القرآن الكريم
عصمة لمن تمسّك به ونجاة من الفتن
بسم الله الرحيم، الحمد لله رب العالمين، اللهم صلي وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد سيد الأولين والآخرين، وعلى آله وأصحابه أجمعين، وعلى التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين وبعد، يستقبل مسجدنا في هذه الصّائفة كعادته طلبة حفظ كتاب الله الكريم فارتأينا أن نجعل في هذا العدد موضوعا نتذاكر فيه قيمة هذا الكتاب ومزاياه سائلين السّميع عزّ وجلّ أن يوفّقنا لحفظ كتابه والاعتناء به حقّ الاعتناء.
فمن المعلوم أن كتاب الله - جل وعلا - معجزة نبيه صلى الله عليه وسلم، هذا القرآن الكريم، والذكر الحكيم، الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد، هذا القرآن الذي تكفل بحفظه، فلم تستطع أيدي العابثين أن تتطرق إليه زيادة أو نقصاناً، أو تحريفاً أو تبديلاً {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُون}َ (سورة الحِجْر: 9) ، هذا القرآن هو شرف هذه الأمة، وعزها، ومجدها: { لَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَاباً فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلا تَعْقِلُونَ} (سورة الأنبياء: 10) ، {وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلونَ} (سورة الزخرف: 44) ، هذا كتاب الله، آخر كتب الله، وأقربها إلى الله عهداً، فإنه آخر الكتب وقد أنزل الله كتباً على أنبيائه قص الله علينا منها ما قص، وخفي علينا ما خفي: { آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ } (سورة البقرة: 285) ، فالكتب متعددة، كما أن الرسل متعددون.
هذا القرآن العزيز معجزة نبينا صلى الله عليه وسلم، إذ معجزات الأنبياء قبله انقرضت بموتهم، وأما معجزة محمد صلى الله عليه وسلم فهي الآية الباقية إلى أن يكتب الله، ويقدر رفع القرآن من صدور الرجال، ومن المصاحف، يقول صلى الله عليه وسلم: "ما بعث الله من نبي إلا أتاه من الآيات ما على مثله آمن البشر وإن الذي أوتيته وحيا أوحاه الله إلي فأرجو أن أكون أكثرهم تابعاً"، هذا القرآن العزيز لو أنزل على الجبال الشامخة لتصدعت: { لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ } (سورة الحشر: 21).
هذا القرآن العزيز لا يزال غضاً طرياً منذ أُنزل إلى أن يُرفع، فهو لا يقلق بكثيرة التلاوة، عصمة لمن تمسك به، ونجاة من الفتن، وتخليصاً من البلاء، وفيه سعادة الدنيا والآخرة، من اتبعه وحكمه وتحاكم إليه ورضيه حكماً عاش في غاية من الهناء، وراحة بال: {فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى } (سورة طه: 123) فنفى الله عمن تبع الوحي وحكمه الشقاء والضلال، فليس بضال إذ هو مهتدي، وليس بشقي إذ هو سعيد، فالهداية والسعادة، وهناء العيش، وطيب النفس، وانشراح الصدر، وطمأنينة القلب، إنما هو في هذا القرآن الكريم، بتلاوته، والعمل به، والتمسك به، فمن آمن بالقرآن، وعمل بالقرآن، فإنه في سعادة دائمة، إذ هو هداية من الضلال، وتبصير من العمى { وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى } (سورة طه: 124) ، هو في ضنك من المعيشة، وإن لمنها ما نال، وإن بلغ منها الغاية، لكن الشقاء ملازم لقلبه وروحه، لأن من لم يؤمن بالقرآن فحياته مبتورة، إذ هو لغير هدف يسعى، فلا يسعى لهدف ولا لغاية، أما المؤمن بالقرآن، فالقرآن هداه لكل خير، عرفه بربه، وعرفه بنبيه، وعرفه بدين الإسلام، وهداه إلى الخير، وقاده لكل خير.
إن كتاب الله العزيز الذي بين أيدينا،يقينا من شرور الشّرك وينصح قلوبنا من شوائبه وهل أضلّ الكافرين بالله إلاّ إعراضهم عن كلام الله{وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ} (سورة فصلت: 26) يعظم في نفوسنا احترام الدماء { مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرائيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً } (سورة المائدة: من الآية 32) ، يعظم في القلوب طاعة ولاة الأمر بالمعروف { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ } (سورة النساء: من الآية 59) ، يلقي في قلوب الأمة احترام بعضهم بعضاً، وسعي الأمة في إصلاح أخطائهم فيما بينهم { وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ } (سورة الحجرات: 9).
هذا القرآن الكريم يؤدبنا بالآداب الفاضلة، فيأمرنا ببر الوالدين، وصلة الرحم، وإكرام الجار، والاحسان إلى المسلمين، والتعاون بين أفراد المجتمع على البر والتقوي: { وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} (سورة المائدة: من الآية 2) ، هذا القرآن يرشد أهله إلى أن تكون نجواهم فيما بينهم، وأحاديثهم الخاصة فيما بينهم، تكون منطلقاً من البر والتقوى، وعمل الخير: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَنَاجَيْتُمْ فَلا تَتَنَاجَوْا بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ الرَّسُولِ وَتَنَاجَوْا بِالْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُون}َ(سورة المجادلة: 9).
القرآن الكريم هذب الألسن، وحال بينها وبين الأقوال البذيئة { إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ } (سورة النور: 23) ، { إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ} (سورة النور: 19) {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإِثْماً مُبِيناً} (سورة الأحزاب: 58) ، {وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً} (سورة الحجرات: من الآية 12) ، إنه يهذب السلوك، ويرشد المسلم إلى أن تكون معاملته مع ربه معاملة صادقة، يستوي فيها سره وعلانيته: { قُلْ إِنْ تُخْفُوا مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللَّهُ } (سورة آل عمران: من الآية 29).
أيها الإخوة، فالله الله في القرآن تلاوة، وتدبر معانيه، وحفظ ما يسر الله من حفظه إن يكن كاملاً، الحمد لله، وإلا فلا يعجز الإنسان أن يحفظ منه شيئاً، فإن حفظ القرآن حفظ للعبد بتوفيق من الله..
عصمة لمن تمسّك به ونجاة من الفتن
بسم الله الرحيم، الحمد لله رب العالمين، اللهم صلي وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد سيد الأولين والآخرين، وعلى آله وأصحابه أجمعين، وعلى التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين وبعد، يستقبل مسجدنا في هذه الصّائفة كعادته طلبة حفظ كتاب الله الكريم فارتأينا أن نجعل في هذا العدد موضوعا نتذاكر فيه قيمة هذا الكتاب ومزاياه سائلين السّميع عزّ وجلّ أن يوفّقنا لحفظ كتابه والاعتناء به حقّ الاعتناء.
فمن المعلوم أن كتاب الله - جل وعلا - معجزة نبيه صلى الله عليه وسلم، هذا القرآن الكريم، والذكر الحكيم، الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد، هذا القرآن الذي تكفل بحفظه، فلم تستطع أيدي العابثين أن تتطرق إليه زيادة أو نقصاناً، أو تحريفاً أو تبديلاً {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُون}َ (سورة الحِجْر: 9) ، هذا القرآن هو شرف هذه الأمة، وعزها، ومجدها: { لَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَاباً فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلا تَعْقِلُونَ} (سورة الأنبياء: 10) ، {وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلونَ} (سورة الزخرف: 44) ، هذا كتاب الله، آخر كتب الله، وأقربها إلى الله عهداً، فإنه آخر الكتب وقد أنزل الله كتباً على أنبيائه قص الله علينا منها ما قص، وخفي علينا ما خفي: { آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ } (سورة البقرة: 285) ، فالكتب متعددة، كما أن الرسل متعددون.
هذا القرآن العزيز معجزة نبينا صلى الله عليه وسلم، إذ معجزات الأنبياء قبله انقرضت بموتهم، وأما معجزة محمد صلى الله عليه وسلم فهي الآية الباقية إلى أن يكتب الله، ويقدر رفع القرآن من صدور الرجال، ومن المصاحف، يقول صلى الله عليه وسلم: "ما بعث الله من نبي إلا أتاه من الآيات ما على مثله آمن البشر وإن الذي أوتيته وحيا أوحاه الله إلي فأرجو أن أكون أكثرهم تابعاً"، هذا القرآن العزيز لو أنزل على الجبال الشامخة لتصدعت: { لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ } (سورة الحشر: 21).
هذا القرآن العزيز لا يزال غضاً طرياً منذ أُنزل إلى أن يُرفع، فهو لا يقلق بكثيرة التلاوة، عصمة لمن تمسك به، ونجاة من الفتن، وتخليصاً من البلاء، وفيه سعادة الدنيا والآخرة، من اتبعه وحكمه وتحاكم إليه ورضيه حكماً عاش في غاية من الهناء، وراحة بال: {فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى } (سورة طه: 123) فنفى الله عمن تبع الوحي وحكمه الشقاء والضلال، فليس بضال إذ هو مهتدي، وليس بشقي إذ هو سعيد، فالهداية والسعادة، وهناء العيش، وطيب النفس، وانشراح الصدر، وطمأنينة القلب، إنما هو في هذا القرآن الكريم، بتلاوته، والعمل به، والتمسك به، فمن آمن بالقرآن، وعمل بالقرآن، فإنه في سعادة دائمة، إذ هو هداية من الضلال، وتبصير من العمى { وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى } (سورة طه: 124) ، هو في ضنك من المعيشة، وإن لمنها ما نال، وإن بلغ منها الغاية، لكن الشقاء ملازم لقلبه وروحه، لأن من لم يؤمن بالقرآن فحياته مبتورة، إذ هو لغير هدف يسعى، فلا يسعى لهدف ولا لغاية، أما المؤمن بالقرآن، فالقرآن هداه لكل خير، عرفه بربه، وعرفه بنبيه، وعرفه بدين الإسلام، وهداه إلى الخير، وقاده لكل خير.
إن كتاب الله العزيز الذي بين أيدينا،يقينا من شرور الشّرك وينصح قلوبنا من شوائبه وهل أضلّ الكافرين بالله إلاّ إعراضهم عن كلام الله{وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ} (سورة فصلت: 26) يعظم في نفوسنا احترام الدماء { مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرائيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً } (سورة المائدة: من الآية 32) ، يعظم في القلوب طاعة ولاة الأمر بالمعروف { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ } (سورة النساء: من الآية 59) ، يلقي في قلوب الأمة احترام بعضهم بعضاً، وسعي الأمة في إصلاح أخطائهم فيما بينهم { وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ } (سورة الحجرات: 9).
هذا القرآن الكريم يؤدبنا بالآداب الفاضلة، فيأمرنا ببر الوالدين، وصلة الرحم، وإكرام الجار، والاحسان إلى المسلمين، والتعاون بين أفراد المجتمع على البر والتقوي: { وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} (سورة المائدة: من الآية 2) ، هذا القرآن يرشد أهله إلى أن تكون نجواهم فيما بينهم، وأحاديثهم الخاصة فيما بينهم، تكون منطلقاً من البر والتقوى، وعمل الخير: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَنَاجَيْتُمْ فَلا تَتَنَاجَوْا بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ الرَّسُولِ وَتَنَاجَوْا بِالْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُون}َ(سورة المجادلة: 9).
القرآن الكريم هذب الألسن، وحال بينها وبين الأقوال البذيئة { إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ } (سورة النور: 23) ، { إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ} (سورة النور: 19) {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإِثْماً مُبِيناً} (سورة الأحزاب: 58) ، {وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً} (سورة الحجرات: من الآية 12) ، إنه يهذب السلوك، ويرشد المسلم إلى أن تكون معاملته مع ربه معاملة صادقة، يستوي فيها سره وعلانيته: { قُلْ إِنْ تُخْفُوا مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللَّهُ } (سورة آل عمران: من الآية 29).
أيها الإخوة، فالله الله في القرآن تلاوة، وتدبر معانيه، وحفظ ما يسر الله من حفظه إن يكن كاملاً، الحمد لله، وإلا فلا يعجز الإنسان أن يحفظ منه شيئاً، فإن حفظ القرآن حفظ للعبد بتوفيق من الله..