منتديات امة الحبيب

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

نحن امه اجتمعت علي حب النبي صلي الله عليه وسلم


    الاعتكاف مشروعيته و أحكامه لفضيلة الشيخ أبو هانىء نصر الدّين بلقاسم الجزائري حفضه الله 1

    hichou78
    hichou78
    عضو ماسي
    عضو ماسي


    تاريخ التسجيل : 04/02/2010

    الاعتكاف مشروعيته و أحكامه لفضيلة الشيخ أبو هانىء  نصر الدّين بلقاسم الجزائري  حفضه الله  1 Empty الاعتكاف مشروعيته و أحكامه لفضيلة الشيخ أبو هانىء نصر الدّين بلقاسم الجزائري حفضه الله 1

    مُساهمة من طرف hichou78 الإثنين فبراير 08, 2010 1:04 pm

    المبحث الأول





    معنى الاعتكاف





    أصل الاعتكاف في اللغة : الإقامة ، يقال : عكَف يعكِفُ ، و يعكُف إذا أقام قال تعالى ((و أنتم عاكفون في المساجد )) .[1]


    قال الأزهري : قال المفسرون و غيرهم من أهل اللغة : عاكفون مقيمون في المساجد .[2]


    وقال البغوي : الاعتكاف : هو الإقامة على الشيء ، فقيل لمن لازم المسجد و أقام العبادة فيه ، معتكِف و عاكِف .[3]


    وقال المطرزي : الاعتكاف : افتعال من عكَف إذا دام من باب طلَب و عكفه حبسه .[4]


    وفي الشرع : قيل ملازمة طاعة مخصوصة على شرط مخصوص في موضع مخصوص .[5]


    وقال الحافظ:المقام في المسجد من شخص مخصوص على صفة مخصوصة.[6]


    وقال الراغب الأصفهاني : هو الاحتباس في المسجد على سبيل القربة .[7]


    تنبيه ..


    في ضوء هذه التعريفات يظهر أنَّ المسجد هو المكان الذي يتم فيه الاعتكاف للقربة و الطاعة ، و هل غيره من الأمكنة يدخل فيه ؟ و هل المسجد شرط لصحته أم لا ؟. يأتي إن شاء الله


    قال الشوكاني رحمه الله تعالى : مفهوم الاعتكاف الشرعي هو اللبث في المسجد ، فلا توجد هذه الماهية إلا بذلك و إلا لزم أن يكون الاعتكاف في الدورو الأسواق و الصحراء صحيحا واللازم باطل بالإجماع فالملزوم مثله، و مُعلِّم الشرائع لأمَّته إلا في المساجد و هذا القدر يكفي ومن ادَّعى أنها توجد ماهية الاعتكاف الشرعية في غير مسجد فالدليل عليه .


    ثم قال :وإذا عرفتَ هذالم تحتاج إلى الاستدلال بما روى Sad أنه لا اعتكاف إلا في مسجد) أو(لا اعتكاف إلا في مسجد جماعة )و لا احتجاج بقوله سبحانه )) وأنتم عاكفون في المساجد (( اهـ [8]


    قلت : يقصد رحمه الله أنَّ ماهية الاعتكاف و مكانه إنَّما يثبت بمفهومه و معناه الشرعي إذ لا يُسمَّى الواحد معتكفا إلاَّ من لازم المسجد للعبادة والقربة و الطاعة .


    قال صدِّيق حسن خان رحمه الله : و أما كونه لا يكون إلا في المساجد فلأن ذلك هو معنى الاعتكاف شرعا إذ لا يُسمَّى من اعتكف في غيرها معتكفا شرعا .[9]


    بيان للآيات المشتملة على لفظ (( عكف ))


    قال تعالى (( و إذ جعلنا البيت مثابة للنَّاس و أمنا و اتخذوا من مقام إبراهيم مصلَّى و عهدنا إلى إبراهيم و إسماعيل أن طهِّرا بيتي للطائفين والعاكفين و الرُّكَّع السُّجود))[10]


    العاكفين : أي المقيمين فيه على الصلاة و الذكر لله تعالى.


    وقال تعالى : ((.. ثم أتمُّوا الصيام إلى الليل و لا تباشروهنَّ و أنتم عاكفون في المساجد تلك حدود الله فلا تقربوها كذلك يبيِّن الله آياته للناس لعلَّهم يتقون))[11].


    عاكفون : أي ناوون الإقامة في المسجد للعبادة .


    وقال تعالى : (( وجاوزنا ببني إسرائيل البحر فأتوا على قوم يعكفون على أصنام لهم قالوا يا موسى اجعل لنا إلها كما لهم آلهة قال إنكم قوم تجهلون )).[12]


    يعكفون : أي يقيمون على عبادة أصنامهم


    وقال تعالى : (( قالوا لن نبرح عليه عاكفين حتَّى يرجع إلينا موسى )).[13]


    عاكفين : أي سنستمر مواظبين على عبادة العجل .


    وقال تعالى : . و انظر إلى إلهك الذي ظلت عليه عاكفا لنحرقنَّه ثم لننسفنَّه في اليمِّ نسفا)).[14]


    عاكفا : أي صرت مداوما على عبادته .


    وقال تعالى : ((إذقال لأبيه وقومه ما هذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون)).[15]


    عاكفون : أي مداومون على عبادتها


    وقال تعالى((... و المسجد الحرام الذي جعلناه للناس سواء العاكف فيه و الباد )).[16]


    العاكف : أي المقيم فيه و الملازم له .


    قال تعالى : (( قالوا نعبد أصناما فنظل لها عاكفين ))[17].


    عاكفين : أي ملازمين و مداومين على عبادتها .


    قال تعالى : (( و الهدي معكوفا أن يبلغ محِلَّه ..)).[18]


    معكوفا : أي محبوسا و مخصصا لفقراء الحرام .


    مشروعية الاعتكاف :


    اعلم أخي أن الاعتكاف مشروع بالكتاب و السنة و الإجماع :


    أمَّا الكتاب فقد سبق ذكر الآيات التي أشارت إلى ذلك .


    وأمَّا السنة فمنها :


    مارواه البخاري في صحيحه[19] ومسلم في صحيحه[20] وأبو داود في السنن[21] وابن ماجة في سننه[22] عن ابن عمر رضي الله عنهما : (أن رسول الله صلى الله عليه و سلم كان يعتكِف العشر الأواخر من رمضان ).


    ما رواه البخاري أيضا في صحيحه[23] و مسلم[24] وأبو داود[25] والترمذي[26] والنسائي[27] عن عائشة رضي الله عنها قالت : (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتَّى توفَّاه الله ثم اعتكف أزواجه من بعده ) .





    وما رواه مسلم[28] والنسائي في السنن[29]عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : (إنَّ رسول صلى الله عليه وسلم اعتكف العشرالأول من رمضان ثم اعتكف العشر الأوسط في قبة تركية على سدَّتها حصير… )[30].


    وما رواه البخاري[31] ومسلم[32] وأبو داود[33] والنسائي[34] وابن ماجة[35] عن عائشة رضي الله عنها قالت : (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اعتكف يدني إليَّ رأسه فأرجِّله وكان لا يدخل البيت إلا لحاجة الإنسان ).


    و أما الإجماع :


    ثبت عن غيرواحد من أهل العلم القول بالإجماع على مشروعية الاعتكاف و أن ذلك سنة غير واجب كما يأتي في حكمه .


    حكم الاعتكاف


    الاعتكاف سنَّة مسنونة عن النبي صلى الله عليه وسلم وليس ذلك بواجب و قد تركه جمع من الصحابة الأكابر كما نقل ذلك ابن قدامة[36] رحمه الله تعالى فقال :


    ويدل على أنه غير واجب أن الصحابة لم يعتكفوا ولاأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم به إلاَّ من أراده ، وقال صلى الله عليه وسلم :


    ( من أراد أن يعتكف ، فليعتكف العشر الأواخر )[37].


    وأما من نذر الاعتكاف فيلزمه الوفاء به ويكون واجبا عليه كما في صحيح البخاري[38] عن ابن عمر رضي الله عنهما أنَّ عمر رضي الله عنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم قال : (كنت نذرتُ في الجاهلية أن أعتكف ليلة في المسجد الحرام قال : أوف بنذرك ).


    وقال الحافظ في الفتح : و في رواية مسلم ( يوما ) بدل ( ليلة ) فجمع ابن حبان و غيره بين الروايتين بأنه نذر اعتكاف يوم و ليلة .[39]


    وسيأتي بيان ذلك في مبحث أقل ما يحصل به الاعتكاف ، و في اشتراط الصوم له إن شاء الله تعالى .


    الإجماع على استحبابه ووجوبه بالنذر


    قال ابن عبد البر : أجمع علماء المسلمين على أن الاعتكاف ليس بواجب وأن فاعله محمود عليه مأجور فيه.[40]





    وقال الإمام أحمد : لا أعلم عن أحد من العلماء خلافا أنه مسنون .[41]


    وقال القرطبي : أجمع العلماء على أنه ليس بواجب و هو قربة من القرب ونافلة من النوافل .[42]


    وقال النووي رحمه الله :وقدأجمع المسلمون علىاستحبابه وأنه ليس بواجب وقال أيضا : الاعتكاف سنة بالإجماع ولا يجب إلابالنذر بالإجماع.[43]


    وقال ابن المنذر رحمه الله : أجمعوا على أن الاعتكاف لا يجب على الناس فرضا إلا أن يوجبه المرء على نفسه فيجب عليه.[44]


    وقال أبو زرعة الرازي رحمه الله : فيه استحباب الاعتكاف في الجملة وهو مجمع عليه.[45]


    وقال ابن حجر رحمه الله : و ليس بواجب إجماعا إلا على من نذره.[46]

















    المبحث الثاني





    أحـكام الاعتكـاف و شروطه





    بما أنَّ الاعتكاف عبادة وقربة يقصِد بها صاحبُها الأجر والثواب وطهارة النفس وتهذيبها فلا يتناسب معها إلا بيت الله تعالى الذي هو المسجد الذي قال الله فيه (( إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر وأقام الصلاة وءاتى الزكاة ولم يخش إلا الله فعس أولئك أن يكونوا من المهتدين)) التوبة (آية 18)



    وقال (( في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدوِّ والأصال )) النور (آية 36)

    ومن هنا اختلف العلماء في بعض الشروط التي تتوقف عليها صحة هذه العبادة ومنها :
    1) المسجد :


    الأصل في الاعتكاف أن يكون في المسجد لقوله تعالى : ))ولا تباشروهن و أنتم عاكفون في المساجد(( .[47]


    وقد سبق قول صدِّيق حسن خان أنّ كونه لا يكون إلا في المسجد لأن ذلك هو معنى الاعتكاف شرعا إذ لا يسمَّى من اعتكف في غيره معتكفا شرعا.


    و في السنَّة بيان أن المسجد هو موضع الاعتكاف كما هو فعله صلى الله عليه وسلم في لزومه مسجده ، و ذِكر المسجد في الآية إنما ذُكِر في صيغة الحال المفيدة للثبوت و الدوام الذي يدل على لزومه في كلِّ الأحوال .


    و يمكن تعليل المسجد موضع الاعتكاف وشرطا ًله كما هوقول أكثر أهل العلم بل نقل بعضهم فيه الإجماع .


    قال ابن قدامة رحمه الله : و إنمااشترط ذلك لأن الجماعة واجبة واعتكاف الرجل في مسجد لاتقام فيه الجماعة يُفضي إلى أحد أمرين إما ترك الجماعة وإما خروجه إليها فيتكرر ذلك منه كثيرا مع إمكان التحرز منه ، وذلك مناف للاعتكاف إذ هو لزوم المعتكِف و الإقامة على طاعة الله فيه.[48]











    وفي اشتراط المسجد للاعتكاف نقل أهل العلم الإجماع على ذلك منها:


    قول ابن عبد البر : أجمعوا أن الاعتكاف لا يكون إلا في مسجد[49]، وقول ابن قدامة : لا يصح الاعتكاف في غير مسجد إذا كان المعتكِف رجلا لا نعلم في هذا بين أهل العلم خلافا[50]، وقول القرطبي : أجمع العلماء على أن الاعتكاف لا يكون إلا في المسجد[51] وقول الرملي : إنما يصح الاعتكاف في المسجد للإتباع لما رواه الشيخان و للإجماع .[52]


    وعن بعض المالكيةو الشافعية للرجل أن يعتكف في مسجد بيته هذا قول ضعيف يتعارض مع ظاهر الآية و فعله صلى الله عليه وسلم واتفاق أكثر العلماء .



    وليس في هذا القول ما ينقض الإجماع لأنَّ مسمىَّ المسجد هو المعتبر، وإنما خالف هؤلاء في جواز اتخاذ مسجد بالبيت والاعتكاف فيه ، وهذا خلاف نص الكتاب والسنة . والله أعلم
    ما هو المسجد الذي لا يتم الاعتكاف إلا فيه :


    اختلف المشترطون للمسجد الذي يكون فيه الاعتكاف إلى أقوال ذهب مالك و الشافعي و جمهورهم و أبو حنيفة إلى صحة الاعتكاف في كلِّ مسجد لعموم قوله تعالى : (( و أنتم عاكفون في المساجد ))


    و بهذا قال سعيد بن جبير و أبو قلابة و إبراهيم النخعي و أبو الأحوص و أبو سلمة بن عبد الرحمن و الشعبي .


    وذهب الإمام أحمد إلى أنه يختص بمسجد تقام فيه الجماعة الراتبة وبه قال أبو حنيفة و إسحاق و أبو ثور .


    لما روى الدارقطني عن جويبر عن الضحاك عن حذيفة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (كلُّ مسجد له مؤذن و إمام فالاعتكاف فيه يصلح).


    قال الدارقطني : الضحاك لم يسمع من حذيفة ، و قال النووي : جويبر ضعيف باتفاق أهل الحديث فهذا الحديث مرسل ضعيف لا يُحتج به .[53]


    قلت : بل الحديث ضعيف جدا جويبر هو ابن سعيد الأزدي أبوالقاسم البلخي نزيل الكوفة راوي التفسير ضعيف جدا .[54]


    و الحديث ذكره الشيخ الألباني رحمه الله في ضعيف الجامع[55] و قال : موضوع.


    و قال الزهري و الحَكَم و حمَّاد لا يصح إلا في الجامع و هو مروي عن علي[56] و عائشة و أبي جعفر و عروة بن الزبير و غيرهم و هي رواية عن مالك .


    وحديث عائشة رضي الله عنها أخرجه الشيخان و البيهقي في السنن أنها قالت : (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتَّى توفاه الله ثم اعتكف أزواجه من بعده ) .


    ثم زاد البيهقي[57] زيادة من قولها ( و السنة في المعتكِف ألا يخرج إلا للحاجة التي لا بد منها ولا يعود مريضا ولا يمسَّ امرأة ولا يباشرها ولا اعتكاف إلا في مسجد جماعة ، و السنة فيمن اعتكف أن يصوم ) .


    قال الألباني رحمه الله : إسناده صحيح .[58]


    و قال أبو داود : غير عبد الرحمن (أي ابن إسحاق ) لا يقول فيه : قالت السنة .


    قال الألباني : رواية ابن جريج و عقيل عند البيهقي في معنى رواية عبد الرحمن و اتفاق هؤلاء الثقات الثلاث على جعله من الحديث يرد دعوى الإدراج .[59]


    و ذهب قوم إلى أنّ الآية خرجت على نوع من المساجد وإن كان لفظها العموم فقالوا: لا اعتكاف إلا في مسجد نبي كالمسجد الحرام، أو مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم أو مسجد بيت المقدس لا غير، وروي هذا القول عن حذيفة بن اليمان وسعيد بن المسيب ومن حجتهم أنّ الآية نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم وهو معتكف في مسجده في ما بناه نبي …اهـ[60]


    و عن عطاء أنه لا يعتكف إلا في مسجد مكة و المدينة.


    و إلى اختصاص الاعتكاف بالمساجد الثلاثة ذهب الشيخ الألباني رحمه الله لما أخرجه البيهقي في السنن[61] والإسماعيلي في المعجم[62] كلاهما عن سفيان بن عيينة عن جامع بن أبي شداد عن أبي وائل قال : قال حذيفة لعبد الله


    ( يعني ابن مسعود) قوم عكوف بين دارك و دار أبي موسى لا تغير ( وفي رواية لا تنهاهم) و قد علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لا اعتكاف إلا في المساجد الثلاثة ، فقال عبد الله: لعلّك نسيت و حفظوا أو أخطأت و أصابوا.


    قلت: وقد أورد هذا الحديث الشوكاني[63] و ابن حزم[64] من طريق سعيد بن منصور و فيها زيادة ( أوقال في مسجد جماعة) وأعلاّ الحديث بهذا الشك.


    و تعقبهما الشيخ الألباني رحمه الله بأنّ جميع الرواة عن ابن عيينة رووه مرفوعا دون شك وهم: محمد بن الفرج عند الإسماعيلي، ومحمود بن آدم المروزي عند البيهقي، وهشام بن عمار عند الطحاوي في المشكل[65]


    غير أن الطحاوي ادعى نسخه وسعيد بن عبد الرحمن وعمر بن أبي عمر و هما ثقتان عند الفاكهي في أخبار مكة.[66]


    ثم قال رحمه الله: فاتفاق هؤلاء الثقات الخمسة على رفع الحديث دون تردد فيه لبرهان قاطع على أنّ الحديث من قوله صلى الله عليه وسلم وأنّ تردد سعيد بن منصور في رفعه لا يؤثر في صحته .اهـ بتصرف.[67]


    ووجه آخررُجح به الحديث: وهو أن الآية عامة و الحديث خاص ومقتضى الأصول أن يحمل العام على الخاص فيكون الحديث مخصِّص للآية ومبيّن لها.


    وقد وافق دلالة الحديث ما رواه ابن أبي شيبة وابن حزم بسند صحيح عن سعيد بن المسيب أنه قال: لا اعتكاف إلا في مسجد نبي.[68]


    و لما كان الوقوف على ما ثبتت به السنة الصحيحة هو السبيل الوحيد للنجاة لأنه لا مجال للاجتهاد عند ورود النص و المؤمن متعبد بمتابعة السنة. قال الشافعي رحمه الله : أجمع المسلمون على أن من استبانت له سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن له أن يدعها لقول أحد من الناس:


    دعوا كل قول عند قول محمد فما آمن في دينه كمخاطر


    و قال ابن عبد البر رحمه الله: أجمع الناس على أن المقلّد ليس معدودا من أهل العلم، وأنّ العلم معرفة الحق بدليل.


    و ثبت عن الأئمة جميعا رحمهم الله القول بتقديم الحديث إذا صحّ عن قولهم كما في قول الشافعي رحمه الله: "إذا صحّ الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم و قلت أنا قولا فأنا راجع عن قولي و قائل بذلك الحديث." و على هذا يكون قولهم أنه لم يثبت أولم يرد شيء صريح صحيح في تعيين المساجد المعتَكف فيها بعد ثبوت الحديث و صحته مانع من نسبة القول إليه.


    وبما أنّ الحديث قد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم فلايجوز الإنكارعلى من ذهب إلى القول به وامتنع من الاعتكاف في غير المساجد الثلاثة .


    أمامن لم يشترط المساجد الثلاثة فيمكن التوفيق بين أقوالهم بأن يقال: إنه يجوز الاعتكاف في كلِّ مسجد إلا من تلزمه الجمعة فيتعين الجامع .


    كما قال ابن جزِّي من المالكية : فإن نوى اعتكاف مدة يتعين عليه إتيان الجمعة في أثنائها تعيَّن الجامع لأنه إن خرج إلى الجمعة بطل اعتكافه خلافا لأبي حنيفة و ابن الماجشون . اهـ[69]


    و في مقدمات ابن رشد[70] قال : ذهب مالك رحمه الله في المشهور عنه أن الاعتكاف يصح في كل مسجد و أنه لا بأس بالاعتكاف في مسجد لا تجمع فيه الجمعة إذا كان ممَّن لا تلزمه الجمعة أو بموضع لا يلزمه منه الإتيان إلى الجمعة أو كان لا تدركه الجمعة باعتكافه لظاهر قول الله تعالى : (( و أنتم عاكفون في المساجد )) إذ عمَّها ولم يخص منها شيئا دون شيء .[71]






    [1] سورة البقرة آية 187


    [2] تهذيب الأسماء و اللغات 2/35 عكف.


    [3] شرح السنة 3/549


    [4] المُغرِّب ص 324


    [5] قاله القرطبي في المفهم : 3/240


    [6] الفتح 4/271


    [7] معجم مفردات ألفاظ القرآن ص355


    [8] السيل الجرار 2/136


    [9] الروضة الندية 1/350


    [10] سورة البقرة آية 125


    [11] سورة البقرة آية 187


    [12] سورة الأعراف آية 138


    [13] سورة طه آية 91


    [14] سورة طه آية 97


    [15] سورة الأنبياء آية 52


    [16] سورة الحج آية 22


    [17] سورة الشعراء آية 87


    [18] سورة الفتح آية 25


    [19] رقم 2025


    [20] رقم 1171


    [21] رقم 2465


    [22] رقم 1773


    [23] رقم 2026


    [24] رقم 1172


    [25] رقم 2462


    [26] رقم 790


    [27] 2/44


    [28] 1167


    [29] 3/79


    [30] و أخرجه البخاري (2027) بنحوه


    [31] 2029


    [32] 297


    [33] 2468


    [34] 1/193


    [35] 1776


    [36] المغني 4/456


    [37] أخرجه البخاري ( 2032) و مسلم ( 1167) و مالك في الموطأ ( 1/319) عن أبي سعيد الخدري ، و لفظه عند البخاري و مالك (من كان اعتكف معي ، فليعتكف العشر الأواخر …..) و عند مسلم ( فمن أحب منكم أن يعتكف فليعتكف ، فاعتكف الناس معه )


    [38] 2032


    [39] 4/274


    [40] التمهيد 23/52


    [41] نقلا من الفتح 4/272


    [42] جامع الأحكام 1/369ـ373


    [43] شرح مسلم 8/67 ، المجموع 6/501


    [44] الإجماع 47


    [45] طرح التثريب 4/167


    [46] الفتح 4/271


    [47] سورة البقرة آية 187


    [48] المغني 4/461


    [49] الاستذكار 10/273


    [50] المغني 4/461


    [51] جامع الأحكام الفقهية 1/370


    [52] نهاية المحتاج 3/215


    [53] المجموع 6/483


    [54] التقريب 987


    [55] 4250


    [56] أخرجه عبد الرزاق في المصنف ( 8009) و ابن أبي شيبة في مصنفه (9670) و لفظه لا اعتكاف إلا في مصر جامع


    [57] 4/315


    [58] أخرجه أبو داود ( أي الزيادة ) رقم 2473 من طريق عبد الرحمن بن إسحاق عن الزهري به ، قال الألباني : إسناده جيد .


    [59] إرواء الغليل 4/140 بتصرف


    [60] قاله ابن عبد البر في التمهيد 8/325


    [61] 4/316


    [62] 2/112


    [63] نيل الأوطار 4/301


    [64] المحلى 5/195


    [65] 4/20


    [66] 2/149/13349


    [67] السلسلة الصحيحة رقم 2786


    [68] بقية الكلام عن هذا الحديث في المصدر السابق.


    [69] نقلا من كتاب أسهل المدارك شرح إرشاد السالك 1/435


    [70] 5/123


    [71] المدونة الكبرى 1/298

      الوقت/التاريخ الآن هو الجمعة نوفمبر 22, 2024 1:38 am