مسألة 3/ بيان أسماء الفاتحة
هي 7 أسماء ثابتة عن النبي وهناك أسماء أخرى ثبتت عن الصحابة والتابعين والعلماء بمثابة الوصف
اسم1- فاتحة الكتاب ، فاتحة القرآن
لكثرة تردادها على اللسان حذفوا المضاف إليه وجاءوا بالألف واللام لتدل على الغلبة فصارت علم بالغلبة " الفاتحة " مثل الفتح أي فتح مكة
قال ابن كثير في تفسيره الفاتحة أي فاتحة الكتاب خطاً وبها تفتتح القراءة في الصلوات
وسبقه أبو عبيدة في مجاز القرآن وجزم به البخاري في صحيحه
والدليل ما رواه الشيخان عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ. وعلى هذا جرت تسمية الصحابة لها
اسم2- أم الكتاب
الحسن ومحمد بن سيرين وبَقي بن مَخلِد كرهوا تسميتها بأم الكتاب
قال الحسن : أم الكتاب هي الآيات المحكمات قال تعالى ( هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ )(آل عمران: من الآية7)
قال ابن سيرين: أم الكتاب هو اللوح المحفوظ قال تعالى( يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ ) (الرعد:39) وقال( وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ ) (الزخرف:4)
الصواب أن كلمة أم الكتاب يختلف معناها بإختلاف السياق وبإختلاف المقصود
أم مشتقة من أَمَمْتُ أي قصدت أم الشيء هو المرجع ومُجتمعه
اللوح المحفوظ يسمى أم الكتاب لأن كل ما كتبه الله مجموع فيه
الآيات المحكمات تسمى أم الكتاب لأننا نرجع إليها المتشابه
ربما إنتشر هذا لحديث موضوع لاتقولوا أم الكتاب وقولوا الفاتحة
وفي الصحيحين عن كثير من الصحابة أنهم قالوا أم الكتاب بحضرته ولم ينكر عليهم
اسم3- أم القرآن
روى مسلم عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِأُمِّ الْقُرْآنِ وفي رواية لَمْ يَقْتَرِئْ.
كلام الله عزوجل يوصف بالقرآن ويوصف بالكتاب ووصفه بالقرآن لأنه مقروء ووصفه بالكتاب لأنه مكتوب فالله جمع له الحفظ من جانبين الجانب الأول أنه يُحفظ في الصدور فيُحفظ والجانب الثاني أنه يُحفظ في السطور فيُكتب
اسم4- السبع المثاني
المقصود بالسبع هو أنها تشتمل على 7 آيات
المثاني في معناه يذكر العلماء عدة أقوال
قول1/- قيل لأنها مشتقة من الثناء والحمد لله ولا شك أن الفاتحة كلها ثناء على الله
قول2/- لأنها مشتقة من الثُنية الإستثناء
الثُنية هي الإستثناء ومنه ما جاء في صحيح ابن حبان ج: 11 ص: 345
عن جابر قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الثنيا إلا أن تعلم
لأن هذه السورة اُستثنيت من كثير من كلام الله فهي من خصائص أمة النبي واستدلوا بما
رواه مسلم عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ بَيْنَمَا جِبْرِيلُ قَاعِدٌ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَمِعَ نَقِيضًا مِنْ فَوْقِهِ فَرَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ هَذَا بَابٌ مِنْ السَّمَاءِ فُتِحَ الْيَوْمَ لَمْ يُفْتَحْ قَطُّ إِلَّا الْيَوْمَ فَنَزَلَ مِنْهُ مَلَكٌ فَقَالَ هَذَا مَلَكٌ نَزَلَ إِلَى الْأَرْضِ لَمْ يَنْزِلْ قَطُّ إِلَّا الْيَوْمَ فَسَلَّمَ وَقَالَ أَبْشِرْ بِنُورَيْنِ أُوتِيتَهُمَا لَمْ يُؤْتَهُمَا نَبِيٌّ قَبْـلَكَ فَاتِحَةُ الْكِتَابِ وَخَوَاتِيمُ سُورَةِ الْبَقَرَةِ لَنْ تَقْرَأَ
بِحَرْفٍ مِنْهُمَا إِلَّا أُعْطِيتَهُ.
قول3/- أنها تكرر في كل ركعة من الثَني وهو التكرار
السبع المثاني أي السبع الآيات التي تكرر في كل ركعة
قالوا لأن فيه أثر عن عمر أنه فسر المثاني أنها تكرر في كل ركعة
وقد يوصف القرآن كله أنه مثاني وهنا يصير له معنى آخر أنَّ الله يعطف فيه الجنة على النار والترغيب على الترهيب وذكر أصحاب الإيمان على أصحاب الكفران
اسم5- القرآن العظيم
تسمية الشيء باسم كُلِهِ يدل على فضله
قال السيوطي في الإتقان ج: 1 ص: 150
خامسها القرآن العظيم روى أحمد عن أبي هريرة أن النبي قال لأم القرآن هي أم القرآن وهي السبع المثاني وهي القرآن العظيم وسميت بذلك لاشتمالها على المعاني التي في القرآن.
ودليل الاسمين 4و5 قوله تعالى( وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ ) (الحجر:87)
والنبي نفسه فسر لنا هذه الآية
روى البخاري عَنْ أَبِي سَعِيدِ بْنِ الْمُعَلَّى قَالَ كُنْتُ أُصَلِّي فِي الْمَسْجِدِ فَدَعَانِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ أُجِبْهُ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي كُنْتُ أُصَلِّي فَقَالَ أَلَمْ يَقُلْ اللَّهُ اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ ثُمَّ قَالَ لِي لَأُعَلِّمَنَّكَ سُورَةً هِيَ أَعْظَمُ السُّوَرِ فِي الْقُرْآنِ قَبْلَ أَنْ تَخْرُجَ مِنْ الْمَسْجِدِ ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِي فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ قُلْتُ لَهُ أَلَمْ تَقُلْ لَأُعَلِّمَنَّكَ سُورَةً هِيَ أَعْظَمُ سُورَةٍ فِي الْقُرْآنِ قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ هِيَ السَّبْعُ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنُ الْعَظِيمُ الَّذِي أُوتِيتُهُ.
وروى البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمُّ الْقُرْآنِ هِيَ السَّبْعُ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنُ الْعَظِيمُ.
وروى الترمذي وأبو داوود عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحَمْدُ لِلَّهِ أُمُّ الْقُرْآنِ وَأُمُّ الْكِتَابِ وَالسَّبْعُ الْمَثَانِي.
اسم6- الصلاة
روى مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ صَلَّى صَلَاةً لَمْ يَقْرَأْ فِيهَا بِأُمِّ الْقُرْآنِ فَهِيَ خِدَاجٌ ثَلَاثًا غَيْرُ تَمَامٍ فَقِيلَ لِأَبِي هُرَيْرَةَ إِنَّا نَكُونُ وَرَاءَ الْإِمَامِ فَقَالَ اقْرَأْ بِهَا فِي نَفْسِكَ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى قَسَمْتُ الصَّلَاةَ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي نِصْفَيْنِ وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ فَإِذَا قَالَ الْعَبْدُ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى حَمِدَنِي عَبْدِي وَإِذَا قَالَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى أَثْنَى عَلَيَّ عَبْدِي وَإِذَا قَالَ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ قَالَ مَجَّدَنِي عَبْدِي وَقَالَ مَرَّةً فَوَّضَ إِلَيَّ عَبْدِي فَإِذَا قَالَ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ قَالَ هَذَا بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ فَإِذَا قَالَ اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ قَالَ هَذَا لِعَبْدِي وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ.
اسم7- الرقية
روى الشيخان عَنْ أَبِي سَعِيدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ انْطَلَقَ نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفْرَةٍ سَافَرُوهَا حَتَّى نَزَلُوا عَلَى حَيٍّ مِنْ أَحْيَاءِ الْعَرَبِ فَاسْتَضَافُوهُمْ فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمْ فَلُدِغَ سَيِّدُ ذَلِكَ الْحَيِّ فَسَعَوْا لَهُ بِكُلِّ شَيْءٍ لَا يَنْفَعُهُ شَيْءٌ فَقَالَ بَعْضُهُمْ لَوْ أَتَيْتُمْ هَؤُلَاءِ الرَّهْطَ الَّذِينَ نَزَلُوا لَعَلَّهُ أَنْ يَكُونَ عِنْدَ بَعْضِهِمْ شَيْءٌ فَأَتَوْهُمْ فَقَالُوا يَا أَيُّهَا الرَّهْطُ إِنَّ سَيِّدَنَا لُدِغَ وَسَعَيْنَا لَهُ بِكُلِّ شَيْءٍ لَا يَنْفَعُهُ فَهَلْ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْكُمْ مِنْ شَيْءٍ فَقَالَ بَعْضُهُمْ نَعَمْ وَاللَّهِ إِنِّي لَأَرْقِي وَلَكِنْ وَاللَّهِ لَقَدْ اسْتَضَفْنَاكُمْ فَلَمْ تُضَيِّفُونَا فَمَا أَنَا بِرَاقٍ لَكُمْ حَتَّى تَجْعَلُوا لَنَا جُعْلًا فَصَالَحُوهُمْ عَلَى قَطِيعٍ مِنْ الْغَنَمِ فَانْطَلَقَ يَتْـفِلُ عَلَيْهِ وَيَقْرَأُ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ فَكَأَنَّمَا نُشِطَ مِنْ عِقَالٍ (رباط) فَانْطَلَقَ يَمْشِي وَمَا بِهِ قَلَبَة قَالَ فَأَوْفَوْهُمْ جُعْلَهُمْ الَّذِي صَالَحُوهُمْ عَلَيْهِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ اقْسِمُوا فَقَالَ الَّذِي رَقَى لَا تَفْعَلُوا حَتَّى نَأْتِيَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَذْكُرَ لَهُ الَّذِي كَانَ فَنَنْظُرَ مَا يَأْمُرُنَا فَقَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرُوا لَهُ فَقَالَ وَمَا يُدْرِيكَ أَنَّهَا رُقْيَةٌ ثُمَّ قَالَ قَدْ أَصَبْتُمْ اقْسِمُوا وَاضْرِبُوا لِي مَعَكُمْ سَهْمًا فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قَلَبَة المرض الشديد سمي قلبة لأن المريض يتقلب من جنب إلى جنب
قوله ما يدريك أي إنها رقية،ما يدريك بمعنى حق وعن ابن عمر كان عمر لا يكمل الفاتحة حتى يبرأ الرجل
اسم8- الحمد لله
كما في حديث الترمذي وأبو داوود عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحَمْدُ لِلَّهِ أُمُّ الْقُرْآنِ وَأُمُّ الْكِتَابِ وَالسَّبْعُ الْمَثَانِي.
هذه تسمية السورة بجزئها كقولنا سورة تبارك وسورة براءة
هذا ما صح عن النبي وهناك أسماء تدل على فضلها ثبتت عن الصحابة و التابعين
ابن عباس كان يسميها أساس القرآن ،أصل القرآن لأن كل شيء يبنى عليها
سفيان ابن عيينة كان يسميها الوافية
أي تفي بما في القرآن من معاني و قيل لأنها تفي الصلاة بها
يحيى بن أبي كثير كان يسميها الكافية لأنها تكفي عن غيرها وغيرها لا يكفي عنها
وسميت أيضاً الدعاء ، السؤال ، المناجاة ، التفويض ، وسميت الشفاء واعتمدوا في ذلك على حديث ضعيف ضعفه الألباني في ضعيف الجامع فيه ( فاتحة الكتاب شفاء من كل داء )
مسألة 4/ فضل سورة الفاتحة
* فصل في بيان تفاضل القرآن
معرفة فضائل السور أمر مهم للمسلم من وجهين:
1- من باب الترغيب في قراءة كتاب الله
2- من باب الترغيب في حفظ ما هو أعظم من غيره خاصة للعاجز
وقف تجاه هذا الأمر موقفان كلاهما خطأ والحق دائما في الوسط
-الطائفة الأولى: نفت أن يكون هناك سورة أفضل من سورة قالوا لأن كلام الله عزوجل كله فاضل وخشوا أن
الإنسان إذا فضل سورة على سورة يفهم أن السورة الثانية ناقصة
ممن قال بهذا القول أبو الحسن الأشعري والقاضي أبو بكر الباقلاني وابن حبان وأرادوا أن ينسبوه للإمام مالك
ومذهبهم غير صحيح لقول النبي في حديث بن المعلى لأعلمنك سورة هي أعظم سورة في القرآن فالرسول يجزم أن هناك أعظم وعظيم ونظير هذه المسألة التفضيل بين الأنـبياء .
لكثرة النصوص التي جاءت بتفضيل سورة على سورة وآية على آية قال ابن الحصاد عجبت ممن يذكر الخلاف في هذه القضية
قال العز بن عبد السلام : لاشك أن كلام الله في الله أفضل من كلامه في غيره وقل هو الله أحد أفضل من تبت يدا أبي لهب.
-الطائفة الثانية: غلت وتساهلت حتى أوردت في فضائل القرآن مالا يصح واشتهر بوضع الأحاديث في فضل السور رجل يسمى نوح ابن أبي مريم المُلقب بـ نوح الجامع وكان من الفقهاء ولما سُئل عن ذلك قال رأيت الناس قد رغبوا عن القرآن واشتغلوا بفقه أبي حنيفة وأحاديث سفيان وعبد الرحمن بن مهدي ومغازي ابن إسحاق فأردت أن أرغبهم في القرآن
وقد حكم عليه العلماء بأنه كذاب لا يؤخذ منه الحديث
وسُئل ابن المبارك عنه فقال هو يقول لا إله إلا الله روى مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ.
- الصواب هو الوسط فهناك تفاضل بين السور وبين الآيات لكنه قليل و الآثار والأحاديث في ذلك قليلة
أما فضل سورة الفاتحة
1/ يكفي أنها سميت بأم الكتاب وأم القرآن والقرآن العظيم
قال السيوطي في الإتقان ج: 2 ص: 420
وقال الطيبي هي مشتملة على أربعة أنواع من العلوم التي هي مناط الدين أحدها علم الأصول ومعاقده معرفة الله
تعالى وصفاته وإليها الإشارة بقوله الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم ومعرفة النبوة وهي المرادة بقوله أنعمت عليهم ومعرفة المعاد وهو المومي إليه قوله مالك يوم الدين وثانيها علم الفروع وأسه العبادات وهو المراد بقوله إياك نعبد وثالثها علم ما يحصل به الكمال وهو علم الأخلاق وأجله الوصول إلى الحضرة الصمدانية والالتجاء إلى جناب الفردانية والسلوك لطريقه والاستقامة فيها وإليه الإشارة بقوله وإياك نستعين اهدنا الصراط المستقيم ورابعها علم القصص والأخبار عن الأمم السالفة والقرون الخالية السعداء منهم والأشقياء وما يتصل بها من وعد محسنهم ووعيد مسيئهم.
2/ هي أعظم سورة في القرآن كما في حديث أبي المعلى السابق
صحيح ابن حبان ج: 3 ص: 51ومستدرك الحاكم ج: 1 ص: 747
عن أنس بن مالك قال كان النبي صلى الله عليه وسلم في مسير فنزل فمشى رجل من أصحابه إلى جانبه فالتفت إليه فقال ألا أخبرك بأفضل القرآن قال فتلا عليه الحمد لله رب العالمين.
3/ أن الله لم ينزلها على نبي قبل رسول الله
روى الترمذي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ عَلَى أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا أُبَيُّ وَهُوَ يُصَلِّي فَالْتَفَتَ أُبَيٌّ وَلَمْ يُجِبْهُ وَصَلَّى أُبَيٌّ فَخَفَّفَ ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَيْكَ السَّلَامُ مَا مَنَعَكَ يَا أُبَيُّ أَنْ تُجِيبَنِي إِذْ دَعَوْتُكَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي كُنْتُ فِي الصَّلَاةِ قَالَ أَفَلَمْ تَجِدْ فِيمَا أَوْحَى اللَّهُ إِلَيَّ أَنْ اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ قَالَ بَلَى وَلَا أَعُودُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ قَالَ أَتُحِبُّ أَنْ أُعَلِّمَكَ سُورَةً لَمْ يَنْزِلْ فِي التَّوْرَاةِ وَلَا فِي الْإِنْجِيلِ وَلَا فِي الزَّبُورِ وَلَا فِي الْفُرْقَانِ مِثْلُهَا قَالَ نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَيْفَ تَقْرَأُ فِي الصَّلَاةِ قَالَ فَقَرَأَ أُمَّ الْقُرْآنِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا أُنْزِلَتْ فِي التَّوْرَاةِ وَلَا فِي الْإِنْجِيلِ وَلَا فِي الزَّبُورِ وَلَا فِي الْفُرْقَانِ مِثْلُهَا وَإِنَّهَا سَبْعٌ مِنْ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنُ الْعَظِيمُ الَّذِي أُعْطِيتُهُ.
4/ أن الله سماها الصلاة
5/ أنك لا تقرأ بحرف منها إلا أوتيته أو أعطيته كما في حديث ابن عباس السابق
6/ أن الصلاة لا تصح دونها
7/ أنها رقية
هي 7 أسماء ثابتة عن النبي وهناك أسماء أخرى ثبتت عن الصحابة والتابعين والعلماء بمثابة الوصف
اسم1- فاتحة الكتاب ، فاتحة القرآن
لكثرة تردادها على اللسان حذفوا المضاف إليه وجاءوا بالألف واللام لتدل على الغلبة فصارت علم بالغلبة " الفاتحة " مثل الفتح أي فتح مكة
قال ابن كثير في تفسيره الفاتحة أي فاتحة الكتاب خطاً وبها تفتتح القراءة في الصلوات
وسبقه أبو عبيدة في مجاز القرآن وجزم به البخاري في صحيحه
والدليل ما رواه الشيخان عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ. وعلى هذا جرت تسمية الصحابة لها
اسم2- أم الكتاب
الحسن ومحمد بن سيرين وبَقي بن مَخلِد كرهوا تسميتها بأم الكتاب
قال الحسن : أم الكتاب هي الآيات المحكمات قال تعالى ( هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ )(آل عمران: من الآية7)
قال ابن سيرين: أم الكتاب هو اللوح المحفوظ قال تعالى( يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ ) (الرعد:39) وقال( وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ ) (الزخرف:4)
الصواب أن كلمة أم الكتاب يختلف معناها بإختلاف السياق وبإختلاف المقصود
أم مشتقة من أَمَمْتُ أي قصدت أم الشيء هو المرجع ومُجتمعه
اللوح المحفوظ يسمى أم الكتاب لأن كل ما كتبه الله مجموع فيه
الآيات المحكمات تسمى أم الكتاب لأننا نرجع إليها المتشابه
ربما إنتشر هذا لحديث موضوع لاتقولوا أم الكتاب وقولوا الفاتحة
وفي الصحيحين عن كثير من الصحابة أنهم قالوا أم الكتاب بحضرته ولم ينكر عليهم
اسم3- أم القرآن
روى مسلم عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِأُمِّ الْقُرْآنِ وفي رواية لَمْ يَقْتَرِئْ.
كلام الله عزوجل يوصف بالقرآن ويوصف بالكتاب ووصفه بالقرآن لأنه مقروء ووصفه بالكتاب لأنه مكتوب فالله جمع له الحفظ من جانبين الجانب الأول أنه يُحفظ في الصدور فيُحفظ والجانب الثاني أنه يُحفظ في السطور فيُكتب
اسم4- السبع المثاني
المقصود بالسبع هو أنها تشتمل على 7 آيات
المثاني في معناه يذكر العلماء عدة أقوال
قول1/- قيل لأنها مشتقة من الثناء والحمد لله ولا شك أن الفاتحة كلها ثناء على الله
قول2/- لأنها مشتقة من الثُنية الإستثناء
الثُنية هي الإستثناء ومنه ما جاء في صحيح ابن حبان ج: 11 ص: 345
عن جابر قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الثنيا إلا أن تعلم
لأن هذه السورة اُستثنيت من كثير من كلام الله فهي من خصائص أمة النبي واستدلوا بما
رواه مسلم عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ بَيْنَمَا جِبْرِيلُ قَاعِدٌ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَمِعَ نَقِيضًا مِنْ فَوْقِهِ فَرَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ هَذَا بَابٌ مِنْ السَّمَاءِ فُتِحَ الْيَوْمَ لَمْ يُفْتَحْ قَطُّ إِلَّا الْيَوْمَ فَنَزَلَ مِنْهُ مَلَكٌ فَقَالَ هَذَا مَلَكٌ نَزَلَ إِلَى الْأَرْضِ لَمْ يَنْزِلْ قَطُّ إِلَّا الْيَوْمَ فَسَلَّمَ وَقَالَ أَبْشِرْ بِنُورَيْنِ أُوتِيتَهُمَا لَمْ يُؤْتَهُمَا نَبِيٌّ قَبْـلَكَ فَاتِحَةُ الْكِتَابِ وَخَوَاتِيمُ سُورَةِ الْبَقَرَةِ لَنْ تَقْرَأَ
بِحَرْفٍ مِنْهُمَا إِلَّا أُعْطِيتَهُ.
قول3/- أنها تكرر في كل ركعة من الثَني وهو التكرار
السبع المثاني أي السبع الآيات التي تكرر في كل ركعة
قالوا لأن فيه أثر عن عمر أنه فسر المثاني أنها تكرر في كل ركعة
وقد يوصف القرآن كله أنه مثاني وهنا يصير له معنى آخر أنَّ الله يعطف فيه الجنة على النار والترغيب على الترهيب وذكر أصحاب الإيمان على أصحاب الكفران
اسم5- القرآن العظيم
تسمية الشيء باسم كُلِهِ يدل على فضله
قال السيوطي في الإتقان ج: 1 ص: 150
خامسها القرآن العظيم روى أحمد عن أبي هريرة أن النبي قال لأم القرآن هي أم القرآن وهي السبع المثاني وهي القرآن العظيم وسميت بذلك لاشتمالها على المعاني التي في القرآن.
ودليل الاسمين 4و5 قوله تعالى( وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ ) (الحجر:87)
والنبي نفسه فسر لنا هذه الآية
روى البخاري عَنْ أَبِي سَعِيدِ بْنِ الْمُعَلَّى قَالَ كُنْتُ أُصَلِّي فِي الْمَسْجِدِ فَدَعَانِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ أُجِبْهُ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي كُنْتُ أُصَلِّي فَقَالَ أَلَمْ يَقُلْ اللَّهُ اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ ثُمَّ قَالَ لِي لَأُعَلِّمَنَّكَ سُورَةً هِيَ أَعْظَمُ السُّوَرِ فِي الْقُرْآنِ قَبْلَ أَنْ تَخْرُجَ مِنْ الْمَسْجِدِ ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِي فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ قُلْتُ لَهُ أَلَمْ تَقُلْ لَأُعَلِّمَنَّكَ سُورَةً هِيَ أَعْظَمُ سُورَةٍ فِي الْقُرْآنِ قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ هِيَ السَّبْعُ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنُ الْعَظِيمُ الَّذِي أُوتِيتُهُ.
وروى البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمُّ الْقُرْآنِ هِيَ السَّبْعُ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنُ الْعَظِيمُ.
وروى الترمذي وأبو داوود عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحَمْدُ لِلَّهِ أُمُّ الْقُرْآنِ وَأُمُّ الْكِتَابِ وَالسَّبْعُ الْمَثَانِي.
اسم6- الصلاة
روى مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ صَلَّى صَلَاةً لَمْ يَقْرَأْ فِيهَا بِأُمِّ الْقُرْآنِ فَهِيَ خِدَاجٌ ثَلَاثًا غَيْرُ تَمَامٍ فَقِيلَ لِأَبِي هُرَيْرَةَ إِنَّا نَكُونُ وَرَاءَ الْإِمَامِ فَقَالَ اقْرَأْ بِهَا فِي نَفْسِكَ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى قَسَمْتُ الصَّلَاةَ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي نِصْفَيْنِ وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ فَإِذَا قَالَ الْعَبْدُ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى حَمِدَنِي عَبْدِي وَإِذَا قَالَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى أَثْنَى عَلَيَّ عَبْدِي وَإِذَا قَالَ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ قَالَ مَجَّدَنِي عَبْدِي وَقَالَ مَرَّةً فَوَّضَ إِلَيَّ عَبْدِي فَإِذَا قَالَ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ قَالَ هَذَا بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ فَإِذَا قَالَ اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ قَالَ هَذَا لِعَبْدِي وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ.
اسم7- الرقية
روى الشيخان عَنْ أَبِي سَعِيدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ انْطَلَقَ نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفْرَةٍ سَافَرُوهَا حَتَّى نَزَلُوا عَلَى حَيٍّ مِنْ أَحْيَاءِ الْعَرَبِ فَاسْتَضَافُوهُمْ فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمْ فَلُدِغَ سَيِّدُ ذَلِكَ الْحَيِّ فَسَعَوْا لَهُ بِكُلِّ شَيْءٍ لَا يَنْفَعُهُ شَيْءٌ فَقَالَ بَعْضُهُمْ لَوْ أَتَيْتُمْ هَؤُلَاءِ الرَّهْطَ الَّذِينَ نَزَلُوا لَعَلَّهُ أَنْ يَكُونَ عِنْدَ بَعْضِهِمْ شَيْءٌ فَأَتَوْهُمْ فَقَالُوا يَا أَيُّهَا الرَّهْطُ إِنَّ سَيِّدَنَا لُدِغَ وَسَعَيْنَا لَهُ بِكُلِّ شَيْءٍ لَا يَنْفَعُهُ فَهَلْ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْكُمْ مِنْ شَيْءٍ فَقَالَ بَعْضُهُمْ نَعَمْ وَاللَّهِ إِنِّي لَأَرْقِي وَلَكِنْ وَاللَّهِ لَقَدْ اسْتَضَفْنَاكُمْ فَلَمْ تُضَيِّفُونَا فَمَا أَنَا بِرَاقٍ لَكُمْ حَتَّى تَجْعَلُوا لَنَا جُعْلًا فَصَالَحُوهُمْ عَلَى قَطِيعٍ مِنْ الْغَنَمِ فَانْطَلَقَ يَتْـفِلُ عَلَيْهِ وَيَقْرَأُ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ فَكَأَنَّمَا نُشِطَ مِنْ عِقَالٍ (رباط) فَانْطَلَقَ يَمْشِي وَمَا بِهِ قَلَبَة قَالَ فَأَوْفَوْهُمْ جُعْلَهُمْ الَّذِي صَالَحُوهُمْ عَلَيْهِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ اقْسِمُوا فَقَالَ الَّذِي رَقَى لَا تَفْعَلُوا حَتَّى نَأْتِيَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَذْكُرَ لَهُ الَّذِي كَانَ فَنَنْظُرَ مَا يَأْمُرُنَا فَقَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرُوا لَهُ فَقَالَ وَمَا يُدْرِيكَ أَنَّهَا رُقْيَةٌ ثُمَّ قَالَ قَدْ أَصَبْتُمْ اقْسِمُوا وَاضْرِبُوا لِي مَعَكُمْ سَهْمًا فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قَلَبَة المرض الشديد سمي قلبة لأن المريض يتقلب من جنب إلى جنب
قوله ما يدريك أي إنها رقية،ما يدريك بمعنى حق وعن ابن عمر كان عمر لا يكمل الفاتحة حتى يبرأ الرجل
اسم8- الحمد لله
كما في حديث الترمذي وأبو داوود عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحَمْدُ لِلَّهِ أُمُّ الْقُرْآنِ وَأُمُّ الْكِتَابِ وَالسَّبْعُ الْمَثَانِي.
هذه تسمية السورة بجزئها كقولنا سورة تبارك وسورة براءة
هذا ما صح عن النبي وهناك أسماء تدل على فضلها ثبتت عن الصحابة و التابعين
ابن عباس كان يسميها أساس القرآن ،أصل القرآن لأن كل شيء يبنى عليها
سفيان ابن عيينة كان يسميها الوافية
أي تفي بما في القرآن من معاني و قيل لأنها تفي الصلاة بها
يحيى بن أبي كثير كان يسميها الكافية لأنها تكفي عن غيرها وغيرها لا يكفي عنها
وسميت أيضاً الدعاء ، السؤال ، المناجاة ، التفويض ، وسميت الشفاء واعتمدوا في ذلك على حديث ضعيف ضعفه الألباني في ضعيف الجامع فيه ( فاتحة الكتاب شفاء من كل داء )
مسألة 4/ فضل سورة الفاتحة
* فصل في بيان تفاضل القرآن
معرفة فضائل السور أمر مهم للمسلم من وجهين:
1- من باب الترغيب في قراءة كتاب الله
2- من باب الترغيب في حفظ ما هو أعظم من غيره خاصة للعاجز
وقف تجاه هذا الأمر موقفان كلاهما خطأ والحق دائما في الوسط
-الطائفة الأولى: نفت أن يكون هناك سورة أفضل من سورة قالوا لأن كلام الله عزوجل كله فاضل وخشوا أن
الإنسان إذا فضل سورة على سورة يفهم أن السورة الثانية ناقصة
ممن قال بهذا القول أبو الحسن الأشعري والقاضي أبو بكر الباقلاني وابن حبان وأرادوا أن ينسبوه للإمام مالك
ومذهبهم غير صحيح لقول النبي في حديث بن المعلى لأعلمنك سورة هي أعظم سورة في القرآن فالرسول يجزم أن هناك أعظم وعظيم ونظير هذه المسألة التفضيل بين الأنـبياء .
لكثرة النصوص التي جاءت بتفضيل سورة على سورة وآية على آية قال ابن الحصاد عجبت ممن يذكر الخلاف في هذه القضية
قال العز بن عبد السلام : لاشك أن كلام الله في الله أفضل من كلامه في غيره وقل هو الله أحد أفضل من تبت يدا أبي لهب.
-الطائفة الثانية: غلت وتساهلت حتى أوردت في فضائل القرآن مالا يصح واشتهر بوضع الأحاديث في فضل السور رجل يسمى نوح ابن أبي مريم المُلقب بـ نوح الجامع وكان من الفقهاء ولما سُئل عن ذلك قال رأيت الناس قد رغبوا عن القرآن واشتغلوا بفقه أبي حنيفة وأحاديث سفيان وعبد الرحمن بن مهدي ومغازي ابن إسحاق فأردت أن أرغبهم في القرآن
وقد حكم عليه العلماء بأنه كذاب لا يؤخذ منه الحديث
وسُئل ابن المبارك عنه فقال هو يقول لا إله إلا الله روى مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ.
- الصواب هو الوسط فهناك تفاضل بين السور وبين الآيات لكنه قليل و الآثار والأحاديث في ذلك قليلة
أما فضل سورة الفاتحة
1/ يكفي أنها سميت بأم الكتاب وأم القرآن والقرآن العظيم
قال السيوطي في الإتقان ج: 2 ص: 420
وقال الطيبي هي مشتملة على أربعة أنواع من العلوم التي هي مناط الدين أحدها علم الأصول ومعاقده معرفة الله
تعالى وصفاته وإليها الإشارة بقوله الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم ومعرفة النبوة وهي المرادة بقوله أنعمت عليهم ومعرفة المعاد وهو المومي إليه قوله مالك يوم الدين وثانيها علم الفروع وأسه العبادات وهو المراد بقوله إياك نعبد وثالثها علم ما يحصل به الكمال وهو علم الأخلاق وأجله الوصول إلى الحضرة الصمدانية والالتجاء إلى جناب الفردانية والسلوك لطريقه والاستقامة فيها وإليه الإشارة بقوله وإياك نستعين اهدنا الصراط المستقيم ورابعها علم القصص والأخبار عن الأمم السالفة والقرون الخالية السعداء منهم والأشقياء وما يتصل بها من وعد محسنهم ووعيد مسيئهم.
2/ هي أعظم سورة في القرآن كما في حديث أبي المعلى السابق
صحيح ابن حبان ج: 3 ص: 51ومستدرك الحاكم ج: 1 ص: 747
عن أنس بن مالك قال كان النبي صلى الله عليه وسلم في مسير فنزل فمشى رجل من أصحابه إلى جانبه فالتفت إليه فقال ألا أخبرك بأفضل القرآن قال فتلا عليه الحمد لله رب العالمين.
3/ أن الله لم ينزلها على نبي قبل رسول الله
روى الترمذي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ عَلَى أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا أُبَيُّ وَهُوَ يُصَلِّي فَالْتَفَتَ أُبَيٌّ وَلَمْ يُجِبْهُ وَصَلَّى أُبَيٌّ فَخَفَّفَ ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَيْكَ السَّلَامُ مَا مَنَعَكَ يَا أُبَيُّ أَنْ تُجِيبَنِي إِذْ دَعَوْتُكَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي كُنْتُ فِي الصَّلَاةِ قَالَ أَفَلَمْ تَجِدْ فِيمَا أَوْحَى اللَّهُ إِلَيَّ أَنْ اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ قَالَ بَلَى وَلَا أَعُودُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ قَالَ أَتُحِبُّ أَنْ أُعَلِّمَكَ سُورَةً لَمْ يَنْزِلْ فِي التَّوْرَاةِ وَلَا فِي الْإِنْجِيلِ وَلَا فِي الزَّبُورِ وَلَا فِي الْفُرْقَانِ مِثْلُهَا قَالَ نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَيْفَ تَقْرَأُ فِي الصَّلَاةِ قَالَ فَقَرَأَ أُمَّ الْقُرْآنِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا أُنْزِلَتْ فِي التَّوْرَاةِ وَلَا فِي الْإِنْجِيلِ وَلَا فِي الزَّبُورِ وَلَا فِي الْفُرْقَانِ مِثْلُهَا وَإِنَّهَا سَبْعٌ مِنْ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنُ الْعَظِيمُ الَّذِي أُعْطِيتُهُ.
4/ أن الله سماها الصلاة
5/ أنك لا تقرأ بحرف منها إلا أوتيته أو أعطيته كما في حديث ابن عباس السابق
6/ أن الصلاة لا تصح دونها
7/ أنها رقية