- مقدمة :
من المعلوم أنّ النبي صلىّ الله عليه و سلّم كان يأمرنا ويحثنا دائما أنْ نسأل الله تعالى العلم النافع، فقد روى ابن ماجه عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صلىّ الله عليه و سلّم كَانَ يَقُولُ إِذَا صَلَّى الصُّبْحَ حِينَ يُسَلِّمُ (( اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ عِلْمًا نَافِعًا وَرِزْقًا طَيِّبًا وَعَمَلًا مُتَقَبَّلًا ))
بل كان يأمرنا أن نتعوذ من علم لا ينفع، كما روى ذلك ابن ماجه عَنْ جَابِرٍ t قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلىّ الله عليه و سلّم (( سَلُوا اللَّهَ عِلْمًا نَافِعًا وَتَعَوَّذُوا بِاللَّهِ مِنْ عِلْمٍ لَا يَنْفَعُ ))
وروى مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ t قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلىّ الله عليه و سلّم (( .. احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ وَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ ..))
ولا شك أنّ أفضل ما ينفع العبد في حياته وبعد موته هو العلم، فهو من أعظم النعم التي يمن الله تعالى بها على عباده
قال تعالى ] قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ [ (الزمر: من الآية9)
قال ابن رجب في رسالته النافعة " فضل علم السلف على علم الخلف " : < العلم النافع ما عرف العبد بربه ودله عليه حتى عرفه ووّحده وأنس به واستحيا منه وعبده كأنّه يراه .. فأصل العلم هو العلم بالله هو الذي يورث محبته وخشيته والقرب منه والأنس به والشوق إليه، ثم يتلوه العلم بأحكام الله وما رضيه وأحبه من علم أو عمل أو حال أو اعتقاد، فمن تحقق بهذين العِلمين كان علمه نافعا، وحصل له العلم النافع والقلب الخاشع والنفس القانعة والدعاء المستمع، هذا إن كان العلم نافعا، وهو العلم المستقى من الكتاب والسنة، فإن كان متلقا عن غير ذلك فهو غير نافع في نفسه. >
وقال ابن القيم في إعلام الموقعين ج(1/5) < أما بعد فإنّ أولى ما يتنافس به المتنافسون وأحرى ما يتسابق في حلبة سباقه المتسابقون ما كان به سعادة العبد في معاشه وما عاده كفيلا وعلى طريق هذه السعادة دليلا، وذلك العلم النافع والعمل الصالح اللذان لا سعادة للعبد إلا بهما ولا نجاة له إلا بالتعلق بسبهما، فمن رزقهما فقد فاز وغنم ومن حرمهما، فالخير كله حرم، وهما مورد انقسام العباد إلى مرحوم ومحروم، وبهما يتميز البر من الفاجر والتقي من الغوي والظالم من المظلوم ولما كان العلم للعمل قرينا وشافعا، وشرفه لشرف معلومه تابعا كان أشرف العلوم على الإطلاق علم التوحيد، وأنفعها علم أحكام أفعال العبيد، ولا سبيل إلى اقتباس هذين النورين وتلقي هذين العلمين إلا من مشكاة من قامت الأدلة القاطعة على عصمته وصرحت الكتب السماوية بوجوب طاعته ومتابعته وهو الصادق المصدوق الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى. >
لذلك كان يسمى هذا العلم قديما بالإيمان فهذه اللفظة أكثر إيحائا وأحسن وأفضل من كلمة العقيدة، لأنّ كلمة العقيدة صارت اليوم تطلق على المسائل العلمية فقط، أما كلمة الإيمان فهي توحي بالمسائل العلمية و توحي بالمسائل العملية
وكلمة العقيدة بمعنى المعقودة، أي معلومات معقودة في القلب، فهي مسائل تبنى على اليقين
لذلك اعتنى العلماء بهذا العلم منذ القديم فكثرت فيه المؤلفات، فمن هذه الكتب :
كتاب السنة لابن أبي عاصم، كتاب التوحيد لابن خزيمة، وكتاب التوحيد لابن منده، وإبطال التأويلات لأبي الفراء، وكتاب الحجة في بيان المحجة للأصبهاني، وكتاب قطف الثمر في عقيدة أهل الأثر لحسن صديق حسن خان
ــــــــــــــــــــــــــــ قواعد في الأسماء والصفات ــــــــ
· المبحث الأول : معنى الاسم والصفة
أما الاسم فقيل هو مشتق من الوسم، ومعناه العلامة، ومنه قولنا الكتاب المَوسوم
وقيل هو مشتق من السمو بمعنى الرفعة، لأنّ الاسم يرفع المسمى في الظهور
فعلى كلا القولين فالاسم يرفع المسمى بالظهور
أما في الاصطلاح: فالاسم هو ما دل على مسمى
أما الصفة: فهي العلامة اللازمة. قال ابن فارس الصفة هي العلامة اللازمة للشيء، ومثله النعت وهو وصفك الشيء بالحسن
الفرق بين الاسم والصفة
الأول : الاسم يدل على شيئين، الأول يدل على الذات، والثاني يدل على صفات الكمال
الثاني : الأسماء والصفات يشتركان في جواز الحلف بهما والنذر بهما، التعوذ بهما، لكن ينفرد الاسم بجواز التعبد له ودعاءه، ولا يجوز التعبد والتعوذ بالصفة، فلا تقول يا رحمة الله، كما لا تقول عبد الرحمة
الثالث : الاسم يشتق منه الصفة، أما الصفة فلا يشتق منها الاسم، فكل اسم صفة وليس كل صفة اسما
يقول ابن القيم : أسماءُهُ أوصافٌ مَدْح كلُها مشتقة قد حمّلت بمعاني
فمثلا اسم الله القادر نثبت به صفة القدرة، واسم العزيز نثبت به صفة العزة، ولكن الله تعالى وصف نفسه بأنّه ينزل ويمكر ويخدع، لكن لا يجوز أن نسمي الله نازل وماكر وخادع
الرابع : صفات الله تعالى تدل عليها الفطرة، لكن أسماء الله لا تثبت أبدا بالعقل، إنما تثبت بالنص
· المبحث الثاني : قواعد عامة في الأسماء والصفات
القاعدة الأولى : وجوب إثبات ما أتثبته الله تعالى لنفسه من الأسماء والصفات، وما أتثبته له رسوله صلىّ الله عليه و سلّم من غير تحريف ولا تمثيل ولا تعطيل ولا تكييف
قال ابن تيمية في مجموع الفتاوى ج(6/394) : < وقد طالعت التفاسير المنقولة عن الصحابة وما رووه من الحديث ووقفت من ذلك على ما شاء الله تعالى من الكتب الكبار والصغار أكثر من مائة تفسير فلم أجد إلى ساعتي هذه عن أحد من الصحابة أنّه تأوّل شيئا من آيات الصفات أو أحاديث الصفات بخلاف مقتضاها المفهوم المعروف، بل عنهم من تقرير ذلك وتثبيته وبيان أنّ ذلك من صفات الله ما يخالف كلام المتأولين. >
القاعدة الثانية : لا بد من نفي ما نفاه الله عن نفسه مع إثبات كمال ضدها
فمثلا إنّ الله عزّ و جلّ وصف نفسه بأنه لا ينام ولا يظلم ولا ينسى، فيجب علينا نفي هذه الأمور مع إثبات كمال ضدها فالله لا ينام لكمال حياته ولا يظلم لكمال عدله ولا ينسى لكمال علمه.
القاعدة الثالثة : أسماء الله توقيفية لا مجال للرأي فيها
فالأسماء والصفات لا يقاس عليها، فمثلا لا يقاس على القوي فيسمى الله بالجلد.
ــــــــــــــــــــــــــــ قواعد في الأسماء والصفات ــــــــ
القاعدة الرابعة : التوقف في الألفاظ المجملة، وهي التي لم ترد لا في كتاب ولا في سنة
كلفظ الجهة مثلا، فإذا قصدت بها أنّ الله تعالى حوته جهة فهذا لا شك أنه كفر وأما إذا أردت أنّ الله في جهة العلو فهذا نثبته فلا نثبتها ولا ننفيها
القاعدة الخامسة : ما ثبت بالعقل الصريح لا يعارض النقل الصحيح
وهذا خلاف ما ذهب إليه الطوائف الضالة كالأشاعرة الذين يرُدُون كل ما خالف العقل، وأخطر من نصر هذا المذهب فخر الدين الرازي الذي ألّف كتابه أساس التقديس، فقال: إذا خالف النقلُ العقلَ لا يخلو الأمر من أربع حالات
الحالة الأولى : أن نبطلهما معا وهذا محال لأنّ هذا طعنا فيهما معا
الحالة الثانية : أن نقبلهما معا، وهذا محال لأنّه من أمحل المحال اجتماع الضدين في الحال
الحالة الثالثة : أن نقدم النقل على العقل، وهذا محال لأنّنا ما صدقنا بالنقل وما عرفنا صحة القرآن وما عرفنا إثبات وجود الله إلا من خلال العقل
فلم تبقى إلا الحالة الرابعة، وهي أن نقدم العقل على النقل.
ولكن بحمد الله قيّض الله لهذا الدين من جاء ونقض هذا الأساس من جذوره، فجاء ابن تيمية في كتابه درء تعارض العقل والنقل وكتاب تلبيس الجهمية المعروف بنقض التأسيس فقال في ملخص كلامه
أولا : سبيل المنع، إنّ النقل الصحيح لا يعارض العقل الصريح
كذلك يمكن أن تكون هناك حالة خامسة، وهي أننا نقدم النقل أحيانا، والعقل أحيانا بحسب الأدلة الخارجية
كما يمكننا أن نقدم النقل على العقل، لأنّنا لما آمنا بالعقل للزم هذا أن يكون الوحي صادقا، لأنّ توصلنا إليه بالعقل الصحيح، ولو قلت إنّ النقل لا يصح لاتهمنا العقل أيضا لأنّه هو الذي أوصلنا إليه.
قال ابن تيمية : < إذا تعارض العقل والنقل وجب تقديم النقل لأن الجمع بين المدلولين جمع بين النقيضين ورفعهما رفع للنقيضين وتقديم العقل ممتنع لأنّ العقل قد دل على صحة السمع ووجوب قبول ما أخبر به الرسول صلىّ الله عليه و سلّم فلو أبطلنا النقل لكنا قد أبطلنا دلالة العقل، وإذا أبطلنا دلالة العقل لم يصلح أن يكون معارضا للنقل لأنّ ما ليس بدليل لا يصلح لمعارضة شيء من الأشياء فكان تقديم العقل موجبا عدم تقديمه فلا يجوز تقديمه، وهذا بين واضح فإنّ العقل هو الذي دل على صدق السمع وصحته وأنّ خبره مطابق لمخبره، فإن جاز أن تكون هذه الدلالة باطلة لبطلان النقل لزم أن لا يكون العقل دليلا صحيحا، وإذا لم يكن دليلا صحيحا لم يجز أن يتبع بحال فضلا عن أن يقدم فصار تقديم العقل على النقل قدحا في العقل بانتفاء لوازمه ومدلوله، وإذا كان تقديمه على النقل يستلزم القدح فيه والقدح فيه يمنع دلالته والقدح في دلالته يقدح في معارضته كان تقديمه عند المعارضة مبطلا للمعارضة فامتنع تقديمه على النقل وهو المطلوب، وأما تقديم النقل عليه فلا يستلزم فساد النقل في نفسه. >
ــــــــــــــــــــــــــ قواعد في الأسماء والصفات ــــــــ
ثانيا : سبيل التسليم
نسلم أن النقل والعقل تعارضا، فإننا نقدم النقل على العقل، لأنّ النقل بمثابة النور والعقل بمثابة العين، ولا يمكن للعين أن تبصر في الظلام، فكما أنّ العين لا تستغني عن النور فكذلك العقل لا يمكنه أن يستغني عن الوحي.
القاعدة السادسة : قطع الطمع في إدراك حقيقة كيفية صفات الله تعالى ] وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً [ (طـه: 110) لذلك لما حاول المتكلمون الخوض في الله تعالى بعقولهم تاهوا وضلوا ضلالا بعيدا، قال ابن القيم في الصواعق المرسلة ج(4/ 1261) < .. والفاضل عندهم الشاك، وكلما كان الرجل أعظم شكا كان عندهم أفضل، فهذا شكهم في الدنيا وأما عند الموت فقد قال العارف بحقيقة أمرهم: أكثر الناس شكا عند الموت أرباب الكلام. وقد أقروا على أنفسهم بالشك وعدم اليقين في كتبهم وعند موتهم كما تقدم حكاية ذلك عن أفاضلهم ورؤوسهم حتى قال بعضهم عند موته والله ما أدري على ماذا أموت عليه ثم قال اشهدوا على أني على عقيدة أمي. وقال الآخر: اشهدوا علي أني أموت وما عرفت إلا مسألة واحدة وهي أن الممكن مفتقر إلى الواجب. ثم قال: الافتقار أمر عدمي بل أموت وما عرفت شيئا وقال الآخر: أضع الإزار على وجهي ثم أقابل بين أقوال هؤلاء وهؤلاء حتى يطلع الفجر ولا يتبين لي منها شيء. ويقول الآخر: لقد تأملت الطرق الكلامية والمناهج الفلسفية فما رأيتها تشفي عليلا ولا تروي غليلا ورأيت أقرب الطرق طريقة القرآن اقرأ في الإثبات "الرحمن على العرش استوى" (طه:5)، "إليه يصعد الكلم الطيب" (فاطر:10)، وأقرأ في النفي "ليس كمثله شيء" (الشورى:11) "ولا يحيطون به علما" (طه:110) ومن جرب مثل تجربتي عرف مثل معرفتي وقد حكينا كلامه فيما تقدم. وقال الآخر: لعمري لقد طفت في تلك المعاهد كلها وسيرت طرفي بين تلك المعالم فلم أر إلا واضعا كف حائر على ذقن أو قارعا سن نادم، وهذا باب طويل من أراد الوقوف عليه فليطالع أخبار القوم وسيرتهم وما أقروا به على أنفسهم >
القاعدة السابعة : كل اسم لله عزّ و جلّ يتضمن صفة وليس العكس
فمثلا اسمه العزيز والرحيم فنثبت له صفة الرحمة والعزة، لكن لا نشتق له من صفة الاستواء اسم المستوي
القاعدة الثامنة : صفات الله تثبت على وجه التفصيل، أما نفي ما نفاه الله عنه فيثبت على وجه الإجمال
وهذه القاعدة مستنبطة من قوله تعالى ] لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ [ (الشورى:11)
القاعدة التاسعة : صفات الله تعالى تثبت على وجه الكمال، فكل صفة كمال فالله بها أولى، وكل صفة نقص فالله عزّ و جلّ عنها أنزه
القاعدة العاشرة : دلالة الكتاب والسنة على الصفات إما بالتصريح أو بالإشارة
وقد ضلّ في هذا طائفتان اثنتان، طائفة أنكرت بعض النصوص لأنها رأت أنه لا يمكن حملها على ظاهرها، كقوله تعالى في الحديث القدسي ( عبدي مرضت فلم تعدني ) فراحوا يؤولون كل الصفات
وطائفة أخرى أخذت بالظاهر، فجعلت كل النصوص على ظاهرها
ــــــــــــــــــــــــــ قواعد في الأسماء والصفات ــــــــ
رد شيخ الإسلام ابن تيمية على هاتين الطائفتين فقال في مجموع الفتاوى ج(13/ 15) < نصوص الصفات يفسر كل منها بحسب السياق واللحاق، والقرائن تدل إن كانت من نصوص الصفات أو لا، فقوله تعالى ] هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ وَالْمَلائِكَةُ [(البقرة:210) فهذا نص يثبت صفة لكن هذا ليس منه قوله تعالى ] فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا [ (الحشر:2)، وقوله ] فَأَتَى اللَّهُ بُنْيَانَهُمْ مِنَ الْقَوَاعِدِ [ (النحل:26)
وقال في درء التعارض ج(5/541) : < النصوص التي تأتي فيها الصفات ثلاثة، نصوص جيء بها لإثبات صفة نحو قوله تعالى ] إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ [ (الأعراف: 54)
ونصوص تدل على الصفة كقوله تعالى ] فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ [ (البقرة:115) فالمقصود في هذه الآية هو القبلة، فهذا نص لم يأت لإثبات صفة، ولكنه يدل على صفة لأنّه لا يكمن تشبيه شيء بشيء معدوم
وأما من النوع الثالث فهي نصوص لم تسق لإثبات صفة، ولا تدل على صفة، كقوله تعالى ] أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حسرتا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ [ (الزمر: 56). >
القاعدة الحادية عشرة : صفات الله يستعاذ بها ويحلف بها، ولكن لا يتعبد بها ولا يدعى بها
قال تعالى ( فَبِعِزَتِكَ )، وفي الحديث " أعُوذُ برِضَاكَ مِن سَخَطِك " ، " أعُوذُ بِكَلِمَاتِ الله التَامَاتِ "
القاعدة الثانية عشرة : الكلام في الصفات كالكلام في الذات، فلا يجوز إبطال الوصف للعجز عن إدراك الأصل
القاعدة الثالثة عشرة : القول في بعض الصفات كالقول في البعض الآخر
القاعدة الرابعة عشرة : ما أضيف إلى الله عزّ و جلّ وهو غبر بائن منه فهو صفة له غير مخلوقة، وما أضيف إلى الله وهو بائن منه فهو مخلوق، أي ليس كل ما أضيف لله فهو صفة
فمن النوع الأول كـ وجه الله، و كلام الله، ومن النوع الثاني كـ ناقة الله، و بيت الله
القاعدة الخامسة عشرة : صفات الله عزّ و جلّ تثبت بالنصوص الصحيحة ولو كانت آحادا
القاعدة السادسة عشرة : معاني صفات الله عزّ و جلّ الثابتة بالكتاب والسنة معلومة المعنى مجهولة الكيفية
القاعدة السابعة عشرة : يجب الإيمان بكل الأسماء والصفات التي ثبتت لله ] آمَنَّا بهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا [(آل عمران:7)
القاعدة الثامنة عشرة : باب الأخبار أوسع من باب الصفات
فيجوز مثلا أن تخبر عن الله بأنّه موجود، وأنّه شيء، قال تعالى ] قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ اللَّهُ [ (الأنعام: 19) لكن لا يسمى الله ولا يوصف بأنّه شيء وموجود وقديم
القاعدة التاسعة عشرة : صفات الله تعالى لا يقاس عليها
فمثلا من صفات الله تعالى القوة فلا يجوز أن نقيس عليه ونصفه بالجلد، كذلك لا يجوز أن نصف الله بالرقة قياسا على الرحمة ( وهذا باتفاق العلماء )
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ أنواع صفات الله ــــــــ
أما الأسماء فحكى فيها شيخ الإسلام ابن تيمية ثلاثة أقوال لأهل العلم :
1. قول الجمهور : لا يجوز القياس على أسماء الله تعالى، فهي توقيفية
2. قول الباقلاني :كل اسم دل على معنى اسم آخر فجائز إثباته
3. القول الثالث والذي اختاره ابن تيمية، قال : لابد من التفصيل، فيفرق بين الدعاء والإخبار، فلا يدعى إلا بأسماء الله، أما عند الإخبار عنه فيجوز بحسب الحاجة إليه في إيصال المراد المقصود كـ ذات، وشيء، وموجود
القاعدة العشرون : صفات الله لا حصر لها
وذلك لأنّ كل اسم صفة، وأسماء الله عزّ و جلّ غير محصورة إذن فصفاته كذلك غير محصورة
· المبحث الثالث : أنواع صفات الله
باعتبار الثبوت والنفي
صفات ثبوتية ( إيجابية ) صفات نفي ( سلبية )
مثالها : السمع والبصر لا يموت، لا ينسى، لا يظلم
( وهذه الصفات يجب إثبات كمال ضدها )
باعتبار تعلقها بالذات أو بالأفعال
ذاتية فعلية
وهي ما تعلقت بذات الله تعالى أزلا وأبدا وهو صفات تتعلق بمشيئته فيفعلها متى شاء
كالعلم، والقدرة، والوجه، والسمع كالغضب، والفرح، والكلام
تنبيه : بعض صفات الأفعال قد تكون صفات ذات وفي الوقت نفسه هي صفات أفعال
كالكلام فهو باعتبار الصفة صفة ذات، وباعتبار آحاد الكلام فهي صفة فعل
باعتبار أدلة ثبوتها
صفات نقلية صفات عقلية
وهي التي لا تثبت إلا بالنص وهي التي يمكن إدراكها بالعقل
كـ:صفة الفرح والإتيان والاستواء على العرش كـ صفة الحياة، القدرة، العلم
يتبع ان شاء الله اخوكم هشام الجزائري
من المعلوم أنّ النبي صلىّ الله عليه و سلّم كان يأمرنا ويحثنا دائما أنْ نسأل الله تعالى العلم النافع، فقد روى ابن ماجه عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صلىّ الله عليه و سلّم كَانَ يَقُولُ إِذَا صَلَّى الصُّبْحَ حِينَ يُسَلِّمُ (( اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ عِلْمًا نَافِعًا وَرِزْقًا طَيِّبًا وَعَمَلًا مُتَقَبَّلًا ))
بل كان يأمرنا أن نتعوذ من علم لا ينفع، كما روى ذلك ابن ماجه عَنْ جَابِرٍ t قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلىّ الله عليه و سلّم (( سَلُوا اللَّهَ عِلْمًا نَافِعًا وَتَعَوَّذُوا بِاللَّهِ مِنْ عِلْمٍ لَا يَنْفَعُ ))
وروى مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ t قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلىّ الله عليه و سلّم (( .. احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ وَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ ..))
ولا شك أنّ أفضل ما ينفع العبد في حياته وبعد موته هو العلم، فهو من أعظم النعم التي يمن الله تعالى بها على عباده
قال تعالى ] قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ [ (الزمر: من الآية9)
قال ابن رجب في رسالته النافعة " فضل علم السلف على علم الخلف " : < العلم النافع ما عرف العبد بربه ودله عليه حتى عرفه ووّحده وأنس به واستحيا منه وعبده كأنّه يراه .. فأصل العلم هو العلم بالله هو الذي يورث محبته وخشيته والقرب منه والأنس به والشوق إليه، ثم يتلوه العلم بأحكام الله وما رضيه وأحبه من علم أو عمل أو حال أو اعتقاد، فمن تحقق بهذين العِلمين كان علمه نافعا، وحصل له العلم النافع والقلب الخاشع والنفس القانعة والدعاء المستمع، هذا إن كان العلم نافعا، وهو العلم المستقى من الكتاب والسنة، فإن كان متلقا عن غير ذلك فهو غير نافع في نفسه. >
وقال ابن القيم في إعلام الموقعين ج(1/5) < أما بعد فإنّ أولى ما يتنافس به المتنافسون وأحرى ما يتسابق في حلبة سباقه المتسابقون ما كان به سعادة العبد في معاشه وما عاده كفيلا وعلى طريق هذه السعادة دليلا، وذلك العلم النافع والعمل الصالح اللذان لا سعادة للعبد إلا بهما ولا نجاة له إلا بالتعلق بسبهما، فمن رزقهما فقد فاز وغنم ومن حرمهما، فالخير كله حرم، وهما مورد انقسام العباد إلى مرحوم ومحروم، وبهما يتميز البر من الفاجر والتقي من الغوي والظالم من المظلوم ولما كان العلم للعمل قرينا وشافعا، وشرفه لشرف معلومه تابعا كان أشرف العلوم على الإطلاق علم التوحيد، وأنفعها علم أحكام أفعال العبيد، ولا سبيل إلى اقتباس هذين النورين وتلقي هذين العلمين إلا من مشكاة من قامت الأدلة القاطعة على عصمته وصرحت الكتب السماوية بوجوب طاعته ومتابعته وهو الصادق المصدوق الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى. >
لذلك كان يسمى هذا العلم قديما بالإيمان فهذه اللفظة أكثر إيحائا وأحسن وأفضل من كلمة العقيدة، لأنّ كلمة العقيدة صارت اليوم تطلق على المسائل العلمية فقط، أما كلمة الإيمان فهي توحي بالمسائل العلمية و توحي بالمسائل العملية
وكلمة العقيدة بمعنى المعقودة، أي معلومات معقودة في القلب، فهي مسائل تبنى على اليقين
لذلك اعتنى العلماء بهذا العلم منذ القديم فكثرت فيه المؤلفات، فمن هذه الكتب :
كتاب السنة لابن أبي عاصم، كتاب التوحيد لابن خزيمة، وكتاب التوحيد لابن منده، وإبطال التأويلات لأبي الفراء، وكتاب الحجة في بيان المحجة للأصبهاني، وكتاب قطف الثمر في عقيدة أهل الأثر لحسن صديق حسن خان
ــــــــــــــــــــــــــــ قواعد في الأسماء والصفات ــــــــ
· المبحث الأول : معنى الاسم والصفة
أما الاسم فقيل هو مشتق من الوسم، ومعناه العلامة، ومنه قولنا الكتاب المَوسوم
وقيل هو مشتق من السمو بمعنى الرفعة، لأنّ الاسم يرفع المسمى في الظهور
فعلى كلا القولين فالاسم يرفع المسمى بالظهور
أما في الاصطلاح: فالاسم هو ما دل على مسمى
أما الصفة: فهي العلامة اللازمة. قال ابن فارس الصفة هي العلامة اللازمة للشيء، ومثله النعت وهو وصفك الشيء بالحسن
الفرق بين الاسم والصفة
الأول : الاسم يدل على شيئين، الأول يدل على الذات، والثاني يدل على صفات الكمال
الثاني : الأسماء والصفات يشتركان في جواز الحلف بهما والنذر بهما، التعوذ بهما، لكن ينفرد الاسم بجواز التعبد له ودعاءه، ولا يجوز التعبد والتعوذ بالصفة، فلا تقول يا رحمة الله، كما لا تقول عبد الرحمة
الثالث : الاسم يشتق منه الصفة، أما الصفة فلا يشتق منها الاسم، فكل اسم صفة وليس كل صفة اسما
يقول ابن القيم : أسماءُهُ أوصافٌ مَدْح كلُها مشتقة قد حمّلت بمعاني
فمثلا اسم الله القادر نثبت به صفة القدرة، واسم العزيز نثبت به صفة العزة، ولكن الله تعالى وصف نفسه بأنّه ينزل ويمكر ويخدع، لكن لا يجوز أن نسمي الله نازل وماكر وخادع
الرابع : صفات الله تعالى تدل عليها الفطرة، لكن أسماء الله لا تثبت أبدا بالعقل، إنما تثبت بالنص
· المبحث الثاني : قواعد عامة في الأسماء والصفات
القاعدة الأولى : وجوب إثبات ما أتثبته الله تعالى لنفسه من الأسماء والصفات، وما أتثبته له رسوله صلىّ الله عليه و سلّم من غير تحريف ولا تمثيل ولا تعطيل ولا تكييف
قال ابن تيمية في مجموع الفتاوى ج(6/394) : < وقد طالعت التفاسير المنقولة عن الصحابة وما رووه من الحديث ووقفت من ذلك على ما شاء الله تعالى من الكتب الكبار والصغار أكثر من مائة تفسير فلم أجد إلى ساعتي هذه عن أحد من الصحابة أنّه تأوّل شيئا من آيات الصفات أو أحاديث الصفات بخلاف مقتضاها المفهوم المعروف، بل عنهم من تقرير ذلك وتثبيته وبيان أنّ ذلك من صفات الله ما يخالف كلام المتأولين. >
القاعدة الثانية : لا بد من نفي ما نفاه الله عن نفسه مع إثبات كمال ضدها
فمثلا إنّ الله عزّ و جلّ وصف نفسه بأنه لا ينام ولا يظلم ولا ينسى، فيجب علينا نفي هذه الأمور مع إثبات كمال ضدها فالله لا ينام لكمال حياته ولا يظلم لكمال عدله ولا ينسى لكمال علمه.
القاعدة الثالثة : أسماء الله توقيفية لا مجال للرأي فيها
فالأسماء والصفات لا يقاس عليها، فمثلا لا يقاس على القوي فيسمى الله بالجلد.
ــــــــــــــــــــــــــــ قواعد في الأسماء والصفات ــــــــ
القاعدة الرابعة : التوقف في الألفاظ المجملة، وهي التي لم ترد لا في كتاب ولا في سنة
كلفظ الجهة مثلا، فإذا قصدت بها أنّ الله تعالى حوته جهة فهذا لا شك أنه كفر وأما إذا أردت أنّ الله في جهة العلو فهذا نثبته فلا نثبتها ولا ننفيها
القاعدة الخامسة : ما ثبت بالعقل الصريح لا يعارض النقل الصحيح
وهذا خلاف ما ذهب إليه الطوائف الضالة كالأشاعرة الذين يرُدُون كل ما خالف العقل، وأخطر من نصر هذا المذهب فخر الدين الرازي الذي ألّف كتابه أساس التقديس، فقال: إذا خالف النقلُ العقلَ لا يخلو الأمر من أربع حالات
الحالة الأولى : أن نبطلهما معا وهذا محال لأنّ هذا طعنا فيهما معا
الحالة الثانية : أن نقبلهما معا، وهذا محال لأنّه من أمحل المحال اجتماع الضدين في الحال
الحالة الثالثة : أن نقدم النقل على العقل، وهذا محال لأنّنا ما صدقنا بالنقل وما عرفنا صحة القرآن وما عرفنا إثبات وجود الله إلا من خلال العقل
فلم تبقى إلا الحالة الرابعة، وهي أن نقدم العقل على النقل.
ولكن بحمد الله قيّض الله لهذا الدين من جاء ونقض هذا الأساس من جذوره، فجاء ابن تيمية في كتابه درء تعارض العقل والنقل وكتاب تلبيس الجهمية المعروف بنقض التأسيس فقال في ملخص كلامه
أولا : سبيل المنع، إنّ النقل الصحيح لا يعارض العقل الصريح
كذلك يمكن أن تكون هناك حالة خامسة، وهي أننا نقدم النقل أحيانا، والعقل أحيانا بحسب الأدلة الخارجية
كما يمكننا أن نقدم النقل على العقل، لأنّنا لما آمنا بالعقل للزم هذا أن يكون الوحي صادقا، لأنّ توصلنا إليه بالعقل الصحيح، ولو قلت إنّ النقل لا يصح لاتهمنا العقل أيضا لأنّه هو الذي أوصلنا إليه.
قال ابن تيمية : < إذا تعارض العقل والنقل وجب تقديم النقل لأن الجمع بين المدلولين جمع بين النقيضين ورفعهما رفع للنقيضين وتقديم العقل ممتنع لأنّ العقل قد دل على صحة السمع ووجوب قبول ما أخبر به الرسول صلىّ الله عليه و سلّم فلو أبطلنا النقل لكنا قد أبطلنا دلالة العقل، وإذا أبطلنا دلالة العقل لم يصلح أن يكون معارضا للنقل لأنّ ما ليس بدليل لا يصلح لمعارضة شيء من الأشياء فكان تقديم العقل موجبا عدم تقديمه فلا يجوز تقديمه، وهذا بين واضح فإنّ العقل هو الذي دل على صدق السمع وصحته وأنّ خبره مطابق لمخبره، فإن جاز أن تكون هذه الدلالة باطلة لبطلان النقل لزم أن لا يكون العقل دليلا صحيحا، وإذا لم يكن دليلا صحيحا لم يجز أن يتبع بحال فضلا عن أن يقدم فصار تقديم العقل على النقل قدحا في العقل بانتفاء لوازمه ومدلوله، وإذا كان تقديمه على النقل يستلزم القدح فيه والقدح فيه يمنع دلالته والقدح في دلالته يقدح في معارضته كان تقديمه عند المعارضة مبطلا للمعارضة فامتنع تقديمه على النقل وهو المطلوب، وأما تقديم النقل عليه فلا يستلزم فساد النقل في نفسه. >
ــــــــــــــــــــــــــ قواعد في الأسماء والصفات ــــــــ
ثانيا : سبيل التسليم
نسلم أن النقل والعقل تعارضا، فإننا نقدم النقل على العقل، لأنّ النقل بمثابة النور والعقل بمثابة العين، ولا يمكن للعين أن تبصر في الظلام، فكما أنّ العين لا تستغني عن النور فكذلك العقل لا يمكنه أن يستغني عن الوحي.
القاعدة السادسة : قطع الطمع في إدراك حقيقة كيفية صفات الله تعالى ] وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً [ (طـه: 110) لذلك لما حاول المتكلمون الخوض في الله تعالى بعقولهم تاهوا وضلوا ضلالا بعيدا، قال ابن القيم في الصواعق المرسلة ج(4/ 1261) < .. والفاضل عندهم الشاك، وكلما كان الرجل أعظم شكا كان عندهم أفضل، فهذا شكهم في الدنيا وأما عند الموت فقد قال العارف بحقيقة أمرهم: أكثر الناس شكا عند الموت أرباب الكلام. وقد أقروا على أنفسهم بالشك وعدم اليقين في كتبهم وعند موتهم كما تقدم حكاية ذلك عن أفاضلهم ورؤوسهم حتى قال بعضهم عند موته والله ما أدري على ماذا أموت عليه ثم قال اشهدوا على أني على عقيدة أمي. وقال الآخر: اشهدوا علي أني أموت وما عرفت إلا مسألة واحدة وهي أن الممكن مفتقر إلى الواجب. ثم قال: الافتقار أمر عدمي بل أموت وما عرفت شيئا وقال الآخر: أضع الإزار على وجهي ثم أقابل بين أقوال هؤلاء وهؤلاء حتى يطلع الفجر ولا يتبين لي منها شيء. ويقول الآخر: لقد تأملت الطرق الكلامية والمناهج الفلسفية فما رأيتها تشفي عليلا ولا تروي غليلا ورأيت أقرب الطرق طريقة القرآن اقرأ في الإثبات "الرحمن على العرش استوى" (طه:5)، "إليه يصعد الكلم الطيب" (فاطر:10)، وأقرأ في النفي "ليس كمثله شيء" (الشورى:11) "ولا يحيطون به علما" (طه:110) ومن جرب مثل تجربتي عرف مثل معرفتي وقد حكينا كلامه فيما تقدم. وقال الآخر: لعمري لقد طفت في تلك المعاهد كلها وسيرت طرفي بين تلك المعالم فلم أر إلا واضعا كف حائر على ذقن أو قارعا سن نادم، وهذا باب طويل من أراد الوقوف عليه فليطالع أخبار القوم وسيرتهم وما أقروا به على أنفسهم >
القاعدة السابعة : كل اسم لله عزّ و جلّ يتضمن صفة وليس العكس
فمثلا اسمه العزيز والرحيم فنثبت له صفة الرحمة والعزة، لكن لا نشتق له من صفة الاستواء اسم المستوي
القاعدة الثامنة : صفات الله تثبت على وجه التفصيل، أما نفي ما نفاه الله عنه فيثبت على وجه الإجمال
وهذه القاعدة مستنبطة من قوله تعالى ] لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ [ (الشورى:11)
القاعدة التاسعة : صفات الله تعالى تثبت على وجه الكمال، فكل صفة كمال فالله بها أولى، وكل صفة نقص فالله عزّ و جلّ عنها أنزه
القاعدة العاشرة : دلالة الكتاب والسنة على الصفات إما بالتصريح أو بالإشارة
وقد ضلّ في هذا طائفتان اثنتان، طائفة أنكرت بعض النصوص لأنها رأت أنه لا يمكن حملها على ظاهرها، كقوله تعالى في الحديث القدسي ( عبدي مرضت فلم تعدني ) فراحوا يؤولون كل الصفات
وطائفة أخرى أخذت بالظاهر، فجعلت كل النصوص على ظاهرها
ــــــــــــــــــــــــــ قواعد في الأسماء والصفات ــــــــ
رد شيخ الإسلام ابن تيمية على هاتين الطائفتين فقال في مجموع الفتاوى ج(13/ 15) < نصوص الصفات يفسر كل منها بحسب السياق واللحاق، والقرائن تدل إن كانت من نصوص الصفات أو لا، فقوله تعالى ] هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ وَالْمَلائِكَةُ [(البقرة:210) فهذا نص يثبت صفة لكن هذا ليس منه قوله تعالى ] فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا [ (الحشر:2)، وقوله ] فَأَتَى اللَّهُ بُنْيَانَهُمْ مِنَ الْقَوَاعِدِ [ (النحل:26)
وقال في درء التعارض ج(5/541) : < النصوص التي تأتي فيها الصفات ثلاثة، نصوص جيء بها لإثبات صفة نحو قوله تعالى ] إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ [ (الأعراف: 54)
ونصوص تدل على الصفة كقوله تعالى ] فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ [ (البقرة:115) فالمقصود في هذه الآية هو القبلة، فهذا نص لم يأت لإثبات صفة، ولكنه يدل على صفة لأنّه لا يكمن تشبيه شيء بشيء معدوم
وأما من النوع الثالث فهي نصوص لم تسق لإثبات صفة، ولا تدل على صفة، كقوله تعالى ] أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حسرتا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ [ (الزمر: 56). >
القاعدة الحادية عشرة : صفات الله يستعاذ بها ويحلف بها، ولكن لا يتعبد بها ولا يدعى بها
قال تعالى ( فَبِعِزَتِكَ )، وفي الحديث " أعُوذُ برِضَاكَ مِن سَخَطِك " ، " أعُوذُ بِكَلِمَاتِ الله التَامَاتِ "
القاعدة الثانية عشرة : الكلام في الصفات كالكلام في الذات، فلا يجوز إبطال الوصف للعجز عن إدراك الأصل
القاعدة الثالثة عشرة : القول في بعض الصفات كالقول في البعض الآخر
القاعدة الرابعة عشرة : ما أضيف إلى الله عزّ و جلّ وهو غبر بائن منه فهو صفة له غير مخلوقة، وما أضيف إلى الله وهو بائن منه فهو مخلوق، أي ليس كل ما أضيف لله فهو صفة
فمن النوع الأول كـ وجه الله، و كلام الله، ومن النوع الثاني كـ ناقة الله، و بيت الله
القاعدة الخامسة عشرة : صفات الله عزّ و جلّ تثبت بالنصوص الصحيحة ولو كانت آحادا
القاعدة السادسة عشرة : معاني صفات الله عزّ و جلّ الثابتة بالكتاب والسنة معلومة المعنى مجهولة الكيفية
القاعدة السابعة عشرة : يجب الإيمان بكل الأسماء والصفات التي ثبتت لله ] آمَنَّا بهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا [(آل عمران:7)
القاعدة الثامنة عشرة : باب الأخبار أوسع من باب الصفات
فيجوز مثلا أن تخبر عن الله بأنّه موجود، وأنّه شيء، قال تعالى ] قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ اللَّهُ [ (الأنعام: 19) لكن لا يسمى الله ولا يوصف بأنّه شيء وموجود وقديم
القاعدة التاسعة عشرة : صفات الله تعالى لا يقاس عليها
فمثلا من صفات الله تعالى القوة فلا يجوز أن نقيس عليه ونصفه بالجلد، كذلك لا يجوز أن نصف الله بالرقة قياسا على الرحمة ( وهذا باتفاق العلماء )
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ أنواع صفات الله ــــــــ
أما الأسماء فحكى فيها شيخ الإسلام ابن تيمية ثلاثة أقوال لأهل العلم :
1. قول الجمهور : لا يجوز القياس على أسماء الله تعالى، فهي توقيفية
2. قول الباقلاني :كل اسم دل على معنى اسم آخر فجائز إثباته
3. القول الثالث والذي اختاره ابن تيمية، قال : لابد من التفصيل، فيفرق بين الدعاء والإخبار، فلا يدعى إلا بأسماء الله، أما عند الإخبار عنه فيجوز بحسب الحاجة إليه في إيصال المراد المقصود كـ ذات، وشيء، وموجود
القاعدة العشرون : صفات الله لا حصر لها
وذلك لأنّ كل اسم صفة، وأسماء الله عزّ و جلّ غير محصورة إذن فصفاته كذلك غير محصورة
· المبحث الثالث : أنواع صفات الله
باعتبار الثبوت والنفي
صفات ثبوتية ( إيجابية ) صفات نفي ( سلبية )
مثالها : السمع والبصر لا يموت، لا ينسى، لا يظلم
( وهذه الصفات يجب إثبات كمال ضدها )
باعتبار تعلقها بالذات أو بالأفعال
ذاتية فعلية
وهي ما تعلقت بذات الله تعالى أزلا وأبدا وهو صفات تتعلق بمشيئته فيفعلها متى شاء
كالعلم، والقدرة، والوجه، والسمع كالغضب، والفرح، والكلام
تنبيه : بعض صفات الأفعال قد تكون صفات ذات وفي الوقت نفسه هي صفات أفعال
كالكلام فهو باعتبار الصفة صفة ذات، وباعتبار آحاد الكلام فهي صفة فعل
باعتبار أدلة ثبوتها
صفات نقلية صفات عقلية
وهي التي لا تثبت إلا بالنص وهي التي يمكن إدراكها بالعقل
كـ:صفة الفرح والإتيان والاستواء على العرش كـ صفة الحياة، القدرة، العلم
يتبع ان شاء الله اخوكم هشام الجزائري