أصول الاستدلال و التّلقّي
الأصـل الأوّل: ( تبنى الـعـقـيـدة على الـنّـقـول الـثّـابـتـة )
أي من الكتاب، و السُّنَّة الصّحيحة، والإجماع الصّحيح.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في"المجموع"(20/164):
"فدين المسلمين مبنيّ على إتّباع كتاب الله وسنّة نبّيّه وما اتّفقت عليه الأمّة فهذه الثّلاثة هي أصول معصومة وما تنازعت فيه الأمّة ردّوه إلى الله والرّسول. وليس لأحد أن ينَصّبَ للأمّة شخصا يدعو إلى طريقته ويوالي ويعادي عليها غير النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم ولا ينصب لهم كلاما يوالي عليه ويعادي غير كلام الله ورسوله وما اجتمعت عليه الأمّة بل هذا من فعل أهل البدع الّذين ينَصِّبون لهم شخصا أو كلاما يفَرّقون به بين الأمّة يوالون به على ذلك الكلام أو تلك النّسبة ويعادون ".
مـن الـقـواعـد المـتـفـرّعـة عـن هـذا الأصـل:
§ لا يحـتـجّ بـقـول أحد ولـو كـان مـن أهـل الـسّـنّـة على تـثـبـيـت مـعـتـقـد مـا.
ذلك لأنّ كلامه ليس كتابا ولا سنّة، ولم يُجمع السّلف على قوله.
§ الاحـتـجـاج بـنـصـوص الـكـتـاب ولـو كـانـت مـن الـقـراءة الـشّـاذّة.
ومن ثمّ أثبت السّلف رحمهم الله صفة العزم لله تعالى استدلالا بقوله تعالى في قراءة: { فَإِذَا عَزَ مْتُ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّه } [آل عمران:من الآية:159]، وهي قراءة جابر بن زيد وأبي نهيك وعكرمة وجعفر بن محمد [ "الدرّ المنثور" (2/360)، وتفسير ابن عطية (3/281)، و"مختصر في شواذ القرآن" لابن خالويه(23) و"البحر المحيط لأبي حيان، و"إعراب القرآن" للنحاس(1/416) وغيرها ].
ويؤيد ذلك ما رواه مسلم عن أم سلمة قالت: سمعت رسول الله صلّى الله عليه و سلّم يقول:( ما من مسلم تصيبه مصيبة فيقول: إنا للـه وإنا إليه راجعون، اللهم أجرني فى مصيبتي وأخلف لي خيرا منها، إلا أجره الله في مصيبته وأخلف له خيرا منها ).قالت: فلما توفى أبو سلمة قلت: من خير من أبي سلمة صاحب رسول الله صلّى الله عليه و سلّم ؟ ثم عزم الله لي فقلتها، قالت: فأخلف الله لي خيرا منه رسول الله صلّى الله عليه و سلّم.
وفي المقابل نفى هذه الصفة الباقلاني وأبو يعلى والنووي في"شرحه مسلم"(1/46)و(6/22)وذكر أقوالا في تأويلها. وقد استعملها مسلم في خطبة كتابه (1/4) واستدل شيخ الإسلام ابن تيمية في" المجموع (16/304) بالآية وبحديث أم سلمة وبفعل الإمام مسلم ليشير أن السّلف فعلوا ذلك.
§ الاحـتـجـاج بـأحـاديـث الآحـاد.
الأخبار من حيث وصولها إلينا لها طريقان: إما أن تكون أخبار متواترة، وإما أن تكون أخبر آحاد:
- فالأخبار المتواترة هي: التي رواها جمع عن جمع، من مبدأ السند إلى منتهاه، حيث يحيل العقل تواطأهم على الكذب، وهذه تفيد العلم الضروري، وهي القرآن الكريم ومتواتر السنة.
- وأما أخبار الآحاد فهو ما فقد التواتر.
فأهل السُّنَّة والجماعة –كما ذكرنا- يعتمدون في إثبات عقيدتهم على الكتاب و السُّنَّة، فالكتاب كله متواتر، والسنة لا يشترطون فيها إلا صحتها فحسب، فإذا صحة فلا يسألون: هل هو خبر آحاد أو متواتر؟
أما علماء الكلام فقد أشاعوا أن حديث الآحاد يفيد العمل لا العلم، بمعنى أنه يؤخذ به في الأحكام في الأحكام العملية، لا في الأحكام العقدية، وقالوا: إن خبر الواحد يفيد الظن، والظن لا تبنى عليه عقيدة !
وهذا مردود من وجوه:
1- أنه لا دليل على التفريق بين الأحكام والعقائد:
قال شيخ الإسلام ابن القيّم رحمه الله في"الصّواعق المرسلة"(3/412):
" وهذا التّفريق باطل بإجماع الأمّة فإنّها لم تزل تحتج بهذه الأحاديث في الخبريات العلميات(يعني العقيدة)كما تحتج بها في الطّلبيات العمليات .."
2- الدليل قام على اعتبار حديث الثّقة حجّة، فقد كان النبي يرسل أصحابه مثنى وفرادى إلى المدن والقرى يعلّمون النّاس التوحيد والأحكام.
قال الإمام الشّافعي رحمه الله في"الرّسالة"(412):
"وهو صلّى الله عليه و سلّم لا يبعث بأمره إلاّ والحجّة للمبعوث إليهم عليهم قائمة بقبول خبره عن رسول الله صلّى الله عليه و سلّم ، وقد كان قادرا على أن يبعث إليهم فيشافههم أو يبعث إليهم عددا فبعث واحدا يعرفونه بالصّدق".
وقال العلامة الألباني رحمه الله في"الحديث حجّة بنفسه":
"وبالجملة فأدلّة الكتاب والسّنّة وعمل الصّحابة وأقوال العلماء تدلّ دلالة قاطعة - على ما شرحنا- من وجوب الأخذ بحديث الآحاد في كل أبواب الشّريعة سواء كان في الاعتقاديات أو العملّيات وأنّ التّفريق بينهما بدعة لا يعرفها السّلف ".
وللمزيد من التفصيل انظر "مجموع الفتاوى"( 18/40)، و "الباحث الحثيث" (ص/33)، والبلقيني في " محاسن الاصطلاح" (101)، و"النكت" لابن حجر (1/375).
3- أنّ إجماع أهل الحديث على حجّيته في العقائد، والعبرة في الإجماع هو قول أهل الفنّ كما حقّقه ابن القيّم في " مختصر الصّواعق المرسلة" (2/375).
§ الـتـوقّـف في الألـفـاظ الـمـجـمـلـة الـتي لـم يـرد إثـبـاتـهـا ولا نـفـيـهـا.
أي: ما لم يرد فيه دليل بعينه كالألفاظ التي يتكلم بها أهل التّعطيل فلأهل السُّنَّة فيه نظرتان: نظرة من حيث لفظه ونظرة من حيث معناه:
فمن حيث لفظه لا يثبتونه لعدم ورود الدّليل الخاص به ولم يتكلم بها السّلف. وأما من ناحية معناه فالواجب هو التوقف فيه والاستفصال عنه، لأنّ هذه الألفاظ فيها حقّ وفيها باطل فهي ألفاظ مجملة، واللفظ المجمل يحتاج إلى بيان فيستفصل عنه، فإن أريد به حقّ قبلناه، وإن أريد به باطلٌ رددناه. وحتى تتّضح هذه القاعدة نذكر بعض الفروع عليها:
منها: لفظ ( الجهة ) فيقال: هل الله تعالى في جهة؟ فيقال: إن لفظ الجهة لا نثبته لعدم وروده في القرآن الكريم ولا في السنّة ولا في كلام السّلف، أمّا معناه فنتوقف فيه، لأنّ لفظ الجهة فيه حقّ وفيه باطل. فنقول ماذا تريد بلفظ الجهة؟ هل تريد به جهة سفلٍ؟ أم جهة علو محيطة بالله تعالى؟ أم جهة علو غير محيطة بالله تعالى؟ فإن أراد الأول فهو باطل، لأن جهة السفل نقص والله تعالى منزه عن النقص. وإن أراد الثاني فهو باطل أيضًا. لأنّ الله تعالى لا يحيط به شيءٌ من مخلوقاته. وإن أراد الثالث فهو حق يجوز على الله تعالى، لكن لا نسميه بالجهة وإنّما نسميه بالعلوّ.
فصار إذاً لفظ الجهة يحتمل الحق ويحتمل الباطل، فلو رددناه مطلقًا لأدى ذلك إلى ردّ ما فيه من الحقّ، ولو قبلناه مطلقًا لأدّى ذلك إلى قبول ما فيه من الباطل، لكن لما استفصلنا تميّز الحقّ من الباطل فقلنا الحقّ، لأن الحق يجب قبوله، ورددنا الباطل، لأنّ الباطل يجب ردّه.
§ لا يـقـدّم شـيء عـلـى الـنّـصّ والإجـمـاع.
قال تعالى:{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ }.[الحجرات:1]
فأهل السُّنَّة يعظّمون الوحي، ويعتقدون اعتقادا جازما أنّه بقدر ما يـبتعد المرء من الوحي بقدر ما يـبتعد عن الحقّ، وإنّ من أهمّ خصائص أهل السُّنَّة أمران:
- الأوّل: الظّهور، والظّهور هو الرّفعة والعلوّ. ومنه قوله تعالى:{ فَمَا اسْطَاعُوا أَن يَظْهَرُوهُ } أي: يعلوه
- الثاني: كفاية الله لهم، قال تعالى:{ يا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ }[ النفال:64]، أي حسبُك وحسْبُ من اتّبعك، قال شيخ الإسلام ابن تيمية في "منهاج السنّة" (8/487): "ولهذا كلّ من كان متّبعا للرّسول صلّى الله عليه و سلّم كان الله معه بحسب هذا الاتّباع". ... يتبع ان شاء الله
الأصـل الأوّل: ( تبنى الـعـقـيـدة على الـنّـقـول الـثّـابـتـة )
أي من الكتاب، و السُّنَّة الصّحيحة، والإجماع الصّحيح.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في"المجموع"(20/164):
"فدين المسلمين مبنيّ على إتّباع كتاب الله وسنّة نبّيّه وما اتّفقت عليه الأمّة فهذه الثّلاثة هي أصول معصومة وما تنازعت فيه الأمّة ردّوه إلى الله والرّسول. وليس لأحد أن ينَصّبَ للأمّة شخصا يدعو إلى طريقته ويوالي ويعادي عليها غير النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم ولا ينصب لهم كلاما يوالي عليه ويعادي غير كلام الله ورسوله وما اجتمعت عليه الأمّة بل هذا من فعل أهل البدع الّذين ينَصِّبون لهم شخصا أو كلاما يفَرّقون به بين الأمّة يوالون به على ذلك الكلام أو تلك النّسبة ويعادون ".
مـن الـقـواعـد المـتـفـرّعـة عـن هـذا الأصـل:
§ لا يحـتـجّ بـقـول أحد ولـو كـان مـن أهـل الـسّـنّـة على تـثـبـيـت مـعـتـقـد مـا.
ذلك لأنّ كلامه ليس كتابا ولا سنّة، ولم يُجمع السّلف على قوله.
§ الاحـتـجـاج بـنـصـوص الـكـتـاب ولـو كـانـت مـن الـقـراءة الـشّـاذّة.
ومن ثمّ أثبت السّلف رحمهم الله صفة العزم لله تعالى استدلالا بقوله تعالى في قراءة: { فَإِذَا عَزَ مْتُ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّه } [آل عمران:من الآية:159]، وهي قراءة جابر بن زيد وأبي نهيك وعكرمة وجعفر بن محمد [ "الدرّ المنثور" (2/360)، وتفسير ابن عطية (3/281)، و"مختصر في شواذ القرآن" لابن خالويه(23) و"البحر المحيط لأبي حيان، و"إعراب القرآن" للنحاس(1/416) وغيرها ].
ويؤيد ذلك ما رواه مسلم عن أم سلمة قالت: سمعت رسول الله صلّى الله عليه و سلّم يقول:( ما من مسلم تصيبه مصيبة فيقول: إنا للـه وإنا إليه راجعون، اللهم أجرني فى مصيبتي وأخلف لي خيرا منها، إلا أجره الله في مصيبته وأخلف له خيرا منها ).قالت: فلما توفى أبو سلمة قلت: من خير من أبي سلمة صاحب رسول الله صلّى الله عليه و سلّم ؟ ثم عزم الله لي فقلتها، قالت: فأخلف الله لي خيرا منه رسول الله صلّى الله عليه و سلّم.
وفي المقابل نفى هذه الصفة الباقلاني وأبو يعلى والنووي في"شرحه مسلم"(1/46)و(6/22)وذكر أقوالا في تأويلها. وقد استعملها مسلم في خطبة كتابه (1/4) واستدل شيخ الإسلام ابن تيمية في" المجموع (16/304) بالآية وبحديث أم سلمة وبفعل الإمام مسلم ليشير أن السّلف فعلوا ذلك.
§ الاحـتـجـاج بـأحـاديـث الآحـاد.
الأخبار من حيث وصولها إلينا لها طريقان: إما أن تكون أخبار متواترة، وإما أن تكون أخبر آحاد:
- فالأخبار المتواترة هي: التي رواها جمع عن جمع، من مبدأ السند إلى منتهاه، حيث يحيل العقل تواطأهم على الكذب، وهذه تفيد العلم الضروري، وهي القرآن الكريم ومتواتر السنة.
- وأما أخبار الآحاد فهو ما فقد التواتر.
فأهل السُّنَّة والجماعة –كما ذكرنا- يعتمدون في إثبات عقيدتهم على الكتاب و السُّنَّة، فالكتاب كله متواتر، والسنة لا يشترطون فيها إلا صحتها فحسب، فإذا صحة فلا يسألون: هل هو خبر آحاد أو متواتر؟
أما علماء الكلام فقد أشاعوا أن حديث الآحاد يفيد العمل لا العلم، بمعنى أنه يؤخذ به في الأحكام في الأحكام العملية، لا في الأحكام العقدية، وقالوا: إن خبر الواحد يفيد الظن، والظن لا تبنى عليه عقيدة !
وهذا مردود من وجوه:
1- أنه لا دليل على التفريق بين الأحكام والعقائد:
قال شيخ الإسلام ابن القيّم رحمه الله في"الصّواعق المرسلة"(3/412):
" وهذا التّفريق باطل بإجماع الأمّة فإنّها لم تزل تحتج بهذه الأحاديث في الخبريات العلميات(يعني العقيدة)كما تحتج بها في الطّلبيات العمليات .."
2- الدليل قام على اعتبار حديث الثّقة حجّة، فقد كان النبي يرسل أصحابه مثنى وفرادى إلى المدن والقرى يعلّمون النّاس التوحيد والأحكام.
قال الإمام الشّافعي رحمه الله في"الرّسالة"(412):
"وهو صلّى الله عليه و سلّم لا يبعث بأمره إلاّ والحجّة للمبعوث إليهم عليهم قائمة بقبول خبره عن رسول الله صلّى الله عليه و سلّم ، وقد كان قادرا على أن يبعث إليهم فيشافههم أو يبعث إليهم عددا فبعث واحدا يعرفونه بالصّدق".
وقال العلامة الألباني رحمه الله في"الحديث حجّة بنفسه":
"وبالجملة فأدلّة الكتاب والسّنّة وعمل الصّحابة وأقوال العلماء تدلّ دلالة قاطعة - على ما شرحنا- من وجوب الأخذ بحديث الآحاد في كل أبواب الشّريعة سواء كان في الاعتقاديات أو العملّيات وأنّ التّفريق بينهما بدعة لا يعرفها السّلف ".
وللمزيد من التفصيل انظر "مجموع الفتاوى"( 18/40)، و "الباحث الحثيث" (ص/33)، والبلقيني في " محاسن الاصطلاح" (101)، و"النكت" لابن حجر (1/375).
3- أنّ إجماع أهل الحديث على حجّيته في العقائد، والعبرة في الإجماع هو قول أهل الفنّ كما حقّقه ابن القيّم في " مختصر الصّواعق المرسلة" (2/375).
§ الـتـوقّـف في الألـفـاظ الـمـجـمـلـة الـتي لـم يـرد إثـبـاتـهـا ولا نـفـيـهـا.
أي: ما لم يرد فيه دليل بعينه كالألفاظ التي يتكلم بها أهل التّعطيل فلأهل السُّنَّة فيه نظرتان: نظرة من حيث لفظه ونظرة من حيث معناه:
فمن حيث لفظه لا يثبتونه لعدم ورود الدّليل الخاص به ولم يتكلم بها السّلف. وأما من ناحية معناه فالواجب هو التوقف فيه والاستفصال عنه، لأنّ هذه الألفاظ فيها حقّ وفيها باطل فهي ألفاظ مجملة، واللفظ المجمل يحتاج إلى بيان فيستفصل عنه، فإن أريد به حقّ قبلناه، وإن أريد به باطلٌ رددناه. وحتى تتّضح هذه القاعدة نذكر بعض الفروع عليها:
منها: لفظ ( الجهة ) فيقال: هل الله تعالى في جهة؟ فيقال: إن لفظ الجهة لا نثبته لعدم وروده في القرآن الكريم ولا في السنّة ولا في كلام السّلف، أمّا معناه فنتوقف فيه، لأنّ لفظ الجهة فيه حقّ وفيه باطل. فنقول ماذا تريد بلفظ الجهة؟ هل تريد به جهة سفلٍ؟ أم جهة علو محيطة بالله تعالى؟ أم جهة علو غير محيطة بالله تعالى؟ فإن أراد الأول فهو باطل، لأن جهة السفل نقص والله تعالى منزه عن النقص. وإن أراد الثاني فهو باطل أيضًا. لأنّ الله تعالى لا يحيط به شيءٌ من مخلوقاته. وإن أراد الثالث فهو حق يجوز على الله تعالى، لكن لا نسميه بالجهة وإنّما نسميه بالعلوّ.
فصار إذاً لفظ الجهة يحتمل الحق ويحتمل الباطل، فلو رددناه مطلقًا لأدى ذلك إلى ردّ ما فيه من الحقّ، ولو قبلناه مطلقًا لأدّى ذلك إلى قبول ما فيه من الباطل، لكن لما استفصلنا تميّز الحقّ من الباطل فقلنا الحقّ، لأن الحق يجب قبوله، ورددنا الباطل، لأنّ الباطل يجب ردّه.
§ لا يـقـدّم شـيء عـلـى الـنّـصّ والإجـمـاع.
قال تعالى:{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ }.[الحجرات:1]
فأهل السُّنَّة يعظّمون الوحي، ويعتقدون اعتقادا جازما أنّه بقدر ما يـبتعد المرء من الوحي بقدر ما يـبتعد عن الحقّ، وإنّ من أهمّ خصائص أهل السُّنَّة أمران:
- الأوّل: الظّهور، والظّهور هو الرّفعة والعلوّ. ومنه قوله تعالى:{ فَمَا اسْطَاعُوا أَن يَظْهَرُوهُ } أي: يعلوه
- الثاني: كفاية الله لهم، قال تعالى:{ يا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ }[ النفال:64]، أي حسبُك وحسْبُ من اتّبعك، قال شيخ الإسلام ابن تيمية في "منهاج السنّة" (8/487): "ولهذا كلّ من كان متّبعا للرّسول صلّى الله عليه و سلّم كان الله معه بحسب هذا الاتّباع". ... يتبع ان شاء الله