن بين جنبي ناراً تضطرم، وجنيناً يضطرب، تلك للأسف علي الماضي، وذاك للخوف من المستقبل، فلم تبل بذلك، وفررت مني حتى لا تحمل نفسك مئونة النظر إلي شقاء أنت صاحبه، ولا تكلف يدك مسح دموع أنت مرسلها فهل أستطيع بعد ذلك أن أتصور أنك رجل شريف!لا بل لا أستطيع أن أتصور أنك إنسان، لأنك ما تركت خلة من الخلال المتفرقة في نفوس العجماوات والوحوش الضارية إلا جمعتها في نفسك، وظهرت بها جميعها في مظهر واحد، وكذبت علي في دعواك أنك تحبني وما كنت تحب إلا نفسك،وكل ما في الأمر أنك رأيتني السبيل إلي إرضاء نفسك، فممرت بي في طريقك إليها، ولولا ذلك ما طرقت لي باباً، ولا رأيت لي وجهاً، خنتني إذ عاهدتني علي الزواج، فأخلفت وعدك ذهاباً بنفسك أن تتزوج امرأة مجرمة ساقطة، وما هذه الجريمة ولا تلك السقطة إلا صورة نفسك ، وصنعة يدك، ولولاك ما كنت مجرمة ولا ساقطة، فقد دفعتك – جهدي- حتى عييت بأمرك، فسقطت بين يديك سقوط الطفل الصغير بين يدي الجبار الكبير، سرقت عفتي، فأصبحت ذليلة النفس حزينة القلب، استثقل الحياة واستبطئ الأجل، وأي لذة في العيش لامرأة لا تستطيع أن تكون زوجة لرجل ولا أماً لولد! بل لا تستطيع أن تعيش في مجتمع من هذه المجتمعات البشرية إلا وهي خافضة رأسها، ترتعد أوصالها، وتذوب أحشاؤها، خوفاً من تهكم المتهكمين، سلبتني راحتي لأني أصبحت مضطرة بعد تلك الحادثة إلي الفرار من ذلك القصر.. وتلك النعمة الواسعة وذلك العيش الراغد إلي منزل لا يعرفني فيه أحد.. قتلت أبي وأمي، فقد علمت أنهما ماتاً، وما أحسب موتهما إلا حزناً لفقدي، ويأساً من لقائي، قتلتني لأن ذلك العيش المر الذي شربته من كأسك، وذلك الهم الذي عالجته بسببك، قد بلغا مبلغهما من جسمي ونفسي فأصبحت في فراش الموت كالزبالة المحترقة. فأنت كاذب خادع ولص قاتل، ولا أحسب أن الله تاركك بدون أن يأخذ لي بحقي منك" ن أتوأن
( النظرات للمنفلوطي)
ذئب آخر.." كان من شباب الخلاعة واللهو، علم أن المنزل الذي يجاور منزله يشتمل علي فتاة حسناء من ذوات الثراء والنعمة والرفاهية والرغد، فرنا إليها النظرة الأولى فتعلقها، فكررها أخرى ، فبلغت منه، فتراسلا، ثم تزاورا، ثم افترقا، وقد ختمت روايتهما بما تختتم به كل رواية غرامية يمثلها أبناء آدم وحواء علي مسرح هذا الوجود، عادت الفتاة تحمل بين جانبيها هما يضطرم في فؤادها، وجنيناً يضطرب في أحشائها، وقد يكون لها إلي كتمان الأول سبيل، أما الثاني فسر مذاع وحديث مشاع ، إن اتسعت له الصدور، فلا تتسع له البطون، وإن ضن به اليوم فلا يضن به الغد.. فلما أسهر الهم ليلها، وأقض مضجعها، لم تر لها بداً من الفرار بنفسها، والنجاة بحياتها، فعمدت إلي ليلة من الليالي الداجية فلبستها وتلفعت بردائها، ثم رمت بنفسها في بحرها الأسود، فمازالت أمواجها تتلقفها وتترامى بها حتى قذفت بها إلي شاطئ الفجر، فإذا هي في غرفة مهجورة في إحدي المنازل البالية، في بعض الأحياء الخاملة وإذا هي وحيدة في غرفتها لا مؤنس لها إ ذلك الهم المضطرم.
وتدور عجلة الزمان دورتها، تلك العجلة التي لا حيلة لنا في إيقافها فماذا كان؟ يغفر المجتمع لهذا الذئب، ويقبل توبته، وينسي زلته ، ويعين قاضياً، وتضع المسكينة طفلتها في تلكم الغرفة المتهالكة، باعت جميع ما تملك يدها وما يحمل بدنها وما تشتمل عليه غرفتها من حلي وثياب وأثاث، حتى إذا طار غراب الليل عن مجثمه أسدلت برقعها علي وجهها وائتزرت بمئزرها، وأنشأت تطوف شوارع المدينة وتقطع طرقها، لا تبغي مقصداً ولا ترى غاية سوى الفرار بنفسها من همها لا يزال يسايرها ويترسم مواقع أقدامها.. وفي إحدى الليالي سيق ليها رجل، كان ينقم عليها شأناً من شئون شهواته ولذاته، فزعم أنها سرقت كيس دراهمه...ورفع أمرها إلي القضاء . وجاء يوم الفصل ...فسيقت إلي المحكمة، وفي يدها فتاتها، وقد بلغت السابعة من عمرها فأخذ القاضي ينظر في القضايا ويحكم فيها حتى أتي دور الفتاة، فما وقع بصره عليها حتى شدهت عن نفسها وألم بها من الاضطراب والحيرة ما كاد يذهب برشدها، وذلك أنها عرفته وعرفت أنه ذلك الفتي الذي كان سبب شقائها، وعلة بلائها، فنظرت إليه نظرة شزراء، ثم صرخت صرخة دوي بها المكان دوياً وقالت: " رويدك أيها القاضي، ليس لك أن تكون حكماً في قضيتي فكلانا سارق، وكلانا خائن، والخائن لا يقضي علي الخائن ، واللص لا يصلح أن يكون قاضياً بين اللصوص" فعجب القاضي والحاضرون لهذا المنظر الغريب.. وهم أن يدعو الشرطي لإخراجها، فحسرت قناعها عن وجهها، فنظر إليها نظرة ألم فيها بكل شيء .. وعادت الفتاة إلي إتمام حديثها فقالت: أنا سارقة المال، وأنت سارق العرض، والعرض أثمن من المال، فأنت أكبر مني جناية،وأعظم جرماً وإن الرجل الذي سرقت ماله ليستطيع أن يعزي نفسه باسترداده أو الاعتياض عنه، أما الفتاة التي سرقت عرضها فلا عزاء لها، لأن العرض الذاهب لا يعود، لولاك لما سرقت، ولا وصلت إلي ما إليه وصلت، فاترك كرسيك لغيرك، وقف بجانبي ليحاكمنا القضاء العادل علي جريمة واحدة، أنت مدبرها وأنا المسخرة فيها.. رأيتك حين دخلت هذا المكان وسمعت الحاجب يصرخ لمقدمك، ويستنهض الصفوف للقيام لك، ورأيت نفسي حين دخلت والعيون تتخطاني والقلوب تقتحمني، فقلت يا للعجب، كم تكذب العناوين، وكم تخدع الألقاب.. أتيت بي إلي هنا، لتحكم علي بالسجن كأن لم يكفك ما أسلفت إلي من الشقاء حتى أردت أن تجئ بلا حق لذلك السابق.. ألم تك إنساناً، فترثي لشقائي وبلائي؟ إن لم تكن عندي وسيلة أمت بها إليك، فوسيلتي إليك ابنتك هذه فهي الصلة الباقية بيني وبينك.
وهنا رفع " الذئب" – عفواً- رفع القاضي رأسه، ونظر إلي ابنته الصغيرة وأعلن أن المرأة قد طاف بها طائف من الجنون،وأن لابد من إحالتها علي الطبيب فصدق الناس قوله، ثم قام من مجلسه..
فيا الله ؟!!!!!!
عوى الذئب فاستأنست بالذئب إذ عوى | وصـوت إنـسان فكدت أطـير |
فيا أختاه:
كوني أكبر من أن تقعي فريسة لذئب بشري يأخذ منك أعز ما تملكين ولا تظفري منه بأدني شيء.
فهيا أختاه أغلق باب كل فتنة وسدي باب كل شبهة وتذكري أن الفتاة الأمينة ثمينة فإذا خانت هانت.
وتذكري كم من فتاة عضت أصابعها ندماً وأصبح أهلها يتوارون من القوم نظراً لما لُطخ بعرضها ،
ولكن هيهات هيهات وما حدث ذلك إلا لأنها نسيت عقلها وربها في قصة غرام أو ديوان غزل أو
بين صفحات مجلة أو عبر الهاتف أو أمام شاشة التلفاز أو عند نظرات ذئب جائع أو بين معسول
ولكن هيهات هيهات وما حدث ذلك إلا لأنها نسيت عقلها وربها في قصة غرام أو ديوان غزل أو
بين صفحات مجلة أو عبر الهاتف أو أمام شاشة التلفاز أو عند نظرات ذئب جائع أو بين معسول
حديثه .
أختاه :
أحذري الذين صوروا لك الحياة حباً في حب، وغراماً في غرام وعشقاً في عشق، فلا تسير ولا تصح الحياة بدون هذا لحب الذي يزعمون وبه يتشدقون قالوا: لابد من الحب الشريف بين الشاب والفتاة
والله يقول:
{ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا * وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} ( سورة الأحزاب: 32-33)
فأي حب هذا الذي يزعمون وأي شرف هذا الذي يتشدقون{ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ } ( سورة المنافقون: 4) فما الحب الشريف كما يزعمون إلا شهوة لم تفض ورغبة لم تتحقق وما دون ذلك وهم وضلال وكذب وتدليس علي النفس
إن الحب بين شاب وفتاة خرافة لا تروج سوقه إلا علي المجانين والمراهقين وأهل الديانة والخنسا.
وختاماً أختاه:
ضعي عفتك وكرامتك وشرف أهلك بين عينيك، تعرفين جيداً كيف تردين أي شيطان، فإن أفسق الرجال وأجرأهم علي الشر ، يخنس ويبلس ويتواري إن رأى أمامه فتاة متسترة، مرفوعة الهامة، ثابتة النظر، تمشي بجد وقوة وحزم، لا تلتفت تلفت الخائف ولا تضطرب اضطراب الخجل، حينئذ يطرح الذئب عن جلده فروة السباع وينزل من علي الجدار، تائباً مستغفراً ليطرق الباب في الحلال، رجلاً وسط أهله وعشيرته، بل ويستشفع بأهل الخير والصلاح ليشفعوا له عند أبيك، كي يمدحوه بالدين والخلق، فكفي بالدين والخلق مدحاً أنه ينسب إليهما كل أحد، وكفي بالرذيلة والخديعة مذمة أن يتبرأ منهما كل أحد.
هنالك تزفين وسط قبلات الأهل ، ودموع الأم وحنان الأب، مرفوعة هامتك، عزيز جانبك، إلي بيت الشرف والكرامة وأسأل الله – تعالي- لك أيتها الدرة المصونة والجوهرة المكنونة أن يحسن الله فرجك ويطهر قلبك ويعزك الله– تعالي- بطاعته.
"سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك "