السادس:
أنه إذا تمكن من القلب واستحكم وقوي سلطانه، أفسد الذهن وأحدث الوسواس ، وربما ألحق صاحبه بالمجانين الذين فسدت عقولهم فلا ينتفعون بها.
وأخبار العشاق في ذلك موجودة في مواضعها ، بل بعضها مشاهد بالعيان ، واشرف ما في الإنسان عقله، وبه يتميز عن سائر الحيوانات ، فإذا عدم عقله التحق بالحيوان البهيم ، بل ربما كان حال الحيوان أصلح من حاله.
وهل أذهب عقل مجنون ليلي وأضّر به إلا ذلك؟ وربما زاد جنونه على جنون غيره كما قيل:
السابع : أنه ربما أفسد الحواس أو بعضها ، إما إفساداً معنوياً أو صورياً.
أما الفساد المعنوي فهو تابع لفساد القلب، فإن القلب إذا فسد فسدت العين والأذن واللسان، فيري القبيح حسناً منه ومن معشوقه
كما في " المسند" مرفوعاً:
" حبك الشيء يعمي ويصم" ([sup][1][/sup] )
كما قيل:
فهو يعمي عين القلب عن رؤية مساوئ المحبوب وعيوبه فلا تري العين ذلك ، ويصم أذنه عن الإصغاء إلى العدل فيه، فلا تسمع الأذن ذلك.
والرغبات تستر العيوب ، فالرغبة في الشيء تجعله لا يري عيوبه ، حتى إذا زالت رغبته فيه أبصر عيوبه، فشدة الرغبة غشاوة على العين ، تمنعه من رؤية لاشيء على ما هو به كما قيل :
والداخل في الشيء لا يري عيوبه ، والخارج منه الذي لم يدخل فيه لا يري عيوبه، ولا يري عيوبه إلا من دخل فيه ثم خرج منه.
ولهذا كان الصحابة الذين دخلوا في الإسلام بعد الكفر خيراً من الذين ولدوا في الإسلام.
قال عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – :
" إنما تنتقض عري الإسلام عروة عروة إذا ولد في الإسلام من لم يعرف الجاهلية. "
وأما فساد الحواس ظاهراً فإنه يمرض البدن وينهكه، وربما أدي إلى تلفه كما هو المعروف من أخبار من قتلهم العشق.
وقد رفع إلى ابن عباس وهو بعرفة شاب قد انتحل حتى عاد جلداً على عظم، فقال: ما شأن هذا ؟ قالوا: به العشق، فجعل ابن عباس يستعيذ بالله من العشق عامة يومه.
الثامن : إن العشق كما تقدم هو الإفراط في المحبة، بحيث يستولي المعشوق على قلب العاشق، حتى لا يخلو من تخيله وذكره والفكر فيه، بحيث لا يغيب عن خاطره وذهنه، فعند ذلك تشتغل النفس عن استخدام القوة الحيوانية والنفسانية، فتتعطل تلك القوة ، فيحدث بتعطيلها من الآفات على البدن والروح ما يعز دواؤه ويتعذر، فتتغير أفعاله وصفاته ومقاصده، ويختل جميع ذلك فتعجز البشر عن صلاحه، كما قيل:
والعشق مبادئه سهلة حلوة ، وأوسطه هم وشغل قلب وسقم ، وآخره عطب وقتل، إن لم تتداركه عناية من الله تعالي، كما قيل:
وقال الآخر:
والذنب له، فهو الجاني على نفسه، وقد قعد تحت المثل السائر:
" يداك أوكتا، وفوك نفخ"
وأضرار هذا الحب الزائف كثيرة ومتنوعة ( [2] )
منها أضرار دينية ، وأضرار نفسية ، وأضرار صحية ، وأضرار اجتماعية ، وأضرار أدبية ، وأضرار مادية.
أولاً: الأضرار الدينية
وهي أضرار كثيرة أعظمها خطراً:
1- الوقوع في شرك المحبة التي حرمها الله
قال تعالى:
{ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ } ( البقرة: 165 )
ومن ذلك قول الشاعر
فهذا تصريح منه بالشرك ، وعبادة غير الله ! وهذا هو لسان حال كثير ممن ابتلوا بهذا الوهم ،وإن لم يصرحوا به بلسان المقال، بل قد صرح به بعضهم ، فهذا أحدهم يقول في مجلة مشهورة :
" ما تعشقت غير حبك ديناً وسوي الله ما عبدت سواك" ([3])
وأقبح منه قول أحدهم في أغنية مشهورة: " الحب ديني ومذهبي" نعوذ بالله من الخذلان ...
ويقول أحدهم:
يا حبيبتي ... يا أحلي اسم نطقه لساني منذ ولاتي ...... يا أجمل ما رأت عيناي منذ أن أبصرت النور.. ويا أحلي رمز كتبته مع رمز اسمي وسيكون كذلك للأبد، شاءت الظروف([4]) أم لم تشأ.. أقول لكٍ: إني أحبك حتى الموت، ولن ينسني إياك إلا الموت وحده مهما حصل! .. فإذا كان لي حياة سأحياها ، فإن هواءها أنت ، وبلسمها وعطرها أنت....! وإذا كان لي قلب، فنبضه هو أنت .... ! وإن كان لي بصر ، فعيناي أنت ِ .. وإذا كان لي سعادة فسعادتي ابتسامة محياك البريئة !
حبيبتي .. لم ولن أتخيل نفسي وحيداً بدونك كما هي حالك أنت بالتأكيد .. فالحياة من غيرك أصبحت بلا طعم ولا هواء ... تلاشت فائدتها... وانعدمت أهميتها ... وتساوت مع الممات... ! ولكن ما عساي أن أفعل وقد كتب لنا قدرنا أن نفترق..." ([5])
فهو يحبها حتى الموت – كما يقول- ولن ينساها أبداً مهما حصل! وهى هواؤه وبلسمه ، بل هي نبض قلبه ، ودمه ، وهي بصر عينيه .. إلى آخر ما ذكر ، وهذا يذكرني بالحديث القدسي الذي يقول الله تعالي فيه" وما يزال عبدي يتقرب إلى بالنوافل حتى أحبه ، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به ، وبصره الذي يبصر به.." الحديث ([6]) وهذا قد جعل حبيبه بصره الذي يبصر به ، وسمعه الذي يسمع به كما يقول، وصدق الله حين قال: { يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ } ، ونعوذ بالله من الخذلان
وتقول إحداهن في مجلة مشهورة أيضاً:
" حين أناجيك بليلي في شبة صلاة.. حين لا يكون لي بدونك أمل في نجاة ، حين يجمعنا هوى أصدق من الصلوات!...." ([7]) إلخ
فنعوذ بالله من هوي هو أصدق من الصلوات ، وما أحلم رب الأرض والسموات.
وتقول أخري:
" نداء لك أيها الغائب ....." ألا يكفي هذا الغياب ، فو الله أراك معي دائماً ....
ففي النهار شمسي أنت ... وفي الليل قمري... والله أنت الدنيا وما بعدها....
فخبرني يا زمان بحقٌ دنياك ... بحق السماء والنجوم... عن الغائب الذي لم يعد....." ([8])
بل أنظر إلى عاقبة هذا الحب الذي كان بين رجل من طرفة وبين رجل آخر
حيث يقول ابن القيم – كما في الداء والدواء:
أن رجلاً تعلق بشخص وأحبه – حتى أنه وقع عليه – فتمنع عنه واشتد نفارة منه فأشتد المرض بهذا البائس المحب حتى لزم الفراش – فراش الموت – فلم تزل الوسائط تمشي بينهما حتى وعد بأن يعوده – أي زوره – فأخبر بذلك هذا البائس بهذا الخبر ففرح ، واشتد فرحه وسروره وانجلي عنه بعض ما كان يجده ، وبينما كان الرجل في الطريق لزيارته رجع، وقال والله لا أدخل مداخل الريب ولا أعرض نفسي لمواقع التهم، فأخبر بذلك البائس المسكين فسقط في يده ورجع إلى أسوأ ما كان، وبدت علامات الموت عليه حتى قال في آخر رمق له
وكان آخر ما قال:
فقال الراوي: يا فلان اتق الله فقال: قد كان ما كان ، فقال الراوي: فقمت عنه فما جاوزت باب داره حتى سمعت صيحة الموت ،فنعوذ بالله من سوء العاقبة وشؤم الخاتمة
2- ومن الأضرار الدينية – التشبه بالكفار وتقليدهم ومحاكاتهم:
فقد أخرج أبو داود عن ابن عمر- رضي الله عنهما- عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " من تشبه بقوم فهو منهم"
وقد عُني الكفار بهذا النوع عناية فائقة كما في المجتمع الغربي المعاصر، حتى اخترعوا له عيداً سموه عيد الحب أو عيد العشاق يحتفلون به كل عام، ويلبسون لباساً خاصاً، ويقدمون فيه الورود الحمراء.. إلخ ، وقد سري ذلك – وللأسف الشديد – إلى بلاد المسلمين لاسيما مع ظهور الفضائيات. وسمعنا أخباراً يندي له الجبين من تشبه بعض المسلمين – وبخاصة النساء- بأولئك الكفار0 ومشاركتهم في الاحتفال بأي عيد من الأعياد المبتدعة سواء سمي عيداً أم لم يسم مادام أنه يتكرر كل عام. فكيف إذا كان عيداً سخيفاً لا يحتفل به إلا أراذل الناس من البطالين الفارغين. فلنفتخر بديننا، ولنعتز بعقيدتنا، ولا نكن له أذناباً تابعين لغيرنا، ولنكن كما قال الشاعر:
3- ومن الأضرار الدينية – الوقوع في الفاحشة:
الفاحشة التي حرمها الله والتي هي من كبائر الذنوب، ومن أسباب سخط علام الغيوب، فكم من فتاه عفيفة شريفة كشف سوأتها، وانتهك عرضها، وفتي عفيف شريف غرق في أوحال الفاحشة وقذارتها ، باسم الصداقة والحب، والأخبار في ذلك مبكية ومحزنة ، تتفطر منها القلوب ، وتقشعر من هولها الأبدان، وإن كانت قليلة – ولله الحمد- إذ أن أي فتاة مسلمة عاقلة تدرك هذا الأمر جيداً ، وتحسب له ألف حساب ولكن حين تستحكم الغفلة ، وتثور العاطفة، يحضر الشيطان وتنسي الفتاة نفسها في غمرة الهوى ، فلا تفيق إلا وهي غارقة في مستنقع الرذيلة
تقول أحدهن كما في جريدة عكاظ ملحق الأمة الإسلامية العدد 51 صـ 3:
" لا أريد أن تكتبوا مأساتي هذه تحت عنوان ( دمعة ندم ) بل اكتبوها بعنوان ( دموع الندم والحسرة ) تلك الدموع التي ذرفتها سنين طوال .. إنها دموع كثيرة تجرعت خلالها آلاماً عديدة، وإهانات ونظرات كلها تحتقرني بسبب ما اقترفته في حق نفسي وأهلي .. وقبل هذا وذاك: حق ربي.
إنني فتاة لا تستحق الرحمة أو الشفقة ...لقد أسأت إلى والدتي وأخواتي، وجعلت أعينهم دوماً إلى الأرض، لا يستطيعون رفعها خجلاً من نظرات الآخرين....كل ذلك كان بسببي .. لقد خنت الثقة التي أعطوني إياها... بسبب الهاتف اللعين .
بسبب ذلك الإنسان المجرد من الضمير ، الذي أغراني بكلامه المعسول، فلعب بعواطفي وأحاسيسي حتى أسير معه في الطريق السيئ....
وبالتدريج جعلني أتمادي في علاقتي معه إلى أسوأ منحدر... كل ذلك بسبب الحب الوهمي الذي أعمي عيني عن الحقيقة، وأدي بي في النهاية إلى فقدان أعز ما تفخر به الفتاة، ويفخر به أبواها، عندما يزفانها إلى الشاب الذي يأتي إلى منزلها بالطريق الحلال... لقد أضعت هذا الشرف مع إنسان عديم الشرف، إنسان باع ضميره وإنسانيته بعد أن أخذ مني كل شيء ، فتركني أعاني وأقاسى بعد لحظات قصيرة قضيتها معه... لقد تركني في محنة كبيرة بعد أن أصبحت حاملاً!.... وآنذاك لم يكن أحد يعلم بمصيبتي سوي الله سبحانه... وعندما حاولت البحث عنه كان يتهرب مني ، علي عكس ما كان يفعله معي من قبل أن يأخذ ما يريد ..... لقد مكثت في نار وعذاب طوال أربعة أشهر، ولا يعلم إلا الله ما قاسيته من آلام نفسية بسبب عصياني لربي، واقترافي لهذا الذنب ... ولأن الحمل أثقل نفسيتي وأتعبها... كنت أفكر كيف أقابل أهلي بهذه المصيبة التي تتحرك في أحشائي؟ .... فوالدي رجل ضعيف ، يشقي ويكد من أجلنا، ولا يكاد الراتب يكفيه.. ووالدتي امرأة عفيفة ، وفرت كل شيء لي من أجل أن أتم دراستي لأصل إلى أعلى المراتب.
لقد خيبت ظنها ، وأسأت إليها إساءة كبيرة لا تغتفر ، لازلت أتجرع مرارتها حتى الآن .. إن قلب ذلك الوحش رق لي أخيراً حيث رد على مكالمتي الهاتفية بعد أن طاردته.. وعندما علم بحملي عرض على مساعدتي في الإجهاض وإسقاط الجنين الذي يتحرك داخل أحشائي .. كدت أجن ... لم يفكر أن يتقدم للزواج مني لإصلاح ما أفسده... بل وضعني أمام خيارين : إما أن يتركني في محنتي أو أسقط هذا الحمل للنجاة من الفضيحة والعار...!
لقد أصبح والدي كالشبح يمشي متهالكاً يكاد يسقط من الإعياء... بينما أصبحت أمي هزيلة ضعيفة ، تهذي باستمرار ، سجنت نفسها بإرادتها داخل المنزل خشية كلام الناس ونظراتهم.."
ثم تختم رسالتها بقولها:
" إنني من هذه الغربة الكئيبة أرسل إليكم بحالي المرير.. إنني أبكي ليلاً ونهاراً ولعل الله يغفر لي خطيئتي يوم الدين ، وأطلب منكم الدعاء لي بأن يتوب الله علي ويخفف من آلامي "
4. ومن الأضرار الدينية :
ضعف الأمة وتقهقرها وتسلط الأعداء عليها:
فما فشا هذا الوهم في أمة إلا قضي عليها، وحطم رجولة شبابها وسلط عليها الأعداء وماذا يرجي من أمة قد غرق شبابها ونساؤها في الأوهام؟
في العصر الجاهلي قبل بزوغ فجر الإسلام ، كان لا يسمع إلا صوت قيس وهو يغني علي ليلاه، فلما بزغ فجر الإسلام ، وأكرم الله هذه الأمة بنبي الرحمة محمد صلي الله عليه وسلم ، انقطع هذا الصوت ولم يسمع إلا صوت الحق وهو يدعو إلي العزة والكرامة، وجنة عرضها السماوات والأرض، حتي إن الشباب – بل حتى الأطفال – كانوا يتسابقون إلي ساحات الجهاد طمعاً في نيل الشهادة.
ولما ضعف المسلمون وتخلوا عن دينهم ( إلا من رحم الله عز وجل- عاد ذلك الصوت النشاز يجلجل في الآفاق، ولم يعد قيساً واحداً ، بل آلاف (( الأقياس))، ولا ليلي واحدة بل آلاف (( الليالي))، وإذا أردتم البرهان والدليل فاستمعوا إلي ما ينعق به المغنون عبر موجات الأثير: كل يغني علي ليلاه ولذا كان انتشار هذا الوهم بين شباب الأمة وفتياتها دليلاً علي ضعف الأمة ، وانحطاطها وتخلفها.
ففي زمن من الأزمان أراد أعداء الإسلام غزو بلاد المسلمين ، فأرسلوا عيناً لهم ( أي جاسوساً) يستطلع لهم أحوال المسلمين ، ويتحسس أخبارهم، وبينما هو يسير في حي من أحياء المسلمين، رأي غلامين في أيديهما النبل والسهام، وأحدهما قاعد يبكي ، فدنا منه ، وسأله عن سبب بكائه ، فأجاب الغلام وهو يجهش بالبكاء: " إني قد أخطأت الهدف.."ثم عاد إلي بكائه .. فقال له العين : لا بأس، خذ سهماً آخر ، وأصب الهدف! فقال الغلام بلهجة غاضبة: " ولكن العدو لا ينتظرني حتى آخذ سهماً آخر وأصيب الهدف"
فعاد الرجل إلي قومه ، وأخبرهما بما رأي ، فعلموا أ، الوقت غير مناسب لغزو المسلمين
ثم مضت السنون ، وتغير الأحوال ، وأراد الأعداء غزو المسلمين ، فأرسلوا عيناً ، يستطلع لهم الأخبار ، وحين دخل بلاد المسلمين رأي شاباً في العشرين من عمره! في هيئة غريبة ، قاعداً يبكي فدنا منه ، وسأله عن سبب بكائه ، فرفع رأسه ، وقال مجيباً بصوت يتقطع ألماً وحسرة " إن حبيبته التي منحها مهجة قلبه ، وثمرة فؤاده قد هجرته إلي الأبد ،وأحبت غيره " ثم عاد إلي بكائه..!
وعاد الرجل إلي قومه يفرك يديه سروراً مبشراً لهم بالنصر
إن قوة الأمة وضعفها يكمن في مدي تمسكها بكتاب ربها وسنة نبيها صلي الله عليه وسلم.
ثانياً الأضرار النفسية:
فإن لهذا الحب المزعوم أضراراً نفسية بالغة الأثر، قد تنتهي بصاحبها إلي الجنون ، فمن ذلك:
1. فقدان الثقة بالنفس:
تقول إحداهن: " أكتب مشكلتي لعلي أجد الحل الذي يريحني ، ويعيد النوم إلي جفوني، والراحة إلي نفسي .. والتي لم أذقها منذ أن تعرفت عليه عن طريق الهاتف! حينما طلبت احدي صديقاتي ، ورد علي أخوها، وجذبني إليه رقة حديثه، بعدها وجدت نفسي مشدودة للتفكير فيه، والتعلق به وتكرر الاتصال ، وتعمدت اختيار الأوقات التي لا تكون صديقتي موجودة فيها .. وتواعدنا علي الزواج! وفجأة .. لاحظت تهربه من الحديث معي، وانقطعت إتصالته بي .. حاولت بأسلوب غير مباشر التعرف علي أسباب هذا التحول، دون فائدة.. وأخيراً وبطريق الصدفة أخبرتني صديقتي أن أخاها قد وقع اختياره علي إحدي القريبات ، وسيتم زفافهما قريباً.
أصابتني دهشة أفقدتني توازني وقدرتي علي الرد عليه.. وفقدت بعدها الثقة في نفسي وفي كل من حولي .. تقدم لي الكثيرون ولكنني أرفضهم جميعاً دون أي مبرر..
العمر يتقدم بي ، ولكني عاجزة عن نسيان هذا الجرح القديم، الذي تمكن مني لدرجة كبيرة بدأت تثير شكوك أهلي تجاهي ، ولا أدري كيف أتخلص مما أنا فيه.." جريدة المدينة العدد( 11263)
إنها لا تزال متعلقة بالوهم علي الرغم من أن الأمر قد انتهي.
2. الاكتئاب النفسي:
يقول أحد الشباب : " أنا شاب أبلغ من العمر 29 سنة، ولظروف عملي فإني أسكن بعيداً عن زوجتي وأطفالي مسافة 200 كم، وأسافر لزوجتي يومين في الأسبوع ، وأحياناً يوماً واحداً، كنت أحب زوجتي كثيراً ، وكانت هي كذلك ، وإلا أن ضعف مرتبي حال بيني وبين إحضارها للإقامة عندي..
وفي ليلة من الليالي اتصلت فتاة ! تريد التعرف بي، فرفضت ذلك وأفهمتها بأني متزوج ولدي أطفال، وقمت بإقفال السماعة في وجهها، وما كان منها إلا أن أصرت علي محادثتي والتعرف علي، ومن تلك اللحظة أصابني صداع لم يفارقني تلك الليلة، وفي التالي اتصلت بي ، فرد عليها أحد زملائي فلم تكلمه، ثم رد عليها الثاني والثالث، فلم ترد إلا أنا ، وفي ساعة متأخرة من الليل اتصلت، ولم يكن غيري فرفعت سماعة الهاتف، وزين لي الشيطان محادثتها، وتعرفت عليها، ويا ليتي لم أفعل، فلقد زلزلت كياني، وزرعت طريقي أشواكاً بل لقد فرقتني عن زوجتي وأولادي، فلم يعد لهم في قلبي من الحب مثل ما كان قبل ذلك ، كان فكري في ذلك الشيطان الذي تمثل لي في صورة تلك الفتاة، فقدت أعصابي مع زوجتي وأولادي، أثور عليهم لأدني سبب، بسبب تلك الفتاة التي زرعت المرض والخوف في أعماقي .. حاولت أن اقاطعها فلم أقدر.. كانت تلعب بأعصابي كثيراً .. نسيت حتي عملي من كثرة السهر، ومع ذلك أصابني الاكتئاب النفسي ، وذهبت إلي عيادة الأمراض النفسية، وأعطوني أقراصا فلم ينفع معي أي علاج..)) جريدة الجزيرة العددي 8789 صــ 31
3. فقدان الأمن والراحة، والخوف من الفضيحة:
وذلك أن أدعياء الحب يقومون – في الغالب – بتسجيل المكالمات الهاتفية التي تتم بينهم وبين الفتيات ضحايا الحب ، وقد يطلبون منهن صوراً باسم الحب ، فيحتفظون بها، مع الرسائل الوردية المعطرة التي تبعثها الفتيات إليهم، فإذا ما استعصت الفتاة عليهم، وأبت الخروج معهم ، قاموا يهددونها بتلك الصور والرسائل، وبصوتها في الهاتف، وتعيش الفتاة في وضع مأساوي سيء، وقد تستجيب لمطالبهم خوفاً من الفضيحة ! فتبوء بالإثم في الدنيا ، والفضيحة الكبري في الآخرة وما فيها من العذاب الأليم.
تقول إحداهن: ( كنت جالسة في المنزل عندما رن جرس الهاتف.. فنهضت ورفعت السماعة ، فإذا برجل يطلب صاحباً له ، قلت له إن الرقم خطأ ، وألنت له صوتي، فإذا به يتصل مرة ثانية، وأكلمه حتي قال لي إنه يحبني ! ولا يستطيع الاستغناء عني، وأن نيته سليمة! فصدقته وذهبت معه، وأخذنا صوراً عديدة!! وبعد أربع سنوات مكثتها معه إذ به يقول: إذا لم تمكنيني من نفسك فأفضحك ، وأقدم الصور لأهلك .ز فرفضت بشدة ، وابتعدت عنه، وأصبحت أرفض محادثته في الهاتف أو مقابلته، ويقدر الله عز وجل أن يخطبني صاحب أبي ، وقبل زواجي بأيام اتصل بي ذلك النذل، وقال لي: إن تزوجت من هذا الرجل فأفضحك عنده! ! فأصبحت في حيرة من أمري، وتوجهت إلي الله عز وجل أدعوه بإخلاص أن يخلصني من هذا الرجل، وبعد زواجي بيومين علمت أنه أراد الذهاب إلي زوجي ومعه الصور، وفي طريقه إلي مقر عمل زوجي ، توفي في حادث سيارة ، واحترقت الصور معه.)
جريدة اليوم العدد (7081) ضمن مقال بعنوان خطر الهاتف لصابر جلال.
وهذه قصة أخري يتبين من خلالها أنه قلما تتزوج فتاة ذات صلات فاسدة من رجل وماضي مرير إلا وردت عليها ليلة البناء بها أو صبيحتها كُتبُ الوشاية بها من الأشخاص الذين أحبتهم وأخلصت إليهم فينتهي أمرها في حياتها الجديدة إلي الشقاء والعار.
وليس هناك فتاة بدأت حياتها بحب وغرام ووقوع في الحرام استطاعت أن تتمتع بالحب في زواج سعيد شريف جزاءً وفاقاً ولا يظلم ربك أحداً.
وجاء رسول البريد بكتاب إلي زوج في ليلة بنائه علي زوجته فإذا فيه الرسالة التالية: " علمت أنك خطبت " فلانة " وأنك عما قليل ستكون زوجها، ولعمري لقد كذلك نظرك وخدعك، من قال لك : إنك ستكون سعيداً بها، فإنها لن تكون لك بعد أن صارت لغيرك، ولا يخلص حبك إلي قلبها بعد أن امتلآ بحب عاشقها، فاعدل عن رأيك فيها، وانفض يدك منها، وإن أردت أن تعرف من هو ذلك العاشق وتتحق صدق خبري وإخلاصي إليك في نصيحتي، فانظر إلي الصورة المرسلة مع هذا الكتاب".
التوقيع ....
4.الفشل الدراسي:
وهذا هو الغالب على من ابتُلي بهذا البلاء ، لانشغال فكره وقلبه بالتفكير بـ ( المحبوب ) ، ولكثرة السهر ، وضياع الأوقات الطويلة في مكالمات تافهة رخيصة ، لا تترك وقتاً للمذاكرة والمثابرة ..
تقول إحداهن :" أنا فتاة في السادسة عشرة من عمري ، متفوقة في دراستي ، أحببت أحد المشاهير بشكل جنوني ، تملأ صوره الكبيرة حجرتي ، وأدس صوره الصغيرة في كل كتبي ، وأحلم دائماً بلقائه ، وأثور إذا تحدثت عنه زميلاتي .. بدأ مستواي الدراسي في الانحدار بسبب هذا الحبّ الجنوني ، لدرجة أني أخشى من الاستمرار في الانحدار ، وفي نفس الوقت لا أستطيع التغلب على مشاعري ، وأشعر بأنني وحدي في مشكلة تهدد مستقبلي ، ولا أستطيع مصارحة أحد بها .. " .
5. انتظار من لا يأتي :
وما أطول ساعات الانتظار – بل حتى لحظاته وما أشدها على النفس ، فكيف إذا امتدت إلى شهور وأعوام !
تقول إحدى الفتيات – وهي من ضحايا هذا الوهم - :
" من خلال حديث أخي عن صديقه الملتزم ، أحببته .. شعرت بمشاعر الحبّ تسيطر علي تجاهه ، ولأني فتاة مسلمة ملتزمة بأمور ديني ، نجحت في التمسك بالفضيلة ، والامتناع عن أي سلوك يمكن أن يُظهر مشاعري تجاهه ، وظللت على هذه الحال لمدة أربع سنوات .. رفضتُ كلّ من يتقدم لي من أجل هذا الحبّ! ، وانتظاراً لذلك الشاب الذي لا يعلم بمشاعري نحوه ! .. والآن أنتظر .. وأعيش حالة نفسية سيئة من جراء هذا الانتظار ... انتظار من لا يأتي .. !!
وهي التي تصيب البدن، بخلاف الأضرار النفسية التي تصيب الروح مع سلامة البدن ، وقد يكون الضرر النفسي سبباً لوقوع الضرر البدني ، كما هو الحال في هم الحبّ .
تروي إحدى الفتيات ، تقول : (( في يوم من الأيام جاءني اتصال من صديقة لي، تخبرني فيه بأن صديقة لنا في العناية المركزة بالمستشفي ، فهرعتُ إليها وأنا لا أعلم السبب ، وحينما وصلت إليها ، وجدتها ممددة على السرير دون حراك ، وقد أصابتها حالة تشنج عنيفة ، تركتْ بصمات زرقاء وسوداء حول عينيها ، وفي جميع أجزاء وجهها ، وعندما سألت شقيقتها عن السبب ، أخذتني بعيداً عن والدتها المنهارة ، وقالت لي : لقد اكتشفتْ أن خالداً متزوج ، ولديه ولد !!! ..
أما عن خالد هذا ، فهو شاب قد تعرفتْ عليه عن طريق الهاتف ! وبعد عدة لقاءات وعدها بالزواج ! وها هي تدخل المستشفى من أجله ، ولو علم هذان الأبوان المنهاران أمام غرفة ابنتهما سبب دخولها المستشفى لقتلاها بدلاً من أن يبكيا عليها !" جريدة الجزيرة العدد (8663 ص13) .
وأغرب من ذلك ، ما نُشر في بعض الصحف من قصّة تلك المرأة المصرية التي فوجئت وهي تفتح دولاب ملابسها بعد أن عادت إلى بيتها ، بشاب يخرج من ذلك الدولاب ، فتعالت صرخاتها مستغيثة بالجيران ، وقد حاول الشاب إقناعها بأنه إنما جاء لخطبة ابنتها التي تربطه بها علاقة حب ! ولكن المرأة أصرت على استدعاء الشرطة ، وكانت المفاجأة ، أن سقط ميتاً بالسكتة القلبية قبل أن ينقل إلى قسم الشرطة في أغرب حادث حبّ غرامي مجنون ... " جريدة الرياض العدد (11113ص35)
وقد سئل الأستاذ الدكتور مصطفى محمود عن الحبّ قبل الزواج فأجاب : (( الحبّ هو اتحاد شديد العمق ، يؤدي التفريق فيه إلى سلسلة من انفجارات العذاب والألم ، قد تستمر حتى الموت ، وقد تنتهي بتغير الشخصية تماماً ، وتحولها كما يتحول الراديوم بعد تفجر الإشعاع إلى رصاص ، أما الحبّ بعد الزواج ، فهو الحبّ الحقيقي الذي ينمو ويعيش ، ويتحدى النسيان ، ويضفي النبل والإخلاص والجلال على أبطاله " جريدة الرياض العدد ( 10458ص10).
([1] ) وفي سنده مقال ( وهو ضعيف لوجود أبو بكر بن أبي مريم)
([2] ) نقلاً من رسالة وهم الحب لمحمد بن عبدالعزيز المسند " ( بتصرف)
[3]) )مجلة ( طبيبك ) ، عدد أيلول ( سبتمبر) 1992 ، ص 105
([4] )الظروف ليس لها مشيئة ، فهذه من العبارات الخاطئة ، وهي شائعة بين كثير من الناس والكتاب ، والصواب أن يقال : شاء الله عز وجل
([5] ) جريدة الجزيرة ، العدد 9682، ص10
([6] ) أخرجه البخاري ، عن أبي هريرة
([7] )مجلة اليقظة العدد ص 49
([8] )مجلة الرياضة والشباب ، العدد 600 ، ص 67
أنه إذا تمكن من القلب واستحكم وقوي سلطانه، أفسد الذهن وأحدث الوسواس ، وربما ألحق صاحبه بالمجانين الذين فسدت عقولهم فلا ينتفعون بها.
وأخبار العشاق في ذلك موجودة في مواضعها ، بل بعضها مشاهد بالعيان ، واشرف ما في الإنسان عقله، وبه يتميز عن سائر الحيوانات ، فإذا عدم عقله التحق بالحيوان البهيم ، بل ربما كان حال الحيوان أصلح من حاله.
وهل أذهب عقل مجنون ليلي وأضّر به إلا ذلك؟ وربما زاد جنونه على جنون غيره كما قيل:
قالوا جننت بمن تهو فقلت لهم | العشق أعظم مما بالمجـانـين |
العشق لا يستفيق الدهر صاحبه | وإنما يصرع المجنون في الحين |
السابع : أنه ربما أفسد الحواس أو بعضها ، إما إفساداً معنوياً أو صورياً.
أما الفساد المعنوي فهو تابع لفساد القلب، فإن القلب إذا فسد فسدت العين والأذن واللسان، فيري القبيح حسناً منه ومن معشوقه
كما في " المسند" مرفوعاً:
" حبك الشيء يعمي ويصم" ([sup][1][/sup] )
كما قيل:
عين الرضا عن كل عين كليلةُُ ُ | ولكن عين السخط تُبدي المساويا |
فهو يعمي عين القلب عن رؤية مساوئ المحبوب وعيوبه فلا تري العين ذلك ، ويصم أذنه عن الإصغاء إلى العدل فيه، فلا تسمع الأذن ذلك.
والرغبات تستر العيوب ، فالرغبة في الشيء تجعله لا يري عيوبه ، حتى إذا زالت رغبته فيه أبصر عيوبه، فشدة الرغبة غشاوة على العين ، تمنعه من رؤية لاشيء على ما هو به كما قيل :
هويتك إذ عيني عليها غشاوة | فلما انجلت قطعت نفسي ألومها |
والداخل في الشيء لا يري عيوبه ، والخارج منه الذي لم يدخل فيه لا يري عيوبه، ولا يري عيوبه إلا من دخل فيه ثم خرج منه.
ولهذا كان الصحابة الذين دخلوا في الإسلام بعد الكفر خيراً من الذين ولدوا في الإسلام.
قال عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – :
" إنما تنتقض عري الإسلام عروة عروة إذا ولد في الإسلام من لم يعرف الجاهلية. "
وأما فساد الحواس ظاهراً فإنه يمرض البدن وينهكه، وربما أدي إلى تلفه كما هو المعروف من أخبار من قتلهم العشق.
وقد رفع إلى ابن عباس وهو بعرفة شاب قد انتحل حتى عاد جلداً على عظم، فقال: ما شأن هذا ؟ قالوا: به العشق، فجعل ابن عباس يستعيذ بالله من العشق عامة يومه.
الثامن : إن العشق كما تقدم هو الإفراط في المحبة، بحيث يستولي المعشوق على قلب العاشق، حتى لا يخلو من تخيله وذكره والفكر فيه، بحيث لا يغيب عن خاطره وذهنه، فعند ذلك تشتغل النفس عن استخدام القوة الحيوانية والنفسانية، فتتعطل تلك القوة ، فيحدث بتعطيلها من الآفات على البدن والروح ما يعز دواؤه ويتعذر، فتتغير أفعاله وصفاته ومقاصده، ويختل جميع ذلك فتعجز البشر عن صلاحه، كما قيل:
الحب أول ما يـكون لجـاجـة | يأتي بها وتسوقه الأقدار |
حتى إذا خاض الفتي لجج الهوى | جاءت أمور لا تطاق كبار |
والعشق مبادئه سهلة حلوة ، وأوسطه هم وشغل قلب وسقم ، وآخره عطب وقتل، إن لم تتداركه عناية من الله تعالي، كما قيل:
وعش خالياً فالحب أوله عنى | وأوسطه سقم، وآخره قتل |
وقال الآخر:
تولع بالعشق حتى عشق | فلما استقل به لم يطق |
رأي لجة ظنها موجة | فلما تمكن منها غرق |
والذنب له، فهو الجاني على نفسه، وقد قعد تحت المثل السائر:
" يداك أوكتا، وفوك نفخ"
وأضرار هذا الحب الزائف كثيرة ومتنوعة ( [2] )
منها أضرار دينية ، وأضرار نفسية ، وأضرار صحية ، وأضرار اجتماعية ، وأضرار أدبية ، وأضرار مادية.
أولاً: الأضرار الدينية
وهي أضرار كثيرة أعظمها خطراً:
1- الوقوع في شرك المحبة التي حرمها الله
قال تعالى:
{ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ } ( البقرة: 165 )
ومن ذلك قول الشاعر
لا تدعني إلا بـ( يا عبدها) | فإنه أشرف أسمائي |
فهذا تصريح منه بالشرك ، وعبادة غير الله ! وهذا هو لسان حال كثير ممن ابتلوا بهذا الوهم ،وإن لم يصرحوا به بلسان المقال، بل قد صرح به بعضهم ، فهذا أحدهم يقول في مجلة مشهورة :
" ما تعشقت غير حبك ديناً وسوي الله ما عبدت سواك" ([3])
وأقبح منه قول أحدهم في أغنية مشهورة: " الحب ديني ومذهبي" نعوذ بالله من الخذلان ...
ويقول أحدهم:
يا حبيبتي ... يا أحلي اسم نطقه لساني منذ ولاتي ...... يا أجمل ما رأت عيناي منذ أن أبصرت النور.. ويا أحلي رمز كتبته مع رمز اسمي وسيكون كذلك للأبد، شاءت الظروف([4]) أم لم تشأ.. أقول لكٍ: إني أحبك حتى الموت، ولن ينسني إياك إلا الموت وحده مهما حصل! .. فإذا كان لي حياة سأحياها ، فإن هواءها أنت ، وبلسمها وعطرها أنت....! وإذا كان لي قلب، فنبضه هو أنت .... ! وإن كان لي بصر ، فعيناي أنت ِ .. وإذا كان لي سعادة فسعادتي ابتسامة محياك البريئة !
حبيبتي .. لم ولن أتخيل نفسي وحيداً بدونك كما هي حالك أنت بالتأكيد .. فالحياة من غيرك أصبحت بلا طعم ولا هواء ... تلاشت فائدتها... وانعدمت أهميتها ... وتساوت مع الممات... ! ولكن ما عساي أن أفعل وقد كتب لنا قدرنا أن نفترق..." ([5])
فهو يحبها حتى الموت – كما يقول- ولن ينساها أبداً مهما حصل! وهى هواؤه وبلسمه ، بل هي نبض قلبه ، ودمه ، وهي بصر عينيه .. إلى آخر ما ذكر ، وهذا يذكرني بالحديث القدسي الذي يقول الله تعالي فيه" وما يزال عبدي يتقرب إلى بالنوافل حتى أحبه ، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به ، وبصره الذي يبصر به.." الحديث ([6]) وهذا قد جعل حبيبه بصره الذي يبصر به ، وسمعه الذي يسمع به كما يقول، وصدق الله حين قال: { يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ } ، ونعوذ بالله من الخذلان
وتقول إحداهن في مجلة مشهورة أيضاً:
" حين أناجيك بليلي في شبة صلاة.. حين لا يكون لي بدونك أمل في نجاة ، حين يجمعنا هوى أصدق من الصلوات!...." ([7]) إلخ
فنعوذ بالله من هوي هو أصدق من الصلوات ، وما أحلم رب الأرض والسموات.
وتقول أخري:
" نداء لك أيها الغائب ....." ألا يكفي هذا الغياب ، فو الله أراك معي دائماً ....
ففي النهار شمسي أنت ... وفي الليل قمري... والله أنت الدنيا وما بعدها....
فخبرني يا زمان بحقٌ دنياك ... بحق السماء والنجوم... عن الغائب الذي لم يعد....." ([8])
بل أنظر إلى عاقبة هذا الحب الذي كان بين رجل من طرفة وبين رجل آخر
حيث يقول ابن القيم – كما في الداء والدواء:
أن رجلاً تعلق بشخص وأحبه – حتى أنه وقع عليه – فتمنع عنه واشتد نفارة منه فأشتد المرض بهذا البائس المحب حتى لزم الفراش – فراش الموت – فلم تزل الوسائط تمشي بينهما حتى وعد بأن يعوده – أي زوره – فأخبر بذلك هذا البائس بهذا الخبر ففرح ، واشتد فرحه وسروره وانجلي عنه بعض ما كان يجده ، وبينما كان الرجل في الطريق لزيارته رجع، وقال والله لا أدخل مداخل الريب ولا أعرض نفسي لمواقع التهم، فأخبر بذلك البائس المسكين فسقط في يده ورجع إلى أسوأ ما كان، وبدت علامات الموت عليه حتى قال في آخر رمق له
وكان آخر ما قال:
سلام يا راحة العـليل | ويرد ذل الدنف النحيل |
رضاك أشهي إلى فؤادي | من رحمة الخالق الجليل |
فقال الراوي: يا فلان اتق الله فقال: قد كان ما كان ، فقال الراوي: فقمت عنه فما جاوزت باب داره حتى سمعت صيحة الموت ،فنعوذ بالله من سوء العاقبة وشؤم الخاتمة
2- ومن الأضرار الدينية – التشبه بالكفار وتقليدهم ومحاكاتهم:
فقد أخرج أبو داود عن ابن عمر- رضي الله عنهما- عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " من تشبه بقوم فهو منهم"
وقد عُني الكفار بهذا النوع عناية فائقة كما في المجتمع الغربي المعاصر، حتى اخترعوا له عيداً سموه عيد الحب أو عيد العشاق يحتفلون به كل عام، ويلبسون لباساً خاصاً، ويقدمون فيه الورود الحمراء.. إلخ ، وقد سري ذلك – وللأسف الشديد – إلى بلاد المسلمين لاسيما مع ظهور الفضائيات. وسمعنا أخباراً يندي له الجبين من تشبه بعض المسلمين – وبخاصة النساء- بأولئك الكفار0 ومشاركتهم في الاحتفال بأي عيد من الأعياد المبتدعة سواء سمي عيداً أم لم يسم مادام أنه يتكرر كل عام. فكيف إذا كان عيداً سخيفاً لا يحتفل به إلا أراذل الناس من البطالين الفارغين. فلنفتخر بديننا، ولنعتز بعقيدتنا، ولا نكن له أذناباً تابعين لغيرنا، ولنكن كما قال الشاعر:
قوم هم الأنف والأذناب غيرهم | فمن يساوي بأنف الناقة الذنبا |
3- ومن الأضرار الدينية – الوقوع في الفاحشة:
الفاحشة التي حرمها الله والتي هي من كبائر الذنوب، ومن أسباب سخط علام الغيوب، فكم من فتاه عفيفة شريفة كشف سوأتها، وانتهك عرضها، وفتي عفيف شريف غرق في أوحال الفاحشة وقذارتها ، باسم الصداقة والحب، والأخبار في ذلك مبكية ومحزنة ، تتفطر منها القلوب ، وتقشعر من هولها الأبدان، وإن كانت قليلة – ولله الحمد- إذ أن أي فتاة مسلمة عاقلة تدرك هذا الأمر جيداً ، وتحسب له ألف حساب ولكن حين تستحكم الغفلة ، وتثور العاطفة، يحضر الشيطان وتنسي الفتاة نفسها في غمرة الهوى ، فلا تفيق إلا وهي غارقة في مستنقع الرذيلة
تقول أحدهن كما في جريدة عكاظ ملحق الأمة الإسلامية العدد 51 صـ 3:
" لا أريد أن تكتبوا مأساتي هذه تحت عنوان ( دمعة ندم ) بل اكتبوها بعنوان ( دموع الندم والحسرة ) تلك الدموع التي ذرفتها سنين طوال .. إنها دموع كثيرة تجرعت خلالها آلاماً عديدة، وإهانات ونظرات كلها تحتقرني بسبب ما اقترفته في حق نفسي وأهلي .. وقبل هذا وذاك: حق ربي.
إنني فتاة لا تستحق الرحمة أو الشفقة ...لقد أسأت إلى والدتي وأخواتي، وجعلت أعينهم دوماً إلى الأرض، لا يستطيعون رفعها خجلاً من نظرات الآخرين....كل ذلك كان بسببي .. لقد خنت الثقة التي أعطوني إياها... بسبب الهاتف اللعين .
بسبب ذلك الإنسان المجرد من الضمير ، الذي أغراني بكلامه المعسول، فلعب بعواطفي وأحاسيسي حتى أسير معه في الطريق السيئ....
وبالتدريج جعلني أتمادي في علاقتي معه إلى أسوأ منحدر... كل ذلك بسبب الحب الوهمي الذي أعمي عيني عن الحقيقة، وأدي بي في النهاية إلى فقدان أعز ما تفخر به الفتاة، ويفخر به أبواها، عندما يزفانها إلى الشاب الذي يأتي إلى منزلها بالطريق الحلال... لقد أضعت هذا الشرف مع إنسان عديم الشرف، إنسان باع ضميره وإنسانيته بعد أن أخذ مني كل شيء ، فتركني أعاني وأقاسى بعد لحظات قصيرة قضيتها معه... لقد تركني في محنة كبيرة بعد أن أصبحت حاملاً!.... وآنذاك لم يكن أحد يعلم بمصيبتي سوي الله سبحانه... وعندما حاولت البحث عنه كان يتهرب مني ، علي عكس ما كان يفعله معي من قبل أن يأخذ ما يريد ..... لقد مكثت في نار وعذاب طوال أربعة أشهر، ولا يعلم إلا الله ما قاسيته من آلام نفسية بسبب عصياني لربي، واقترافي لهذا الذنب ... ولأن الحمل أثقل نفسيتي وأتعبها... كنت أفكر كيف أقابل أهلي بهذه المصيبة التي تتحرك في أحشائي؟ .... فوالدي رجل ضعيف ، يشقي ويكد من أجلنا، ولا يكاد الراتب يكفيه.. ووالدتي امرأة عفيفة ، وفرت كل شيء لي من أجل أن أتم دراستي لأصل إلى أعلى المراتب.
لقد خيبت ظنها ، وأسأت إليها إساءة كبيرة لا تغتفر ، لازلت أتجرع مرارتها حتى الآن .. إن قلب ذلك الوحش رق لي أخيراً حيث رد على مكالمتي الهاتفية بعد أن طاردته.. وعندما علم بحملي عرض على مساعدتي في الإجهاض وإسقاط الجنين الذي يتحرك داخل أحشائي .. كدت أجن ... لم يفكر أن يتقدم للزواج مني لإصلاح ما أفسده... بل وضعني أمام خيارين : إما أن يتركني في محنتي أو أسقط هذا الحمل للنجاة من الفضيحة والعار...!
لقد أصبح والدي كالشبح يمشي متهالكاً يكاد يسقط من الإعياء... بينما أصبحت أمي هزيلة ضعيفة ، تهذي باستمرار ، سجنت نفسها بإرادتها داخل المنزل خشية كلام الناس ونظراتهم.."
ثم تختم رسالتها بقولها:
" إنني من هذه الغربة الكئيبة أرسل إليكم بحالي المرير.. إنني أبكي ليلاً ونهاراً ولعل الله يغفر لي خطيئتي يوم الدين ، وأطلب منكم الدعاء لي بأن يتوب الله علي ويخفف من آلامي "
4. ومن الأضرار الدينية :
ضعف الأمة وتقهقرها وتسلط الأعداء عليها:
فما فشا هذا الوهم في أمة إلا قضي عليها، وحطم رجولة شبابها وسلط عليها الأعداء وماذا يرجي من أمة قد غرق شبابها ونساؤها في الأوهام؟
في العصر الجاهلي قبل بزوغ فجر الإسلام ، كان لا يسمع إلا صوت قيس وهو يغني علي ليلاه، فلما بزغ فجر الإسلام ، وأكرم الله هذه الأمة بنبي الرحمة محمد صلي الله عليه وسلم ، انقطع هذا الصوت ولم يسمع إلا صوت الحق وهو يدعو إلي العزة والكرامة، وجنة عرضها السماوات والأرض، حتي إن الشباب – بل حتى الأطفال – كانوا يتسابقون إلي ساحات الجهاد طمعاً في نيل الشهادة.
ولما ضعف المسلمون وتخلوا عن دينهم ( إلا من رحم الله عز وجل- عاد ذلك الصوت النشاز يجلجل في الآفاق، ولم يعد قيساً واحداً ، بل آلاف (( الأقياس))، ولا ليلي واحدة بل آلاف (( الليالي))، وإذا أردتم البرهان والدليل فاستمعوا إلي ما ينعق به المغنون عبر موجات الأثير: كل يغني علي ليلاه ولذا كان انتشار هذا الوهم بين شباب الأمة وفتياتها دليلاً علي ضعف الأمة ، وانحطاطها وتخلفها.
ففي زمن من الأزمان أراد أعداء الإسلام غزو بلاد المسلمين ، فأرسلوا عيناً لهم ( أي جاسوساً) يستطلع لهم أحوال المسلمين ، ويتحسس أخبارهم، وبينما هو يسير في حي من أحياء المسلمين، رأي غلامين في أيديهما النبل والسهام، وأحدهما قاعد يبكي ، فدنا منه ، وسأله عن سبب بكائه ، فأجاب الغلام وهو يجهش بالبكاء: " إني قد أخطأت الهدف.."ثم عاد إلي بكائه .. فقال له العين : لا بأس، خذ سهماً آخر ، وأصب الهدف! فقال الغلام بلهجة غاضبة: " ولكن العدو لا ينتظرني حتى آخذ سهماً آخر وأصيب الهدف"
فعاد الرجل إلي قومه ، وأخبرهما بما رأي ، فعلموا أ، الوقت غير مناسب لغزو المسلمين
ثم مضت السنون ، وتغير الأحوال ، وأراد الأعداء غزو المسلمين ، فأرسلوا عيناً ، يستطلع لهم الأخبار ، وحين دخل بلاد المسلمين رأي شاباً في العشرين من عمره! في هيئة غريبة ، قاعداً يبكي فدنا منه ، وسأله عن سبب بكائه ، فرفع رأسه ، وقال مجيباً بصوت يتقطع ألماً وحسرة " إن حبيبته التي منحها مهجة قلبه ، وثمرة فؤاده قد هجرته إلي الأبد ،وأحبت غيره " ثم عاد إلي بكائه..!
وعاد الرجل إلي قومه يفرك يديه سروراً مبشراً لهم بالنصر
إن قوة الأمة وضعفها يكمن في مدي تمسكها بكتاب ربها وسنة نبيها صلي الله عليه وسلم.
ثانياً الأضرار النفسية:
فإن لهذا الحب المزعوم أضراراً نفسية بالغة الأثر، قد تنتهي بصاحبها إلي الجنون ، فمن ذلك:
1. فقدان الثقة بالنفس:
تقول إحداهن: " أكتب مشكلتي لعلي أجد الحل الذي يريحني ، ويعيد النوم إلي جفوني، والراحة إلي نفسي .. والتي لم أذقها منذ أن تعرفت عليه عن طريق الهاتف! حينما طلبت احدي صديقاتي ، ورد علي أخوها، وجذبني إليه رقة حديثه، بعدها وجدت نفسي مشدودة للتفكير فيه، والتعلق به وتكرر الاتصال ، وتعمدت اختيار الأوقات التي لا تكون صديقتي موجودة فيها .. وتواعدنا علي الزواج! وفجأة .. لاحظت تهربه من الحديث معي، وانقطعت إتصالته بي .. حاولت بأسلوب غير مباشر التعرف علي أسباب هذا التحول، دون فائدة.. وأخيراً وبطريق الصدفة أخبرتني صديقتي أن أخاها قد وقع اختياره علي إحدي القريبات ، وسيتم زفافهما قريباً.
أصابتني دهشة أفقدتني توازني وقدرتي علي الرد عليه.. وفقدت بعدها الثقة في نفسي وفي كل من حولي .. تقدم لي الكثيرون ولكنني أرفضهم جميعاً دون أي مبرر..
العمر يتقدم بي ، ولكني عاجزة عن نسيان هذا الجرح القديم، الذي تمكن مني لدرجة كبيرة بدأت تثير شكوك أهلي تجاهي ، ولا أدري كيف أتخلص مما أنا فيه.." جريدة المدينة العدد( 11263)
إنها لا تزال متعلقة بالوهم علي الرغم من أن الأمر قد انتهي.
2. الاكتئاب النفسي:
يقول أحد الشباب : " أنا شاب أبلغ من العمر 29 سنة، ولظروف عملي فإني أسكن بعيداً عن زوجتي وأطفالي مسافة 200 كم، وأسافر لزوجتي يومين في الأسبوع ، وأحياناً يوماً واحداً، كنت أحب زوجتي كثيراً ، وكانت هي كذلك ، وإلا أن ضعف مرتبي حال بيني وبين إحضارها للإقامة عندي..
وفي ليلة من الليالي اتصلت فتاة ! تريد التعرف بي، فرفضت ذلك وأفهمتها بأني متزوج ولدي أطفال، وقمت بإقفال السماعة في وجهها، وما كان منها إلا أن أصرت علي محادثتي والتعرف علي، ومن تلك اللحظة أصابني صداع لم يفارقني تلك الليلة، وفي التالي اتصلت بي ، فرد عليها أحد زملائي فلم تكلمه، ثم رد عليها الثاني والثالث، فلم ترد إلا أنا ، وفي ساعة متأخرة من الليل اتصلت، ولم يكن غيري فرفعت سماعة الهاتف، وزين لي الشيطان محادثتها، وتعرفت عليها، ويا ليتي لم أفعل، فلقد زلزلت كياني، وزرعت طريقي أشواكاً بل لقد فرقتني عن زوجتي وأولادي، فلم يعد لهم في قلبي من الحب مثل ما كان قبل ذلك ، كان فكري في ذلك الشيطان الذي تمثل لي في صورة تلك الفتاة، فقدت أعصابي مع زوجتي وأولادي، أثور عليهم لأدني سبب، بسبب تلك الفتاة التي زرعت المرض والخوف في أعماقي .. حاولت أن اقاطعها فلم أقدر.. كانت تلعب بأعصابي كثيراً .. نسيت حتي عملي من كثرة السهر، ومع ذلك أصابني الاكتئاب النفسي ، وذهبت إلي عيادة الأمراض النفسية، وأعطوني أقراصا فلم ينفع معي أي علاج..)) جريدة الجزيرة العددي 8789 صــ 31
3. فقدان الأمن والراحة، والخوف من الفضيحة:
وذلك أن أدعياء الحب يقومون – في الغالب – بتسجيل المكالمات الهاتفية التي تتم بينهم وبين الفتيات ضحايا الحب ، وقد يطلبون منهن صوراً باسم الحب ، فيحتفظون بها، مع الرسائل الوردية المعطرة التي تبعثها الفتيات إليهم، فإذا ما استعصت الفتاة عليهم، وأبت الخروج معهم ، قاموا يهددونها بتلك الصور والرسائل، وبصوتها في الهاتف، وتعيش الفتاة في وضع مأساوي سيء، وقد تستجيب لمطالبهم خوفاً من الفضيحة ! فتبوء بالإثم في الدنيا ، والفضيحة الكبري في الآخرة وما فيها من العذاب الأليم.
تقول إحداهن: ( كنت جالسة في المنزل عندما رن جرس الهاتف.. فنهضت ورفعت السماعة ، فإذا برجل يطلب صاحباً له ، قلت له إن الرقم خطأ ، وألنت له صوتي، فإذا به يتصل مرة ثانية، وأكلمه حتي قال لي إنه يحبني ! ولا يستطيع الاستغناء عني، وأن نيته سليمة! فصدقته وذهبت معه، وأخذنا صوراً عديدة!! وبعد أربع سنوات مكثتها معه إذ به يقول: إذا لم تمكنيني من نفسك فأفضحك ، وأقدم الصور لأهلك .ز فرفضت بشدة ، وابتعدت عنه، وأصبحت أرفض محادثته في الهاتف أو مقابلته، ويقدر الله عز وجل أن يخطبني صاحب أبي ، وقبل زواجي بأيام اتصل بي ذلك النذل، وقال لي: إن تزوجت من هذا الرجل فأفضحك عنده! ! فأصبحت في حيرة من أمري، وتوجهت إلي الله عز وجل أدعوه بإخلاص أن يخلصني من هذا الرجل، وبعد زواجي بيومين علمت أنه أراد الذهاب إلي زوجي ومعه الصور، وفي طريقه إلي مقر عمل زوجي ، توفي في حادث سيارة ، واحترقت الصور معه.)
جريدة اليوم العدد (7081) ضمن مقال بعنوان خطر الهاتف لصابر جلال.
وهذه قصة أخري يتبين من خلالها أنه قلما تتزوج فتاة ذات صلات فاسدة من رجل وماضي مرير إلا وردت عليها ليلة البناء بها أو صبيحتها كُتبُ الوشاية بها من الأشخاص الذين أحبتهم وأخلصت إليهم فينتهي أمرها في حياتها الجديدة إلي الشقاء والعار.
وليس هناك فتاة بدأت حياتها بحب وغرام ووقوع في الحرام استطاعت أن تتمتع بالحب في زواج سعيد شريف جزاءً وفاقاً ولا يظلم ربك أحداً.
وجاء رسول البريد بكتاب إلي زوج في ليلة بنائه علي زوجته فإذا فيه الرسالة التالية: " علمت أنك خطبت " فلانة " وأنك عما قليل ستكون زوجها، ولعمري لقد كذلك نظرك وخدعك، من قال لك : إنك ستكون سعيداً بها، فإنها لن تكون لك بعد أن صارت لغيرك، ولا يخلص حبك إلي قلبها بعد أن امتلآ بحب عاشقها، فاعدل عن رأيك فيها، وانفض يدك منها، وإن أردت أن تعرف من هو ذلك العاشق وتتحق صدق خبري وإخلاصي إليك في نصيحتي، فانظر إلي الصورة المرسلة مع هذا الكتاب".
التوقيع ....
4.الفشل الدراسي:
وهذا هو الغالب على من ابتُلي بهذا البلاء ، لانشغال فكره وقلبه بالتفكير بـ ( المحبوب ) ، ولكثرة السهر ، وضياع الأوقات الطويلة في مكالمات تافهة رخيصة ، لا تترك وقتاً للمذاكرة والمثابرة ..
تقول إحداهن :" أنا فتاة في السادسة عشرة من عمري ، متفوقة في دراستي ، أحببت أحد المشاهير بشكل جنوني ، تملأ صوره الكبيرة حجرتي ، وأدس صوره الصغيرة في كل كتبي ، وأحلم دائماً بلقائه ، وأثور إذا تحدثت عنه زميلاتي .. بدأ مستواي الدراسي في الانحدار بسبب هذا الحبّ الجنوني ، لدرجة أني أخشى من الاستمرار في الانحدار ، وفي نفس الوقت لا أستطيع التغلب على مشاعري ، وأشعر بأنني وحدي في مشكلة تهدد مستقبلي ، ولا أستطيع مصارحة أحد بها .. " .
5. انتظار من لا يأتي :
وما أطول ساعات الانتظار – بل حتى لحظاته وما أشدها على النفس ، فكيف إذا امتدت إلى شهور وأعوام !
تقول إحدى الفتيات – وهي من ضحايا هذا الوهم - :
" من خلال حديث أخي عن صديقه الملتزم ، أحببته .. شعرت بمشاعر الحبّ تسيطر علي تجاهه ، ولأني فتاة مسلمة ملتزمة بأمور ديني ، نجحت في التمسك بالفضيلة ، والامتناع عن أي سلوك يمكن أن يُظهر مشاعري تجاهه ، وظللت على هذه الحال لمدة أربع سنوات .. رفضتُ كلّ من يتقدم لي من أجل هذا الحبّ! ، وانتظاراً لذلك الشاب الذي لا يعلم بمشاعري نحوه ! .. والآن أنتظر .. وأعيش حالة نفسية سيئة من جراء هذا الانتظار ... انتظار من لا يأتي .. !!
ثالثاًً : الأضرار الصحية
وهي التي تصيب البدن، بخلاف الأضرار النفسية التي تصيب الروح مع سلامة البدن ، وقد يكون الضرر النفسي سبباً لوقوع الضرر البدني ، كما هو الحال في هم الحبّ .
تروي إحدى الفتيات ، تقول : (( في يوم من الأيام جاءني اتصال من صديقة لي، تخبرني فيه بأن صديقة لنا في العناية المركزة بالمستشفي ، فهرعتُ إليها وأنا لا أعلم السبب ، وحينما وصلت إليها ، وجدتها ممددة على السرير دون حراك ، وقد أصابتها حالة تشنج عنيفة ، تركتْ بصمات زرقاء وسوداء حول عينيها ، وفي جميع أجزاء وجهها ، وعندما سألت شقيقتها عن السبب ، أخذتني بعيداً عن والدتها المنهارة ، وقالت لي : لقد اكتشفتْ أن خالداً متزوج ، ولديه ولد !!! ..
أما عن خالد هذا ، فهو شاب قد تعرفتْ عليه عن طريق الهاتف ! وبعد عدة لقاءات وعدها بالزواج ! وها هي تدخل المستشفى من أجله ، ولو علم هذان الأبوان المنهاران أمام غرفة ابنتهما سبب دخولها المستشفى لقتلاها بدلاً من أن يبكيا عليها !" جريدة الجزيرة العدد (8663 ص13) .
وأغرب من ذلك ، ما نُشر في بعض الصحف من قصّة تلك المرأة المصرية التي فوجئت وهي تفتح دولاب ملابسها بعد أن عادت إلى بيتها ، بشاب يخرج من ذلك الدولاب ، فتعالت صرخاتها مستغيثة بالجيران ، وقد حاول الشاب إقناعها بأنه إنما جاء لخطبة ابنتها التي تربطه بها علاقة حب ! ولكن المرأة أصرت على استدعاء الشرطة ، وكانت المفاجأة ، أن سقط ميتاً بالسكتة القلبية قبل أن ينقل إلى قسم الشرطة في أغرب حادث حبّ غرامي مجنون ... " جريدة الرياض العدد (11113ص35)
وقد سئل الأستاذ الدكتور مصطفى محمود عن الحبّ قبل الزواج فأجاب : (( الحبّ هو اتحاد شديد العمق ، يؤدي التفريق فيه إلى سلسلة من انفجارات العذاب والألم ، قد تستمر حتى الموت ، وقد تنتهي بتغير الشخصية تماماً ، وتحولها كما يتحول الراديوم بعد تفجر الإشعاع إلى رصاص ، أما الحبّ بعد الزواج ، فهو الحبّ الحقيقي الذي ينمو ويعيش ، ويتحدى النسيان ، ويضفي النبل والإخلاص والجلال على أبطاله " جريدة الرياض العدد ( 10458ص10).
([1] ) وفي سنده مقال ( وهو ضعيف لوجود أبو بكر بن أبي مريم)
([2] ) نقلاً من رسالة وهم الحب لمحمد بن عبدالعزيز المسند " ( بتصرف)
[3]) )مجلة ( طبيبك ) ، عدد أيلول ( سبتمبر) 1992 ، ص 105
([4] )الظروف ليس لها مشيئة ، فهذه من العبارات الخاطئة ، وهي شائعة بين كثير من الناس والكتاب ، والصواب أن يقال : شاء الله عز وجل
([5] ) جريدة الجزيرة ، العدد 9682، ص10
([6] ) أخرجه البخاري ، عن أبي هريرة
([7] )مجلة اليقظة العدد ص 49
([8] )مجلة الرياضة والشباب ، العدد 600 ، ص 67