شـمائل النّبـيّ صلّى الله عليه و سلّم الـخَلـقِيَّـة
كان صلّى الله عليه و سلّم وجهـه مستديرا أحسن من القمر ليلـة البدر: عن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال:« رأيت رسول الله صلّى الله عليه و سلّم في ليلة إضحيان (أي اللّيلة الّتي يكتمل فيها القمر) فجعلت أنظر إلى رسول الله صلّى الله عليه و سلّم وإلى القمر فإذا هو عندي أحسن من القمر ». [رواه التّرمذي].
وسأل رجل جابر بن سمرة رضي الله عنه هل وجهه مثل السّيف ؟ قال:« لا، بل كان مثل الشّمس والقمر مستديرا ». [رواه مسلم]
وكان صلّى الله عليه و سلّم ذا رأس ضخم: عن عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه قال:« كان ضخم الرّأس ». [رواه التّرمذي]
معنـى ضخم الرّأس: متوافق مع جسده. روى مسلم عن أبـي الطُّفيل قال:« رأيت رسول اللَّه صلّى الله عليه و سلّم وما على وجه الأَرض رجل رآه غيري ». قال الرّاوي عنه: فقلت له: فكيف رأيته ؟ قال:« كان أبيض مليحًا مُقَصّدًا ».
معنـى مُقَصَّدًا: أي وسطا في كلّ شيء.
وكان صلّى الله عليه و سلّم فمه كبيراً وكانت عيناه أيضاً كبيرتين سوداوين من غير كحل، قد طال شقّ كليهما، وأشفاره هدبا (طويلة): عن جابر بن سـمرة رضي الله عنه قال:« كان رسول الله صلّى الله عليه و سلّم ضليع الفم أشكل العين منهوس العقب ». [رواه مسلم].
قال شعبة: قلت لسماك: ما ضليع الفم ؟ قال: عظيم الفم. قلت: ما أشكل العين ؟ قال: طويل شقّ العين. قلت: ما منهوس العقب ؟ قال: قليل لـحم العقب.
وروى أبو نعيم في الدّلائل وغيره أنّ رسول الله صلّى الله عليه و سلّم لـما خرج مهاجرا إلى الـمدينة، وأبو بكر رضي الله عنه، ومولـى أبـي بكر عامر بن فهيرة، ودليلهما اللّيثي عبد الله بن أريقط مرّوا على خيمة أمّ معبد الخزاعيّة، وكانت امرأة بَرْزَة (الّتي تظهر في عفّة)، جلدة (قويّة) تـحتبـي، ( الاحْتبَاء: هو أن يَضُّمّ الإنسان رجْلَيْه إلى بَطْنه بثَوْب يَجْمَعَهُما به مع ظَهْره، ويَشُدُّه عليها. وقد يكون الاحتباء باليَدَيْن عوَض الثَّوب)، بفناء الـخيمة، ثـمّ تسقي وتطعم، فنظر رسول الله صلّى الله عليه و سلّم إلى شاة في تلك الـخيمة ، فقال: «ما هذه الشّاة يا أمّ معبد ؟ ». قالت: شاة خلّفها الجهد عن الغنم (أي تعبت ولم تستطع الذهاب إلى الـمرعى)، قال:« هل بـها من لبن؟» قالت: هي أجهد من ذلك (أي بلغ بـها التّعب بأن لا تستطيع أن تعطي اللّبن)، قال:« أتأذنين لي أن أحلبها ؟» قالت: بأبـي أنت وأمـي، إن رأيت بها حلبا فاحلبها، فدعا بـها رسول الله صلّى الله عليه و سلّم ، فمسح بيده ضرعها، وسـمّى الله تعالى، ودعا لـها في شاتـها، فتفاجت عليه (بـمعنى فرجت رجليها)، ودرّت (بدأت تعطي اللّبن)، فدعا بإناء يريض الرّهط (يروي الجماعة) فحلب فيه ثجّا (سال اللّبن سيلانا) حتّى علاه البهاء (امتلأ الإناء حتّى صار أعلاه رغوة)، ثـمّ سقاها حتّى رويت وسقى أصحابه حتّى رووا وشرب آخرهم حتّى أراضوا (أعادوا الشّرب مرّة أخرى)، ثمّ حلب فيه الثّانية حتّى ملأ الإناء، ثمّ ارتحلوا عنها، فجاء زوجها أبو معبد يسوق أعنُـزا عِجافا، فلمّا رأى أبو معبد اللّبن أعجبه، قال: من أين لك هذا يا أمّ معبد والشّاء عازب حائل (لـم يطرقها الفحل)، ولا حلوب في البيت ؟ قالت: لا والله إلاّ أنّه مرّ بنا رجل مبارك، قال: صفيه لي يا أمّ معبد، قالت: رأيت رجلا ظاهر الوضاءة (مشرق) أبلج الوجه (مشرق الوجه)، حسن الخلق، لم تعبه ثجلة (لم تفسده البدانة)، ولم تُزْرِه صعلة (ليس نـحيفا)، وسيم قسيم (قمّة في الجمال)، في عينيه دعج (شديد السّواد)، وفي أشفاره وطف (طويل الأشفار)، وفي صوته صحل (ليس شديد وليس رقيق)، وفي عنقه سطع (طويل العنق)، أحور أزجّ (عيناه كبيرتان وحاجبان يـمرّان بالعين كلّها وليس خشنين)، ربعة (لا طويل ولا قصير)، إن صمت فعليه الوقار، وإن تكلّم علاه البهاء، أجـمل النّاس وأبـهاهم من بعيد، وأحسنه وأجـمله من قريب، له رفقاء يـحفّون به، إن قال: سـمعوا لقوله، وإن أمر تبادروا إلى أمره، مـحفود (أي يـخدمه أصحابه) مـحشود (يـجتمع إليه النّاس) لا عابس (ليس مكشّر في وجوه النّاس )، ولا مفنّد (يسمع لرأي صاحبه إن كان صواب قبله وإن كان خطأ ردّه في أدب).
وكان شعره صلّى الله عليه و سلّم غزيرا يصل إلى منكبيه، ولا يسترسل على أذنيه، ولـم يكن في شعره شيب إلاّ بضع شعيرات: عن أنس رضي الله عنه قال:« كان رسول الله صلّى الله عليه و سلّم ليس بالـجعد القطط (شعر منقبض) ولا بالسبط (ليس مسترسلاً )، توفّاه الله وليس في رأسه ولـحيته عشرون شعرة بيضاء » [رواه الشّيخان].
وفي الصّحيحين عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال:« كان رسول اللَّه صلّى الله عليه و سلّم عظيم الـجُمَّة إلى شحمة أُذُنيه عليه حُلَّةٌ حـمراء ما رأَيت شيئًا قطُّ أحسن منه صلّى الله عليه و سلّم ).
وروى أبو داود عن عائشة رضي الله عنها قالت:« كان شعر رسول الله صلّى الله عليه و سلّم فوق الوفرة (الشّعر الّذي يصل إلى الأذن) ودون الـجمّة (يصل إلى الـمنكبين) ».
مواطن الشّيب:
أوّلاً: في مكان فرق الرّأس عن جابر بن سـمرة t قال:« ما كان في رأْس رسول اللَّه صلّى الله عليه و سلّم من الشَّيب إلاّ شعراتٌ في مفرق رأْسه إذا ادَّهن واراهنَّ الدُّهن ». [رواه الترمذي]
ثانياً: في صدغيه (مابين العين والأذن): في الصّحيحين عن قتادة قال:سأَلت أَنَسا رضي الله عنه هل خضب النَّبـيُّ صلّى الله عليه و سلّم قال :« لا إنَّما كان شيءٌ في صُدْغَيْهِ ».
ثالثاً: في العنفقة (الشّعر الّذي ينبت تحت الشّفى السّفلى): روى البخاري عن وهب أبي جحيفة السُّوائِيِّ رضي الله عنه قال:« رأَيت النَّبيَّ صلّى الله عليه و سلّم ورأَيت بياضًا من تَحْتِ شفته السُّفلى الْعَنْفَقَةَ ».
أمّا تسريـحة شعره صلّى الله عليه و سلّم: فقد روى البخاري عن ابن عبّاس رضي الله عنهما:« أنّ رسول اللَّه صلّى الله عليه و سلّم كان يسدل شعره وكان الـمشركون يفرقون رُءُوسَهُم فكان أَهل الكتاب يسدلون رءُوسَهُمْ وكان رسول اللَّه صلّى الله عليه و سلّم يحبُّ مُوافقة أهل الكتاب فيما لـم يُؤمر فيه بِشيءٍ ثـمَّ فَرَق رسول اللَّه صلّى الله عليه و سلّم ».
كيف كان يَفرِق صلّى الله عليه و سلّم: كان يحبّ التيمّن في كلّ شيء، فعن عائشة رضي الله عنها قالت:« كان رسول اللَّه صلّى الله عليه و سلّم يُحبُّ التَّيمُّن في طُهُوره إذا تطهَّر وفي ترجُّله إذا ترجَّل( إذا مشط شعره) وفي انْتِعاله إذا انتعل»[متفق عليه].
وكان صلّى الله عليه و سلّم يَعْقِص شعره أحيانا (أي: يربطه بشيء):عن أمّ هانئ رضي الله عنها قالت:« قدم النّبـيّ صلّى الله عليه و سلّم إلى مكّة وله أربع غدائر (ضفائر) ». [رواه أبو داود]
وكان صلّى الله عليه و سلّم يـخضب: عن أبي رمثة التّيمي قال:« أتيت النّبي صلّى الله عليه و سلّم ومعي ابن لـي فأُرِيتُهُ فقلت لـمّا رأيته هذا نبـيّ الله صلّى الله عليه و سلّم وعليه بردان أخضران وله شعر قد علاه الشّيب وشيبه أحـمر».[رواه التّرمذي]
وسئل أبو هريرة رضي الله عنه : هل خضب رسول الله صلّى الله عليه و سلّم ؟ قال: :« نعم ». [رواه أبو داود] .. يتبع ان شاء الله